الأحد 2025/6/15 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 46.95 مئويـة
نيوز بار
قضية المرأة تحتاج إلى المرأة
قضية المرأة تحتاج إلى المرأة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب دكتورة لمياء
النـص :

 

 

قضية المرأة وحقوقها المسلوبة تشغل بال المرأة منذ عقود خلت. تصرخ مطالبة بالمساواة مع الرجل، وأن يتمَّ التعامل معها كإنسان كامل في المجتمع. ووقفت مطالبة بذلك في البرلمانات والجمعيات النسوية وعلى جميع المنصات، تريد حقها في المساهمة معه في المجتمع وبناء الحضارة. ولكنها لم تعِ إلى الآن أن الرجل لم يسلبها حقها في الحياة بشكل كامل، بل أنتِ أيتها المرأة، أنتِ يا أختي ويا أمي ويا ابنتي من سلَّمتِ الرجل حقوقكِ وقمتِ بمساعدته على ذلك.عندما أسمع مقولة إن المرأة نصف المجتمع، دائمًا أرد على قائلها بأن المرأة هي كل المجتمع وليست نصفه، فهي وإن كانت نصفه عددًا، إلا أنها تقوم بتربية النصف الآخر، وزرع قيمها ومعتقداتها فيه. فالمجتمع كله من صنع المرأة، فهي من تربي الرجل الذي تتهمه فيما بعد بأنه هو من سلبها حقوقها. هي نفسها من تزرع فيه ازدراءها، وهي من تقوم بالتفرقة بين أولادها، وتعطي للذكر صلاحيات داخل أسرتها تفوق ما تعطيه لابنتها، ثم يكبر وأناه متضخمة، فلا يحترم أخته، ولا زميلته، ولا زوجته، ولا حتى أمه، لأنه يراهن أقل منه درجة.أنتِ، أيتها المرأة، من تزرعين في ابنتكِ أنها مكسورة الجناح، ولابد لها من ظل حيطة، وأنها غير قادرة بذاتها على خوض غمار الحياة وتحقيق النجاح، وليس لها قيمة في الحياة دون أن تكون زوجة أو أمًّا لأولاد، وإذا لم يسعفها الحظ بالزواج أو الإنجاب، تصبح حياتها عبثًا في عبث. أليس هذا فعلكِ يا أختي ويا أمي ويا ابنتي؟وأنتِ، أيتها المرأة، كيف تتعاملين مع امرأة مثلك في العمل أو المنزل أو في الجامعة؟ هناك آلاف الأمثلة التي حدث فيها، ولا حرج عن خذلان المرأة لأختها، وكتب التاريخ زاخرة بقصص كيد النساء لبعضهن البعض، إما لتفوقهن العملي أو العلمي أو الاقتصادي أو الحب أو الجمال. فثقافة الاختلاف عند النساء هي فرصة لإثارة الفتنة بينهن، حيث تنصب المرأة نفسها قاضيًا، وتفتش عن عيوب الأخريات، وتنظر إليهن نظرة دونية.وقد رأيتُ بأم عيني أمثلة يندى لها الجبين خجلًا عن معاملة المرأة تجاه أختها، سواء في العمل أو الدراسة، لدرجة أن بعضهن يفضلن التعامل والتعاون مع زميلهن الرجل عن زميلتهن، أما المجالس النسائية، فغالبًا يكون هناك اثنتان تتنافسان في إثبات تفوقهن على بعضهن كلامًا أو فعلًا، أو يكون محور الحديث امرأة أخرى يتم التنكيل بها لنقص في دينها أو تمردها على العادات والتقاليد. وعندما تبحث في جرائم الشرف، بالرغم من أن الفاعل رجل، لكن المحرض امرأة من بعيد أو قريب، بقصد أو بدون قصد.كل هذا من صنعكِ أنتِ يا أختي، ثم بعد ذلك تقفين صارخة في وجه الرجل متهمة إياه بظلمكِ وبسلبكِ حقوقكِ التي أعطيتِها له عن طيب خاطر. قضية المرأة تحتاج إلى المرأة قبل احتياجها للرجل، فلا بد من تثقيف النساء، وخصوصًا ربات البيوت، وجعل لهن ورش عمل لبناء الثقة في ذواتهن، ومعرفة حقوقهن وطرق تربية أولادهن، لقطع شوط كبير في نجاح هذه القضية، لأنه خلال عشرين عامًا فقط، سوف يكون لدينا شباب وشابات ليسوا في حاجة لأن يعلمهم أحد حقوق كل طرف، لأن أمهاتهم غرسنها فيهم وهم أطفال.وكذلك تثقيف النساء على كيفية احترام بعضهن البعض، والثقة في قدراتهن، لأن أغلب التجمعات النسائية البحتة، مثل حزب أو فريق عمل، لا تنجح، وهو أمر شائع، لأن ثقة المرأة بالمرأة ليست بالمقدار المطلوب. يجب أن تعلم المرأة أن أي تعاون مع أختها يصب في مصلحة قضية حقوق المرأة. لقد ظننتِ، يا أختي، أن الرجل هو من يتحكم في زمام الأمور، لكنكِ أنتِ من دفنتِ نفسكِ بنفسكِ، أنتِ من أبيتِ أن تتحرري، أنتِ من سمحتِ بإعادة الكرة، فخلقتِ جيلًا جديدًا يشبهكِ تمامًا، أنتِ من صنع المجتمع، وخلقتِ العادات والتقاليد التي تأنين منها اليوم.النساء في الشرق الأوسط يعيشن معاناة حقيقية، وهمومًا واحدة، ومصائر متشابهة تحت العادات والتقاليد البالية التي تهمش دورهن، وتستحقر إنجازاتهن. وغالبية النساء يحملن هذه الأفكار والمعتقدات العقيمة، ويحاربن بنات جنسهن بدلًا من مساندتهن، والإيمان بأن المرأة كيان مستقل بذاته، لا يحتاج إلى وصاية تعيق تطوره.يجب عليكِ، يا أختي، المساندة والتعاطف ودعم بعضكن البعض، سواء في المنزل أو العمل أو المجتمع. يجب عدم التدخل في شؤون النساء الأخريات، وخصوصًا حياتهن الخاصة، وعدم طرح الأسئلة العقيمة عليهن، مثل: متى ستتزوجين؟ متى ستنجبين؟ يجب عدم إطلاق الأحكام على بعضكن البعض، والكف عن توجيه الانتقادات، واحترام ثقافة الاختلاف، وعدم التقليل من شأن النساء الأخريات، أو تشويه سمعتهن، واحترام ما يتخذن من قرارات، وألا يخدعن أو يغتبن بعضهن البعض، فالنميمة والسخرية والخداع من أسوأ الأشياء التي يمكنكِ فعلها تجاه شخص.كما يجب تقدير النساء الناجحات لدعمهن في مزيد من التقدم والتطور، فكل ذلك سيساعد على إحداث التغيير اللازم لدعم قضية المرأة.وفي نهاية مقالي، فإن مساعدة المرأة على النهوض وأداء دورها، وثقتها في نفسها، سيساهم في نهضة المجتمع ككل، وسيكون لدينا مجتمع متكامل، يدعم بعضه بعضًا، لأن المرأة ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع كله.وقد حققت النساء في البلاد المتقدمة دورًا ناجحًا، سواء في البيت أو في العمل المجتمعي، وقد حان الأوان لأن نزيد من العمل على حساب القول، لكي لا نتساءل مجددًا: لماذا تقدم غيرنا وتأخرنا نحن؟

المشـاهدات 31   تاريخ الإضافـة 14/06/2025   رقم المحتوى 63896
أضف تقييـم