
المسرح في العصر الرقمي يغير معنى الممثل والفضاء والجمهور |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
متابعة ـ الدستور مازالت العلاقة بين الفن المسرحي والتكنولوجيا ملتبسة بعض الشيء، فهناك من يرى في التقنية تهديدا للفعل المسرحي الآني والمباشر، وهناك من يرى فيها مساعدا، أما المسرحي أنطونيو بيتزو فيرى فيها تبشيرا بمسرح مستقبلي مختلف ولكن باشتراطات.في كتابه “المسرح والعالم الرقمي: الممثلون والمشهد والجمهور”، قدّم المخرج المسرحي والأكاديمي الإيطالي أنطونيو بيتزو رؤية تحليلية عميقة للتحولات التي يشهدها المسرح المعاصر تحت تأثير الطفرة التكنولوجية، مؤكدا أن الرقمنة ليست مجرد إضافة تقنية، بل تحول بنيوي يطال البنية المسرحية من داخلها، ويفرض علينا إعادة التفكير في العناصر التي طالما اعتبرناها ثابتة: الممثل، الفضاء والجمهور.وقد وجدت هذه الرؤية تجلياتها في تجارب رائدة، مثل تلك التي أُجريت في جامعة كانساس خلال التسعينات، حيث دمج الباحثون الفضاء المسرحي الواقعي مع بيئات الواقع الافتراضي، ليخلقوا عروضا هجينة أعادت تعريف العلاقة بين المادي والافتراضي.
حكاية تفاعلية
يرى بيتزو في كتابه، الذي ترجمته د.أماني فوزي حبشي وصدر عن مؤسسة هنداوي، أن “حضور الممثل، الذي شكّل ركيزة مركزية في المسرح الكلاسيكي، لم يعد مرتبطا فقط بوجوده الفيزيائي على الخشبة. فقد أصبح يُقاس بقدرته على خلق توتر دينامي بين ما هو مرئي وما هو محسوس، بين ما يظهر في الصورة وما يُخاتل في الغياب”.وأضاف أن الممثل أصبح نقطة عبور لعدد لا يحصى من الإشارات، الأصوات، والخطابات الرقمية التي تمر عبره. وأن هذا التحول تجسد بوضوح في عرض “الآلة الحاسبة” عام 1995، حيث نجح مارك رينيه ورونالد ويليس في التنسيق بين الدراما والمشاهد من خلال استخدام تقنيات الواقع الافتراضي، جاعلين الممثلين وسطاء بين الجسد المادي والصور الرقمية المتغيرة، مما أعاد تأطير دورهم كمحور لتدفقات رقمية تتفاعل مع النص التعبيري لإلمر رايس.وفي عرض “يهودي مالطا” بمهرجان ميونخ للأوبرا عام 2002، انصهر الممثلون داخل الفضاء الافتراضي بفضل الأزياء الديناميكية، التي سمحت لبرامج الكمبيوتر بعرض ألوان وأشكال تتغير بدقة متناهية استجابة لحركاتهم، مما جعل الممثل ليس فقط مؤديا، بل وسيطا بين الآلة والذاكرة الإنسانية. الأمر يؤكد أن الممثل في العصر الرقمي أصبح مضيفا لتدفقات رقمية تتجاوز الحضور المادي إلى فضاءات هجينة.ويشير بيتزو إلى أن الفضاء المسرحي لم يعد موقعا هندسيا ثابتا، بل أصبح شبكة متشعبة من الفضاءات المادية والافتراضية، تُنتج من خلال شفرات برمجية ومعطيات حية تتفاعل مع حركات الممثلين وتدخلات الجمهور.ويوضح أن هذا المفهوم تجسد في تجارب الواقع الافتراضي، مثلا عرض “أجنحة” لآرثر كوبيت، حيث كان التنظيم الفضائي للعناصر الموجودة في المشهد مرتبا بحيث يراكم مختلف طبقات التلقي، من خلال شاشات العرض المركبة على الرأس، ونسيج السكريم، وشاشة الإسقاط الخلفي، مما خلق فضاء ذهنيا يعكس الفوضى العقلية للبطلة إيميلي. كانت الشاشات تُظهر عالما افتراضيا مكونا من سلسلة من الصور الفوتوغرافية المأخوذة من ماضي إيميلي، حيث تبدأ كل صورة كألوان عابرة ثم تكتسب ملامح يمكن تمييزها، مما يعكس محاولاتها لاستعادة ذاكرتها المضطربة.وفي عرض “مسرحية” لبيكيت، لاحظ بيتزو “خلق الواقع الافتراضي عالما افتراضيا ثلاثي الأبعاد يوحي بفقدان التنسيق الفضائي، حيث كان يمكن للمتفرجين رؤية جرة ضخمة رمادية تتدلى في الفضاء، مع صور واقعية لشمس تغرب، مما عزز الإحساس بالغموض والتيه الذي يطبع النص. هذه التجربة عززت رأيه في أن المشهد المسرحي لم يعد سينوغرافيا ساكنة، بل بنية مولّدة تتغير في الزمن الحقيقي، تعيد رسم علاقة المتفرج بالنص، بالزمان، وبالذاكرة”.ويشدد بيتزو على أن الجمهور في المسرح الرقمي لم يعد ذلك الجسد الجالس في الظل، بل أصبح شريكا فاعلا في صناعة المعنى، يحضر عبر أثره الرقمي أو حتى بياناته التي تدخل في بناء العرض. وتجلى هذا التحول في تجربة “حكايات الماندالا” لفرقة زونيجيما، وهو نص تشعبي درامي لأندريا بالزولا، أخرجه ومثّله جاكومو فيردي، بالتعاون الرقمي مع ماسيمو تشيتاديني.ويلفت إلى أن “العرض هو حكاية تفاعلية مكوّنة من ست حكايات أصلية، أعدها أندريا بالزولا بتصرف، وربط فيما بينها الرجل – الطفل، الماندالا، الأميرة السوداء، الغراب، الكلب الأبيض، الحجر، وأخيرا ثنائي الجنس. يحتمل العرض شكلين ممكنين من الديكورات: أمامي ومركزي. في الحالتين، اشترك الجمهور في تطور الحكاية متتبعا سرد الممثل وتطور الصور الرقمية“.ويرى أن الممثل المزوّد بقفاز معطيات (قفاز له القدرة على نقل حركات اليد إلى الكمبيوتر)، تمكن من التفاعل مع الديكور الرقمي، الذي يتحول أو يُصدر أصواتا بمجرد لمسه، بالاستفادة من القدرات الخاصة بالنص التشعبي للكتابة الرقمية، كان يمكن للمتفرجين في كل ليلة عرض تحديد أي قصة يبدأ بها العرض. أما الممثل فحدّد كيفية سير السرد، بأن أصبح راوي حكايات إلكترونيا يمكنه أن يغيّر، تبعا لما يستشعره من الجمهور، مسار حكايته.يبيّن الكاتب أن العرض أصبح أكثر إتقانا بمرور السنوات، ويُعرض حتى الآن في إيطاليا. تحركت أبحاث المؤسسة، وخاصة جاكومو فيردي، في اتجاهات متنوعة، حيث ساهمت في مناقشة فكرة وجود الممثل والجمهور، بأن اشتركت تلك التكنولوجيا ليس فقط في المشهد نفسه من حيث إمكانات تقديمه على شبكة الإنترنت، فالعرض المسرحي وضع مفهوم المكان في أزمة، وواجه إمكانية الاتصال الفوري والكوني للإنترنت.
التكنولوجيا ليست غاية
يرفض بيتزو النظرة النوستالجية التي ترى في الرقمنة تهديدا للمسرح، ويقول “ما يهدد المسرح ليس التكنولوجيا، بل تقوقعه في شكلانية تراثية تنظر بعين الشك إلى أي تغيير. إن الرقمنة فرصة لاختبار حدود الأداء واكتشاف وجوه جديدة للحضور”.. ويرى أن الواقع الافتراضي ليس مجرد تقنية لمحاكاة الواقع، بل أداة تعبيرية تُتيح تقديم فضاءات ذهنية وأجواء نفسية تتجاوز حدود المسرح التقليدي.وعن عرض “أجنحة” لآرثر كوبيت، يلاحظ أن الإخراج المسرحي لكل من مارك رينيه ورونالد ويليس اعتمد على قدرة الواقع الافتراضي في تقديم ديناميكيات داخلية، حيث كان التنظيم الفضائي للعناصر مرتبا بحيث يراكم طبقات التلقي، مما سمح للجمهور بتجربة الفوضى العقلية لإيميلي عبر شاشات العرض المركبة.أما عرض “مسرحية” لبيكيت، فقد وفر الواقع الافتراضي خاصية انغمار الأداء التي جعلت الجمهور يشعر بأنه موجود فعليا داخل بيئة ولّدها الكمبيوتر، حيث كانت الجرة الرمادية والشمس الغاربة تعززان الإحساس بالغموض الذي يطبع نص بيكيت. هذه التجارب تؤكد أن الواقع الافتراضي يبسط المسافة بين المادي والخيالي، موفرا تجربة حسية وذهنية غامرة.ويلفت بيتزو إلى أن التجارب الإيطالية أضافت بُعدا عمليا لرؤيته، فعرض “قصص مضغوطة” لفرقة TPO، أصبح فيه الكمبيوتر وسيلة لتقريب الأطفال من المسرح، حيث استحضر الممثلون لغة رقمية مألوفة، جاعلين من الحدوتة التقليدية فضاء تفاعليا يعتمد على الصور والأصوات الرقمية. وخلق التفاعل بين الممثل والشاشة وتقني الكمبيوتر نسيجا متناسقا من الحركات والأصوات والصور الرقمية، مما سمح للجمهور الصغير بتجربة لغة رقمية مألوفة تحول الحدوتة التقليدية إلى فضاء تفاعلي. وعززت هذه التجربة رؤيته بأن الجمهور لم يعد فقط متلقيا، بل صار منتجا مشاركا يغير مجريات العرض ويعيد تأويله.ويحذر بيتزو من أن التركيز المفرط على التحديث التكنولوجي قد يعوق تأملا أعمق حول الحالة الجمالية للعرض. فمثلا تجربة “الآلة الحاسبة” كان رينيه وويليس حريصين على ألا يصبح العرض مجرد حالة عرض للخدع التكنولوجية، بل اختارا نصا يجعل استخدام الواقع الافتراضي ضروريا للتفكير في الخبرة الإنسانية.ويؤكد أن التكنولوجيا يجب أن تكون حافزا للتأمل لا غاية في حد ذاتها، فمسرحة العالم الرقمي تعني جعل المسرح حقلا لاختبار العلاقة بين الإنسان، الجسد، المكان، والآخر في زمن تسوده الصور والسرعة والاتصال اللحظي.. وفي عرض “يهودي مالطا”، نجح العرض في التنسيق بين الدراما والمشاهد من خلال استخدام الأزياء الديناميكية وتتبع الحركة، مما جعل الواقع الافتراضي أداة لتوليد أشكال آلية تتفاعل مع أجساد الممثلين في الزمن الحقيقي.. هذه التجارب تعزز تجاوز الثنائية بين المادي والافتراضي لصالح مقاربة هجينة تمنح المسرح مساحة جديدة لتجريب المعنى والشكل.يرى بيتزو أن التجارب التي اهتمت أكثر بالذكاء وليس بالصور، في محاولة لمحاكاة قدرة الأداء الدرامية للممثل، تخلّت بدورها عن الشكل المجسّم. ذلك التخلي، الذي أملته أيضا الظروف التكنولوجية، لا يرتبط بالضرورة بالفشل. ويضيف “إن أسطورة الكائن الاصطناعي على المسرح، خلال القرن العشرين كله، لم تكن مؤسسة على محاكاة شكل الممثل، بل على أساس وضع جديد لوظيفته كعميل. والأبحاث المعاصرة، أيضا تلك التي تعمل على أشكال مسرحية معروفة بالفعل، تكشف تقاربا بين توقعات ديبيرو، أو برامبوليني، أو كريغ، أو شليمر، الذين من خلال إنكار الممثل ذي الأصول الطبيعية، أظهروا الحياة على خشبة المسرح في أشكال جديدة ميتافيزيقية، أشكال ضمنية ومتقلبة تجسّد الممثل أكثر مما تشترك معه”.يؤكد بيتزو أن المسرح، في هذا الأفق، ليس فقط ذكرى سلوك موجود مسبقا، ولكنه أيضا قد تأثر وجوديا بما نطلق عليه اليوم اسم افتراضي. إن جسد الممثل جسد افتراضي. التحويل الافتراضي للجسد وللممثل يرتبط بشدة، بعيدا عن المحتوى التكنولوجي قوي التأثير، وبالتالي يفجّر توترا فريدا في تجارب التأثر بين المسرح والوسائط المتعددة. ربما أن هاتين البيئتين، اللتين تبدوان متباعدتين، تكشفان في العمق انجذابا وتماثلا يُخفي ويُربك الحدود الخاصة.وخصّص بيتزو خاتمة كتابه للاهتمام بالنزعة المستقبلية، يقول إن “ديناميكية النزعة المستقبلية تتشابه مع حلم النص المتشعب للفضاء الإلكتروني، نظرا إلى أن الحركة المحوّلة هي الروح نفسها المرتبطة بوجوده. بالنسبة إلى المستقبليين، تتعارض مع النفس ومع الروح الرومانسية نزعة الدفاع عن المادي كفضاء يشكّل الطاقات التي لم تتجمد، كمكان للقوى والحركة الصرفة. وبتجاوز قسوة المادة، فإن عملية تسييل المسارات والحواجز ستقود إلى رؤية جديدة للعالم”.ويتابع “في تاريخ الحركة المستقبلية، وجدت مرحلة أولى بطولية واستفزازية للعرض المسرحي، ارتبطت بالرغبة في التقدير والتحية ومحاولة كسر التقاليد المسرحية، بمشاركة الجمهور وإنعاش الاشتراك الانفعالي. إنه ذلك الذي سماه مارينيتي التحويل الافتراضي للمسرح.. وعلى مدار السنوات، استبدلت هذه المرحلة ببرنامج أكثر طموحا يشبه برنامج إعادة البناء المستقبلي للكون، الذي أعلنه كل من بالّا وديبيرو عام 1915. يمكن أيضا أن نقول إن النزعة المستقبلية الثانية كانت تتطلع إلى تجاوز حدود الصالة لتمنح معنى مختلفا/ جديدا، ليس فقط للمسرح، بل للحياة نفسها، وذلك من خلال تحويل كل ما هو حيوي إلى عروض مسرحية”.ويشير إلى أن “بيان الجو المسرحي المستقبلي لبرامبوليني عام 1924 تناسق مع هذا الأفق في التفكير، حيث لم تعد الديناميكيات الآلية والروحية تتجسد كهجوم أو كخصومة مليئة بالطاقات التشنجية والغاضبة، ولكن كقبول قوى مطمئنة ومطهرة، وانتصار لأبولو على ديونيسوس. يقدّم البيان معنى قويا لوحدة المشهد. كانت النزعة الديناميكية، والارتجال، ووحدة الأداء بين الإنسان والبيئة، قد عُرفت على أنها المبادئ الأساسية”.ويضيف بيتزو “في المسرح المستقبلي متعدد التعبير، والمتفق على أنه تجاوز للانقسام بين الإنسان والبيئة، تم التصريح أيضا بحلم المشهد كالنواة المشتعلة للقيم الجديدة لتشع في العالم. انطلاقا من تلك التأكيدات، وجدت إمكانات اعتبار التجريب المسرحي حول التكنولوجيات الرقمية على ضوء مزدوج. قبل كل شيء، مبدأ الوحدة بين المشهد والممثل يوضّح كيف أن الأبحاث حول الواقع الافتراضي على خشبة المسرح، والتفاعل بين الأماكن المختلفة بفضل الفضاء الإلكتروني، والافتراضات الخاصة بالممثل الاصطناعي، لا تهدف إلى الدفاع عن الآلي والاصطناعي، بل إلى التعريف بمشهد جديد أكثر حساسية”.ويختم كاشفا أن إجمالي العروض والأحداث الاستعراضية التي ضمها كتابه يمنح القدرة على رؤية إمكانات وجود مشهد مادي وذكي، قادر على الاتصال مع الإنسان. المشهد والممثل ليسا إذن في وضعين متضادين، بل على العكس، متجاوران، يقترب أحدهما من الآخر؛ الأداء (الديناميكية) في زمن واقعي (الفورية). يتداخل تصاعد الجسد مع تصاعد المشهد الذي يعيد النقاش حول حدوده، سواء تلك المرتبطة بالنزعة المفاهيمية أو الجسدية.ويوضح أن الفضاء يمكن أن يكون ذكيا، ولكن يمكن أن يكون موزعا أيضا خارج الموقع مثل الألعاب المنتشرة.. إذن، فإن إعادة تجسيد الوظائف التمثيلية في علاقة مع مشهد مسرحي أصبح، بفضل التكنولوجيا، نشطا وديناميكيا وأكثر حساسية، ينتج عنها، ليس اختفاء العنصر البشري من فوق خشبة المسرح، بل إعادة تأهيل الروحي وإظهار ما هو خفي.إن استخدام التكنولوجيا في المسرح لا يرتبط بالوظيفة الوصفية أو الوهمية للواقعي، بل بالعكس يقدّم إيحاء جديدا، أكثر قدرة من ذلك، إيحاء يتجاوز خبرتنا اليومية. بالتأكيد يُوضع التجريب الرقمي في مكانة أبعد بكثير من قوانين مسرح التراث البرجوازي، ولا يمكننا سوى الاعتراف بالشحنة المدمرة والفوضوية للعالم الذي فيه ستنفجر النماذج المعتادة للعرض المسرحي، وصولا إلى الممثل نفسه، ولكن هذه الشحنة الفوضوية تظهر أيضا في تجزيء شامل؛ فلم تعد خشبة المسرح تنجح في أن تكون مركزا للتجريد الروحي لدين جديد مستقبلي. نكتشف إذن أن الحدث المستقبلي (وأيضا ذلك المرتبط بالنزعة الطليعية) يمكن أن يتم قبوله فقط بشرط التخلي عن نقطة الانطلاق المسرحية. إن البيئة المسرحية الرقمية الجديدة تتبع حتميا الخروج عن حدود المجال، وتغزو الصالة والعالم الخارجي، الانتصار هنا معناه فقدان الوحدة المركزية للمشهد لصالح تضاعف قوى الطرد للخبرة.
محمد الحمامصي
|
المشـاهدات 23 تاريخ الإضافـة 05/08/2025 رقم المحتوى 65421 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |