الإثنين 2025/6/16 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 40.95 مئويـة
نيوز بار
قدسية نظام الجلسة في المحاكم
قدسية نظام الجلسة في المحاكم
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.عماد يوسف خورشيد
النـص :

 

الثابت أن السلطة القضائية هي الميدان الحيوي لحماية الحقوق والحريات للناس، والأخيرة مكفولة في الدستور العراقي والقوانين النافذة؛ لذا تمثل الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم رقي المجتمع ومرآته، ومظهرًا لتقدم الدولة في حفظ الحقوق والحريات. وكيف لا وهي السلطة التي تضع موازين الحق في مرافعةٍ تظهر هيبتها وقدسيتها لتجسيد كلمة العدل في الأحكام التي تصدرها بين أطراف الدعوى، وصولًا إلى إعطاء كل ذي حق حقه.ولتـنظيم سماع أطراف الخصومة في المحاكم، أصدر المشرع العراقي قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل النافذ. ومما نتوقف عنده في هذا المقام موضوع نظام الجلسة لسماع مرافعة أطراف الدعوى والتي نظمتها المواد (58- 65)، تحديدًا المادة 63 والتي نصت على أنه "ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها". ومن صور تطبيقها: أن بدأ الكلام يكون وفق أصول القانون، فالأول يكون المدعي، والثاني المدعى عليه. وكذلك شكلية تقديم الطلبات من أطراف الدعوى، وعدم السماح بإحداث فوضى داخل جلسة المحكمة أثناء المرافعة، ولا يسمح أن يتكلم أحد من تلقاء نفسه إلا بإذن رئيس الجلسة...الخ.ومما نقف عنده في هذا المقام، واقعة تظهر مدى قدسية نظام الجلسة في المحاكم، والتي نرتأي ذكرها على النحو الآتي:في إحدى قاعات محاكم البداءة في رئاسة استئناف نينوى الاتحادية في حدود عام 2000، عُقدت الجلسة برئاسة القاضي الشهيد المرحوم يوسف خورشيد غائب، وبعد البدء بسماع أطراف الدعوى وسير الإجراءات وفق الأصول القانونية المقررة، إذ برئيس محكمة الاستئناف وبصحبة وزير العدل المحترمين واقفين أمام الباب، وقال رئيس الاستئناف: أستاذ يوسف، سلام عليكم- أراد بهذا إعلام القاضي بقدوم الوزير- نظر القاضي إليهم وأومأ إليهم، مشيرًا وقاصدًا أني رأيتكم. استمر القاضي في إدارة الجلسة بحسب الأصول. كرر رئيس الاستئناف الكلام؛ لكن الوزير قال: استمر سيد القاضي ودخلا يستمعان إلى المرافعة حتى أخذت وقتها الكامل. وبعد ختام المرافعة، جاء القاضي إلى رئيس الاستئناف ووزير العدل ورحب بهما وقال: أرجو المعذرة معالي الوزير، تعلمنا من القانون وحضرتكم أن لنظام الجلسة قدسية لا يجوز المساس بها، وتكمن حرمتها في عدم الخروج عن سياق الجلسة وإعطاء كل ذي حق حقه؛ ولهذا السبب لم اقطع الجلسة. قال الوزير: أحسنت سيد القاضي ونحن فخورون بأن لدينا قضاة في السلطة القضائية لديهم هذه القيم ويتحملون مسؤولية القضاء، بارك الله بك. ونحن جئنا لرؤية سير الأعمال في المحاكم وليس لتعطيلها. وفي عام 2001 تم تكريم القاضي يوسف خورشيد مع نخبة من القضاة في مبنى وزارة العدل/ الصالحية، بوصفهم أفضل قضاة من حيث النزاهة والانضباط الوظيفي، وحسن السمعة والسيرة.حاصل الكلام: ان إعطاء الحقوق عندما أوكلت إلى السلطة القضائية والمتمثلة بالمحاكم فهذا عبء كبير ومسؤولية شاقة تقع على عاتق القاضي والمحكمة على حد السواء، وتنظيم سماع الأطراف لا يمكن أن يُترك وفق أهواء الناس التي تتغير حسب تغير الزمن، ولكن لا بد من وضع قواعد قانونية وهو ما فعله قانون المرافعات المدنية، ولفهم تطبيق مواده يتوجب معرفة صور تطبيقه من القضاة وتثبيت التجارب التي مروا بها، وهي أعراف قضائية ودرر نفيسة الاعتناء بها ضرورة لحفظ حقوق الناس، وكانت تجربة القاضي المرحوم يوسف خورشيد صورة عملية في إظهار قدسية المرافعة مع حفظ مقام معالي الوزير ورئيس محكمة الاستئناف المحترمين، وصولَا لغايته حفظ النظام العام في الجلسة خدمة للإنسانية.

المشـاهدات 53   تاريخ الإضافـة 16/06/2025   رقم المحتوى 63929
أضف تقييـم