الإثنين 2025/7/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 45.95 مئويـة
نيوز بار
(من اجل القضية) والمسرح الحسيني
(من اجل القضية) والمسرح الحسيني
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

                                                       علوان السلمان

 

يسعى المسرح الى إثبات الذات الإنسانية والحرص على التأسيس المعرفي مع التطلع الراسخ نحو المستقبل ورفض الظلم السعي الى العيش الكريم..ابتداء من مسيرته الكنائسية الاولى التي انطلقت في القرون الماضية لدى الأغريق والرومان ، لتثبيت الحوادث وتخليدها التي حدثت للأنبياء والأتقياء والصالحين فضلا عن انه يدعو إلى (توظيف القدرات الفنية الإبداعية من حيث الكتابة والإخراج و اختيار الممثل بعناية مع مراقبة دقيقة على طبيعة الأداء)...

وباستحضار النص المسرحي بمشهده الواحد للقاصة والناقدة الدكتورة ايمان السلطاني..والذي حمل عنوان(من اجل القضية)..وفيه تتعامل الكاتبة بمهارة بالغة مع معطيات فعل الاغتراب وتعيد انتاجه وفق شفرة الابداع المعاصرة دون تعقيد او تكلف.. فقضية هذا النص واقعة الطف في كربلاء ومعاصرتها..وقبل الحديث عن النص تفصيلا نستذكر قول المستشرقة الروسية تمارا الكساندروفا في كتابها(الف عام وعام على المسرح العربي)..(ادى مصير الحسين(ع) المأساوي وادت معركة كربلاء الى ولادة التعزية..) التي تعتبر من اقدم العروض المسرحية في العالم الاسلامي..وبعدها ظهرت نصوص مسرحية استثمرت  احداث واقعة الطف ببنيتها الدرامية ومتنها الحكائي منها:

  1ـ مسرحية(هكذا تكلم الحسين(ع)..مسرحية شعرية في خمسة فصول للشاعرمحمد العفيفي.. المسرحية تتكون من خمسة فصول بتسعة مشاهد ، وهي مسرحية طويلة ولكن تضم في طياتها صراعا دراميا يشد القارءي والمشاهد إليه لكثرة تشابك الأحداث في هذا الصراع ، ولأن الموضوع هو الصراع بين الحق والباطل ، لذا نجد الشاعر العفيفي مطر يذهب إلى تعميق فكرته ويعمل عليها ويبرزها بشكلها الحقيقي وإعطائها بعدا إسلاميا تصادميا موروثا..

2ـ مسرحية(ثار الله) بجزئين(الحسين ثائرا)و(الحسين شهيدا) 1969.. للشاعرعبدالرحمن الشرقاوي.. المتأثر جدا بشخصية الامام الحسين عليه السلام ..لذا حاول من خلالهما ان يقدم للمستهلك(المتلقي) أروع بطولة عرفها التاريخ الإنساني كله.. مما اضطر بعض من الممثلين الذين جندوا أنفسهم لتجسيدها على المسرح بعد ان اعلن الفنان كرم مطاوع اخراجها ..

3ـ مسرحية(مقتل في كربلاء).. للشاعر فتحي سعيد.. وهو نص عبارة عن قصيدة طويلة قسمها شاعرها على عدة مقاطع شعرية متتابعة، لم تلتزم التسلسل التاريخي لاحداث الواقعة، ولكنها التزمت بوحدة موضوعية جعلت منها نصا شعريا دراميا يقترب كثيرا من السيناريو بمشاهده المختلفة،والمختارة من مناطق تاريخية متعددة، وبحسب موقف الشخصية المختارة وعلاقة ذلك بوحدة الموضوع. اضافة الى الافادة من ابيات شعرية تاريخية جاءت على لسان اصحابها، وذلك لاضفاء سمة تاريخية حاول الشاعر عصرنتها مسرحيا..

 4ـ مسرحية(الحسين يموت مرتين).. للكاتب المغربي عبدالكريم برشيد..

5ـ مسرحية(ثانية يجيء الحسين).. للشاعر محمد علي الخفاجي.. التي تعد صرخة من عمق التاريخ بأن الحسين باب الإنسانية. وهي مسرحية شعرية من ثلاثة فصول، الفصلان الأول والثاني منها تضمنا ثلاث لوحات في كل فصل، أما الفصل الثالث فتضمن أربع لوحات، وكما حدد الكاتب زمن مسرحيته من سنة 60 هجرية حتى سنة 1967م الذي كُتبت المسرحية في أواخره. لقد عمد الخفاجي في نصه كثيراً إلى استخدام الرمز، سواء في ملاحظاته أو في حوارات شخصياته، فلقد أشار في بداية اللوحة الأُولى من الفصل الأول إلى وصف منظر القاعة في ملاحظته التي نصَّت على أن يظل أول كراسي القاعة فارغاً طوال مدة العرض في انتظار الآتي، إلى جانب الكرسي مشجب عليه بزّة فارس يليها سيف معلق، بهذا يكون المؤلِّف قد مهّد لنهاية أحداث مسرحيته برمزه للكرسي الفارغ الذي ينتظر المنقذ والمخلّص لواقع المظلومين والمستضعفين في الأرض، والذي ينتقم للإمام الحسين ولثورته الانتقام الأكبر، المتصل بالوعد الإلهي في تخليص البشرية من كل الظالمين والفاجرين على وجه الأرض.

6ـ (معركة صرخة كربلاء) وهي ملحمة شعرية تشكلت من الف ومائة وسبعين بيتا من الشعر للشاعر الهندي مير علي انيس والتي يصور فيها احداث الطف بصور تميزت بدقتها وتوترها..

7ـ مسرحية “ليلة ضياع الشمر” أيضاً من المسرحيات التي تطرق إلى نهضة الإمام الحسين (ع) من قبل العتبة الحسينية في كربلاء المقدسة وهي من تأليف عدي المختار، وإخراج وسام عبد السلام، وسينوغرافيا الفنان علي المطيري، وقصة المسرحية تدور حول الشخصية السيئة اللعينة في واقعة عاشوراء وهو “الشمر” اللعين.

8ـ مسرحية الحرالرياحي لعبد الرزاق عبد الواحد التي جمعت بين معنيين، المعنى التاريخي والمعنى المعاصر في موضوع واحد، وتتشارك الأحداث في بوتقة رئيسية تأريخي ــ ديني ــ معاصر...

9ـ مسرحية (مساء التامل) اعداد قاسم محمد اعتمد معد المسرحية على مصادر عدة بوصفها مادة السيناريو المسرحي هذا، حيث ان هذه المادة ماخوذة، وبحسب النص، عن المصادر التالية :

1- مسرحية ماساة الحلاج، للشاعر صلاح عبد الصبور.
مسرحية هاملت للكاتب الانجليزي وليم شكسبير.
3ـمقطع من مقولات تشي جيفارا.
 نص (ماساة كربلاء) عن الكتاب الفارسي (جونجي شهاديت) اعداد محمد عزيزة.
5ـ مسرحية هكذا تكلم الحسين للشاعر محمد العفيفي.
6ـ مسرحية ثورة الزنج للشاعر معين بسيسو.


فائدة...

 

على الرغم من تنوع مصادر اعداد نص المسرحية،لكنها تتشابه في الموقف الثوري الواضح لكل شخصية تاريخية من الشخصيات الوارد ذكرها في المصادر، حيث الثبات على المبدا الواحد الذي يجمع بين (الحلاج وجيفارا وعبد اللّه بن محمد وهاملت) وبين الامام الحسين(ع)..

 

واخيرا وليس آخرا (من اجل القضية) النص الانثوي المتفرد الذي ابدعته انامل قادرة على استنطاق جماليات الحالة الانسانية باعتماد الترميز الى واقعة(الطف)..اذ استطاعت الكاتبة ان توظف المناخات الرمزية في بناء نصها لانتاج الابهار الجمالي ومن ثم تحريك الخزانة الفكرية للمتلقي..

  (تخرج ام علي راكضة من بين الجمهور وهي ترتدي عباءتها تحمل مغرفة كبيرة تضعها على رأسها كأنها تحتمي بها من شيء ما..) و(المغرفة) الرمز يكشف عنها الحوار الخارجي ما بين (ام علي) و (اشجان)..

   اشجان: ما بك  يااخية؟هل انت خائفة من الانفجار؟

   ام علي: لا..لست خائفة من شيء..جل خوفي ما يفعله

         الانفجار.. الموت ..والموت خف علينا.. وهذا يذكرنا

         بمقولة الشاعر والت ويتمان..( الموت هو الملاك

         الوحيد الذي ينقذ الوجود من آخر ذرات العـــذاب

               الانساني..)

   اشجان: ولكني اراك متعبة..

  ام علي: نعم..فقد كنت اطبخ في الموكب الحسيني لليلتين متتاليتين فلم انم الا قليلا...

   فالنص يتمحور في بنائه الدرامي على دلالات رمزية وهو يستقريء الملامح التاريخية للحدث..فالحسين (ع) الثوري الذي اطلق ال (لا) المنبثقة من الموقف التغييري لواقع متشظ..متمرد على العقيدة.. والمستندة على الامر الالهي باستقامة الدين (ان لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خذيني..)..

 وهنا تتفاعل الكاتبة مع الدقة التاريخية في اقوال منسوبة تاريخيا لاشخاصها فتعمل على الكشف عن هذه الاقوال بحوار يتناسب مع لغة النص كما في حوار الحسين(ع) تاريخيا عندما يقول:(فبالموت تخوفني وحياة الموتى اكرم من موت الاحياء..)

  فالكاتبة تتصرف بزمن الاحداث في النص فتلجأ الى توظيف عنصر الاستذكار محاولة منها دمج الماضي بالحاضر.. واستحضار الشخصيات التي تتداخل وسير الاحداث التاريخية..كما في حوار (ام علي )و(الخربة)..

    (ايا خربة كيف استطاعت ان تضم جدرانك سيدة عظيمة كتلك السيدة التي خرجت من الخدر لتقف في وجه الظلم..خرجت من الحصن لتقف في العراء امام لوحة من الخبث والدماء..تهديء الاطفال من رهبة المنظر والم المصيبة ..فكانت اما وابا واختا وعمة وخالة..) انها رمز الام الصالحة التي صقلتها العقيدة ..ورباها بيت النبوة (زينب)..

 

وكذلك نجد (السيدة العذراء التي قالت الحقيقة وهي في موقف المتهمة.. والمسيح..) اما (امل)المعاصرة.. المحاصرة..الخائفة..القلقة بشأن الحياة المتناقضة..اذ تكشف الاختلاس في دائرتها وتسكت عن الحقيقة خوفا وهذه هي مصيبتنا..وهنا تكشف الكاتبة عن تأثرها بالنص البريشتي..اذ التغريب الذي هو جعل المألوف غريبا يكشف عن نفسه..

اشجان :يبدو ان الاتفجارات اصبحت في الجانب الاخر من المدينة فلا تقلقي بشأنها..                                        

    امل: لست قلقة بشأن الانفجار ولكنني قلقة بشأن الحياة نفسها..

  اشجان: ما بها؟

  امل:تعطي وتمنع..تأخذ وتثيب على غير هدى ومن دون أي استحقاق وكأننا في النفق المرعب له بداية وليست له نهاية..

في كل لحظة نرى شيئا يخالف الحقيقة ويناقضها..فقد نرى مهرجا بدلا ان يضحكنا يحمل فأسا يضربنا بها..وقد نرى  

  تابوتا ينتفض ..يتشبث بالحياة يفزعنا..الى جانب ذلك نرى حفارا للقبور يحتسي خمرة في حفرة فما اعجب هذه الدنيا..)..

  فالكاتبة تكشف عن متناقضات الحياة وصراعاتها التي لا تنتهي  باستخدام لغة شعرية مثيرة للمشاعر والعواطف الانسانية..يتجلى فيها استخدام الصورة في الجمل الحوارية المتبادلة خاصة تلك التي تدور بين الهتاف المنشد من خلف المسرح والكورس(الجوقة) المتمثل ب(ام علي وماري وكريستين وامل وام محمد..)..والذي توظفه الكاتبة متداخلا مع الحدث الدرامي..فيعلق ويعطي رأيا ويتخذ موقفا..

  نشيد من خلف المسرح يهتف:

           ما كتبت الشعر في اروقة القصور طالبا اجـــــور

           عندما تنفجر الدماء او تثـــــور تكتب الســـــطور

           تقلع السجادة الحمراء من الجذور عنـــدما تفور

           ثمن الحرية الحمراء دم النحور في مدى العصور

               انت وال وخط مــــمانع

                     ياحسين

              لم تك للطواغيت خاضع

                    ياحسين

             حياتنا حسين    مماتنا حسين

ام علي: حسين

ماري:المسيح

كريستين: العذراء

امل:العراق

ام محمد:الحرية

  وهنا تتمثل الانتماءات التي تذوب في الانتماء الوطني الذي هو هوية كل عراقي.. فكل من (ام علي وماري وكريستين وامل وام محمد..) تحمل علامة التوحد بين الاديان التي تكشف عن المرأة المتسلحة بشجاعة المغامرة وقهر الماضي والمتجاوزة دور التابع وهي تجمع ما بين بساطة الحكي وقوة الدلالة التي يطرحها النص..

  1. على الرغم من تنوع مصادر اعداد نص المسرحية، الا ان كاتب المقال يشير الى التشابه القائم في الموقف الثوري الواضح لكل شخصية تاريخية من الشخصيات الوارد ذكرها في المصادر، حيث الثبات على المبدا الواحد الذي يجمع بين (الحلاج وجيفارا وعبد اللّه بن محمد وهاملت) وبين الامام الحسين(ع)..

من كل هذا نستنتج:ان كل ما كتب عن حادثة الطف اعتمد على التاريخية التي وثقت احداث الواقعة بهدف  الالمام بشمولية الاحداث وشخصياتها.. باستثمار الواقعة بكل جزئياتها..مع اتسام نصوصها  ببناء درامي قريب الصلة بين نص وآخر، وهذا نابع من ان واقعة الطف قد بنت دراميتها التصاعدية بنفسها بناء محكما….فضلا عن هيمنت اللغة الشعرية على

النصوص المستثمرة..
 

المشـاهدات 16   تاريخ الإضافـة 14/07/2025   رقم المحتوى 64747
أضف تقييـم