الإثنين 2025/7/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 42.95 مئويـة
نيوز بار
الحب في أدب الرافعي
الحب في أدب الرافعي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

 

د. رحيم هادي الشمخي

 

للحب في أدب الرافعي منزلة كبيرة قبل أن يوجد في أدب أقرانه من رواد الأدب العربي الحديث، وهو يمتاز عن سواه بكثرة كتابته في الحب، فلقد كتب للحب أكثر من عمل أدبي (السحاب الأحمر، الرسائل الاخوانية، أوراق الورد، بعض اللوحات الفنية المتناثرة، في حديث الثمر، وعي القلم).

 

ولم يكن في وسع الرافعي أن ينأى عن الحب أو يجد منه مفراً، وكيف يستطيع الهروب من الحب وهو يأنس في نسه نبوغاً في الأدب وتفوقاً في الشعر.. والنابغة في الأدب لا يتم تمامه إلا إذا أحب وعشق، ولا مندوحة للشاعر من المرأة، ولا يفنى في ذلك براعة تصوير، وتحليق خيال، وجموح فكر وذراية لسان، وليس في مكنته أن يغدو شاعراً ذا مكانة وأدباً ذا فلسفة إلا إذا عرف الحب ووجلت قلبه امرأة.

إن ملكة الفلسفة في الشاعر من ملكة الحب، وإنما أولها وأصلها دخول المرأة في عالم الكلام بإيهامها وثرثرتها، والمرء الذي لا يعرف الحب حياته معدمة وجسده أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان، وليس شيئاً يحمل للحياة قيمة غير الحب، فهو الذي يمد المرء بطاقة وعزيمة تزيد من مداركه وأحاسيسه، بالحب وحده يحيا الإنسان، وتكون الطبيعة أكثر مما هي، ويزيد كل شيء حس العاشق لأنه هو زاد بحبيبته، وإيمان الرافعي بالحب جعله سبباً من أسباب نبوغ الشاعر، ففي رأيه أن الشاعر ينبغ بأشياء منها اللمحة السماوية التي تشرق على الشاعر من وجه جميل.

أحب الرافعي وطارح حبيبته، وكان في حبه من الغرام والعنف ما فيه:

أحببتها جهد الهوى حتى

                        لا مزيد فيه ولا مطمع في مزيد

يقول الرافعي: «ولكن أسرار فتنتها استمرت تتقد فتدفعني أن يكون حبي أشد من هذا، ولا أعرف كيف يكون الحب أشد من هذا، وأرى أجمل الوجوه يخاطب في حاسة الإعجاب، ولا يعدو هذه العاطفة، وأرى وجهك أنت يبلغ مني المدى، ويأخذ بقلبي كله، ويستولي على جملة ما في إنسانيتي».

ومن هنا فإن أدب الرافعي قد أينع وأكل ثمره، أدباً رفيعاً، وذلك ما ينشده الرافعي.

«وما أريد من الحب إلا الفن، فإن جاء من الهجر في نهر الحب»، ولهذا غدا الرافعي الأديب العربي الذي يسمع نشيج القلب ووجيب العاطفة ووميض العين، ويعبّر في قدرة وبلاغة من المعاني الفلسفية العميقة ذات الدلالات والمرامي، وأصبح الكاتب الذي أضاف إلى الأدب إضافات جديدة باقية.

المشـاهدات 25   تاريخ الإضافـة 14/07/2025   رقم المحتوى 64750
أضف تقييـم