كنا منذ الصغر متلهفين للغاية لسماع قصص جزر الواق واق التي تنتمي الى عالم الأساطير فليس ثابتاً لدى المؤرخين وجودها الفعلي ، ولكني وجدت احداثاً ربما تقودنا لرحلة البحث عن هذه الجزر ،فهي أحداث واق واق والعملاق، فمع كل قصة عن حكم الجزر وملوكها وأبطالها وجميلاتها تسرح أفكارنا ونتأمل ونتصور أن عدلاً سيسود وظلماً سيُمحق وتنتهي الدكتاتورية ويسود السلام وينعم الشعب بحياة كريمة مرفّهة. كانت أحلام نهرب فيها من الواقع المؤلم وتعاسة الفقر والخنقة المزمنة التي رافقتْ سكان جزر الواق واق، وسقط نظام الدكتاتور ومن كان يعيش الأمل فرح ورقص طرباً وهو ينتظر ساعة التغيير التي ستنطلق معلنةً عن بداية عهدٍ جديدٍ لا حروب فيه ولا قهر ولا تعسّف وفيه تجد الأجيال الحرية والديمقراطية والتقدم وتعيش في دولة مستقرة المؤسسات ووطن تعود فيه الحضارة من جديد وتزدهر المدنية ،لتأتي دوامة حروب أهلية وطائفية وفساد يتجذّر وتتحول الأمور الى فوضى تزحف بقوة ودهاء نحو الدولة لتبتلعها عبر نشاط عصابات حزبية وصلات خارجية مشبوهة مع توجيهات واملاءات، كل هذا والأمل لازال موجوداً في جزر الواق واق، ويتجدد مع كل تحرك وطني مخلص، ومع كل انفراج دولي ممكن أن يؤدي الى استقامة الدولة وتخلصها من طفيليات السلطة وأمراضها التي بدتْ مزمنة بعد أن تأسست  أحزابها على الرذيلة وغدت (لجانها الإقتصادية ) تستنزف خزينة الدولة ومواردها ،وتعانق منهج الفساد المقصود بحميمية مع منهج سوء الإدارة ، و لاسيما مع تمسك أحزاب الجزيرة بمصالحهم ومناصبهم وامتيازاتهم وحبهم للسلطة في قالب أصبح مع الأسف يحتاج الى إصلاح جذري واسع ،وهو قالب الديمقراطية، الذي يشكل البرلمان فيه أحد أهم أدواته، ونفهم أن قوانينها وتشريعاتها تمر عبره ،وهو يصحح ويعدّل قوانين مجلس قيادة دولة جزر الواق واق السابقة وتعليماته وتوجهاته، ويضيف ويشرع الجديد، ولا نبخس ما صدر من صالحها وأصبح مفيداً لصالح الشعب الذي بدأ يدرك مع تنامي الأجيال وظهور الجديد منها، أن رغباته حتى وإنْ كانت بعيدة المنال ستتحقق بالضغط والإلحاح ،ما أخّل بميزان التوازن بين الرغبات والمطالب غير المحدودة وبين إمكانيات الدولة ، ولأنّ عصابات السلطة ترغب باتباع سياسة الإرضاء لجماهيرها في ظل المحاصصة الطائفية والقومية، بدأت تُشرع ما يمكّن القانون من سوء الإدارة والأمثلة عديدة وتدل على تناقضات مستمرة ؛بسبب معارضة متهورة انتهازية مبتزة، واستجابات مضطربة مشوشة وقعتْ تحت ضغط الجماهير وإعلامها المفتوح ووسائل التواصل الإجتماعي ، إنتهت بسيادة سياسة الإرضاء وانتشارها لتصبح منهج عمل حزبي، فقد صرح أحد برلمانيي جزر الواق واق ، ما مفاده (الله يعين من سيستلم الحكم بعد الانتخابات؛ لأنّ الخزينة أصبحت شبه خاوية)، ففضلاً عن الفساد ،هو ما أدتْ له سياسة الارضاء من سوء إدارة موارد حيث التعينات بالجملة تحت عنوان امتصاص البطالة وبلا تخطيط وسوء توزيع ليتكدس الموظفون في الدوائر وتحلّ المشكلات وتُنهك خزينة الدولة بسلسلة مرتبات وحوافز كبيرة كان من المفروض أن تُصنع لها فرض استثمارات كبيرة من أجل استيعابها ، ومن سوء الإدارة إطلاق الشهادات وتوسيع رقعة الحصول عليها من مصادر سهلة وغير موثوقة وهذا ضغط على الخزينة لما تقوده من زيادة مرتبات ، ثم تصدر مجموعة قرارات تتعلق بالانتقال إلى سياسة الخصخصة وبطريقة ملتوية تُسيطر عصابات الأحزاب على موارد الدولة و أراضيها لتخلق شعور لدى الشعب أنه محكوم بسياسة نهب وسلب، ليصبح الناس على دين عصاباتهم ،ويمارسون التجاوز من دون قوانين رادعة وهكذا هو حال جزر والواق واق وأكثر من ذلك .