الأربعاء 2025/7/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 40.95 مئويـة
نيوز بار
حجاب المرأة المسلمة: نظرة جديدة
حجاب المرأة المسلمة: نظرة جديدة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي الشرع
النـص :

 

 

 

من الفروض الواجبة على المرأة المسلمة هو أن تستر بدنها ورأسها عدا وجهها ويديها (كل هذا يسمى الحجاب وليس غطاء الرأس وحده يمثل الحجاب الشرعي كما هو السائد حالياً)، ولكن هذا الحجاب ناقص مالم تتقيد بعدم اظهار زينتها على الوجه والكفين كوضع المكياج على الوجه او طلاء الاظافر امام فئات من الاشخاص غير مذكورة في سورة النور، وسنطلق على الحجاب مع عدم وضع المكياج على الوجه وطلاء الاظافر بـ (الحجاب الكامل)، اما مع وضعهما فلنطلق عليه بـ (الحجاب الناقص (او الهجين)). فالحجاب الهجين لا يكفي لتكون المرأة مشمولة بالخطاب القرآني (قل للمؤمنات...) مالم تكن ملتزمة بالحجاب الكامل جنباً الى جنب مع عوامل أخرى كغض البصر وغيره. وبموجب ذلك، لا فرق اذا ما تمت مخالفة شروط الحجاب الكامل بين امرأة وضعت المكياج على وجهها او صبغت اظافرها وارتدت الحجاب، وبين اخرى لم ترتدي الحجاب ولم تضع الطلاء على وجهها او اظافرها، فهنّ سواسية في هذين الوضعين، فليس هناك تجزئة او اختيار حر في مفردات الحجاب كما تظن اكثر النساء. والربط في الخطاب القرآني الموجّه للمرأة بين الحجاب وصفة المؤمنة نكتشف هدفه من خلال افتتاحية سورة النور في القرآن وتركيزها على منع إشاعة الفاحشة في المجتمع التي يكون منطلقها اثارة المرأة للرجل وما يتبعه ذلك من الوقوع المحتمل في العلاقة غير الشرعية. فحتى يبقى المجتمع طاهراً لابد من ضمان طهارة المرأة اولاً لكون المرأة هي التي تحمل الطفل وهي التي تربيه في نفس الوقت لا الرجل. فالمرأة محورية في المجتمع واكثر أهمية من الرجل في نظر القرآن ولهذا يجري التركيز عليها لا انها الطرف الأضعف او ان الإسلام لا يولي أهمية لعقلها كما يتصور البعض او أن الإسلام او الفقهاء يتحيزون للمجتمع الذكوري. ولأهميتها افرد القرآن لها سورة خاصة سماها سورة النساء ولم يفعل ذلك للرجال. وما وجود (نسائهن) في الفئات المحددة المذكورة في سورة النور ممن سمح لهم الاطلاع على زينة المرأة (وهو يشير الى النساء المقربات جدا منها) الا دليل على ذلك حيث يجري العمل على تعويدها على الحياء من خلال تقييد كشف نفسها امام حتى النساء غير القريبات لها. والاهتمام بجانب المرأة لا يعني اهمال الرجل فقد وضعت الاية الخاصة المتعلقة به في سورة النور (قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم...) قبل الاية المتعلقة بالمرأة، فالمسؤولية تقع على الرجل أولاً، وعليهما بشكل مشترك في المقام الثاني. فلا ينبغي للرجل ان يبحلق حتى في المرأة المحجبة، واذا فعل ذلك فلا يعتبر -في تلك اللحظة المريضة- من المؤمنين، ولا ينبغي للمرأة ان تسمح ان تلمسها جميع العيون اذا ما ظهرت في  الشارع او موقع العمل او المؤسسات التعليمية وكأنها عروس، فتكون متاحة للجميع كالبضاعة عندما لا تكون ملتزمة بالحجاب الكامل. مع العلم ان أسلوب غض البصر هو اكثر فاعلية من ارتداء الحجاب لو تم الالتزام به، ولكن ضم حجاب المرأة معه يعني انه ليس هناك ضماناً للالتزام به ليس من طرف المرأة -لأن المرأة لا تنظر الى كل رجل -لكن المشكلة هي في الرجل الذي ينظر الى كل انثى. والحل هو في كبح الرجل وصدّ عيونه عنها من خلال وضع الحجاب على رأسها وستر باقي بدنها عدا الوجه والكفين (طبعاً من دون وضع زينة عليها). والسؤال هو: هل يمنع الحجاب المرأة من الوقوع في الخطأ؟ الجواب هو ان الغاية من فرض الحجاب هو الحد من وقوع الرجل في الخطأ، وليس المرأة. فالمرأة لا تطلب الرجل عادة بل الرجل هو الذي يطلبها، فليست الغاية من ارتداء الحجاب هو حماية المرأة من الوقوع في الخطأ كما قد يرد على بعض الاذهان بل لحمايتها وصيانتها من التعدي عليها حتى من العيون المتطفلة وهو يشبه في هذا الحال بناء السياج حول البيت؛ كما ان عاملا واحدا لا يمكن ان يحدد اتجاه سلوك الفرد الذي يتشكل من عوامل عدة تؤثر عليه من قبيل عقيدته وثقافته وعمره وبيئته الاجتماعية والمادية. وقد يكون ارتداء الحجاب بمثابة وسيلة لتذكير الرجل والمرأة على حد سواء كي يغضا البصر، وقد قمت بسؤال بعض النساء والرجال حول دور التذكير هذا الذي يقوم به الحجاب فأجابوا بالإيجاب. والمثير في الامر هو أن هناك هجمة متواصلة ضد الحجاب تأتي من جهتين احدهما يقول انه لا يوجد اثبات في القرآن يدل بشكل صريح ان الحجاب مفروض على المرأة، اما من الجهة الثانية فيركز على تقييد حرية المرأة في اختيار ملابسها الشخصية وهو ما يمكن اعتباره -من وجهة نظرهم- تحيز عنصري ضدها. ولو دققنا الاعتراضين لوجدنا ان كلاهما يؤديان الى نفس المسار وهو فصل المرأة عن الالتزام الديني تدريجياً، على الرغم من ان الحجاب لا يمثل كل الدين، ولكن الثورة على الدين تبدأ من هذه النقطة وكأنها ثغرة لدى المرأة يتسلل منها ويستغلها المنكرين للدين ووجود الله تعالى. وكي يبلغ المغرضون هذا الهدف، فقد صار الحجاب مصدراً للتشويش على أبناء المجتمع الإسلامي أينما حلوا وارتحلوا، وقاد ذلك الى انشغال الكتّاب في الدفاع عن شرعيته والبحث الدائم عن طرق اثباته. ويحاول هذا المقال تثبيت الصورة المشوشة عند المرأة المسلمة نفسها او التي قد تتشوش عندها او عند غيرها من غير المسلمات بسبب الهجمة الشرسة على الحجاب من جهات تخاف على قيمها الحضارية من الانحسار والتبدل في ظل تمدد الإسلام الذي تحتل فيه كرامة الانسان أولوية وأهمية كبرى قياساً بالتشريعات الوضعية حيث ان هذا الحجاب يثير فضول وتساؤلات المرأة الغربية عن سبب تمسك المرأة المسلمة به بعد التطور العام في الحياة المدنية للبشرية واتصالها ببعضها البعض، فيدفعها للبحث عن اهدافه في التشريع الإسلامي، فتتعرف على حقيقة الإسلام، وهذا ما يخشونه. وبالتأكيد سوف لن ندخل في تفاصيل اثبات فرض الحجاب من خلال القرآن والسُّنة، فهذا عمل المختصين بالعلوم الدينية، بل سنلجأ الى أسلوب اخر في الاثبات ينطلق من التطبيقات باعتبار أن التطبيقات هي مرآة للتشريعات متشبثين بحقيقة ان من غير المعقول ان يجمع الناس كلهم على امر واحد في نفس الوقت من دون ان تخالف ولو مجموعة واحدة من الناس هذا الامر (الخلافات الفقهية بين المذاهب الإسلامية مثال على ذلك). والتطبيق البارز الذي يتكرر كل يوم خمس مرات هو أداء الصلاة، فالمرأة لا تؤديها الا اذا كانت مرتدية الحجاب كشرط في قبولها حتى لو كانت بمفردها بعيدة عن انظار حتى المشمولين في سورة النور، وهذا معمول به في زمن النبي صلوات الله عليه واله، وقبل زمن ظهور الفقهاء. ومن غير المعقول ان يفرض على المرأة ان ترتدي المرأة الحجاب في وقت الصلاة فقط وكأنها تتغطى من الله تعالى خالقها الذي يعلم السر والخفيات ولا يحجب عنه شيء! ولو كان التستر في الصلاة واجباً لفرض على الرجل الحجاب أيضا بنفس الصورة الذي ترتديه به المرأة؛ لأنه يصبح شرطاً للصلاة يخص الجميع، ولا يمكن ان يعد ذلك بالطبع عنصرية ضدها او تقييد لحريتها اثناء أداء العبادة. ولكن فرضه على المرأة فقط دون الرجل لابد له من غاية، وتنكشف هذه الغاية اذا كانت أداء العبادات لها صلة من طرف بالله تعالى، ومن طرف اخر بالمجتمع (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). فاذا لم تنكشف المرأة -حتى اذا كانت لوحدها او امام زوجها وابوها واخوها وابنها-في أداء الصلاة فذلك يظهر وكأنه تدريب لها لمهمة أوسع نطاقاً عندما تمارس حياتها في المجتمع وامام رجال أجانب عنها (مع اخرين محددين في سورة النور). فاذا ارادوها ان لا ترتدي الحجاب فلن ترتديه ضمناً في جميع الأحوال حتى في الصلاة، ويكون الغرض من الحملة ضد الحجاب واضح. واذا كان هذا الدليل يحتاج الى دعم من ممارسة اخرى بلزوم الحجاب خارج الصلاة -وليس في الصلاة فقط -من زمن الرسول (صلوات الله عليه واله) فهو ما ورد من إشارة واضحة لا لبس فيها في خطبة السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب عليهم السلام -وهي من اهل البيت عليهم السلام- في مجلس يزيد حينما اخذوا عائلة الحسين عليه اسرى بعد واقعة كربلاء فقالت (أَمِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَسَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا؟؟ قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ يَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَيَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْغَائِبُ وَالشَّهِيدُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالدَّنِيُّ وَالرَّفِيعُ). وأبديت وجوهن في الكلام السابق يعني ان الحجاب الكامل لا زالت ترتديه هي والنساء معها، ولو كان الحجاب كله تم اسقاطه وسلبه منهن لكان ذكره أولى، ولأخبرته أنك خالفت الدين بذلك، فهي تستعظم اظهار وجوه بنات النبي صلوات الله عليه واله كونهن يسترنه ايضاً، وهو تستر زائد على الحجاب الواجب بالطبع. ولوكان ارتداء الحجاب اختيارياً لا واجباً لما استعظمت زينب عليه السلام ابداء الوجه للناس.اما كون الحجاب فيه نوع من العنصرية ضد المرأة ففيه مبالغة كبيرة؛ لأنه لا احد يمنع المرأة المحجبة من ارتداء ما تشاء من الملابس غير المثيرة. ولو أن هناك عنصرية فعلاً ضدها لما اعفيت المرأة في حالات خاصة عن أداء الصلاة والصيام التي تتطلب الطهارة. فالطهارة هي شرط في أداء العبادات وفي الحياة وهو ما يليق وينسجم مع كرامة الانسان. ولو كان الحجاب يمنع المرأة من العمل او أداء وظيفتها (وظائفها) في المجتمع لكان له الحق من يهجم على الحجاب. اما اذا تحيز افراد من المجتمع ضدها او حتى المجتمع كله فلم يسمح لها بالعمل والدراسة فالعيب في هؤلاء الافراد او المجتمع وليس في الحجاب ولا الدين ولا الفقهاء.

المشـاهدات 37   تاريخ الإضافـة 09/07/2025   رقم المحتوى 64635
أضف تقييـم