الأحد 2025/8/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 45.95 مئويـة
نيوز بار
قصة شاب صعد كالشهاب.. واحترق أيضا بذات الطريقة ديلي ألي.. اعتداء جنسي دمر طفولته وإدمان دوائي حطم مسيرته‎
قصة شاب صعد كالشهاب.. واحترق أيضا بذات الطريقة ديلي ألي.. اعتداء جنسي دمر طفولته وإدمان دوائي حطم مسيرته‎
الملحق الرياضي
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

متابعة ـ الدستور الرياضي

تقف قصة ديلي ألي كواحدة من أكثر الحكايات المؤلمة في تاريخ كرة القدم الحديثة، شاهدة على الكيفية التي يمكن أن تتحطم بها المواهب الاستثنائية تحت وطأة الصدمات النفسية والضغوط الشخصية، مهما بلغت موهبتها أو تألقها في الملاعب.فاللاعب الذي لقب يوما بـ"الموهبة الذهبية" لإنجلترا، وبلغت قيمته السوقية 100 مليون يورو، بات اليوم يواجه خطر الاعتزال قبل بلوغه سن التاسعة والعشرين، لتتحول قصته من حلم كروي لامع إلى مأساة إنسانية مروعة.

 

بذور الألم الأولى

 

في يوليو / تموز 2023، وخلال مقابلة صادقة ومؤثرة مع جاري نيفيل في "بودكاست" The Overlap، كشف ديلي ألي تفاصيل صادمة من طفولته، أزاحت الستار عن الجانب المظلم من حياته بعيدا عن أضواء الملاعب.فقد اعترف بتعرضه لاعتداء جنسي وهو في السادسة من عمره على يد صديق والدته الذي كان يتردد باستمرار على منزل العائلة، في وقت كانت أمه تعاني من إدمان الكحول، ما حول بيئة طفولته إلى جحيم خال من القواعد والأمان والحماية.

 

حياة بلا ضوابط

 

وصف ألي طفولته المبكرة بكلمات تقطر ألما: "نشأت بلا أي قواعد، بدأت التدخين في سن السابعة، وبحلول الثامنة كنت أتاجر بالمخدرات".يروي: "قال لي شخص أكبر سنا إنه لا أحد سيوقف طفلا يقود دراجة، لذا كنت أتجول وبحقيبتي كرة قدم، وتحتها المخدرات".في التاسعة من عمره، أُرسل إلى نيجيريا للعيش مع والده البيولوجي "لتعلّم الانضباط"، وهي تجربة وصفها بأنها "مروعة، ولم أرد يوما أن أكون هناك".وفي الحادية عشرة، تعرض لتهديد مرعب من رجل من حي مجاور، حيث أمسك به وعلقه من فوق جسر مهددا حياته.

 

أمان نسبي

 

في الثانية عشرة من عمره، تبنته عائلة وصفها بأنها "مذهلة ولا يمكن أن أطلب أشخاصا أفضل منهم".منحت تلك العائلة ديلي ألي الاستقرار الذي كان بأمسّ الحاجة إليه، ومدّت له يد العون وساعدته على المضيّ قدما نحو عالم كرة القدم الاحترافية، لتبدأ أولى صفحات حلمه الكروي.

 

توتنهام

 

في فبراير / شباط 2015، انضم ديلي ألي إلى توتنهام قادمًا من إم كي دونز،  مقابل 5 ملايين جنيه إسترليني فقط، في صفقة وُصفت بأنها إحدى أذكى وأفضل الصفقات في تاريخ الكرة الإنجليزية الحديث.كان عمره حينها 18 عاما فقط، لكنه خطف الأضواء سريعا بعدما سجل 12 هدفا في 25 مباراة بدوري ذلك الموسم، وفي الموسم التالي أحرز 18 هدفا في البريميرليج ليعلن عن ولادة نجم استثنائي.هذه الأرقام جعلته يحقق إنجازا تاريخيا بمشاركته في 40 هدفا بالدوري الإنجليزي قبل بلوغه 21 عاما، وهو رقم يتجاوز ما حققه أساطير مثل فرانك لامبارد (15)، ستيفن جيرارد (13)، ودافيد بيكهام (12) في نفس المرحلة العمرية.

 

الاعتراف الدولي والتألق العالمي

 

سرعان ما أصبح ألي جزءا من المنتخب الإنجليزي الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم 2018، كما لعب دورا محوريا في مسيرة توتنهام المبهرة التي قادته إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2019، ليترسخ اسمه بين أبرز لاعبي جيله.ووقتها انهالت شهادات التقدير على ديلي ألي من أساطير اللعبة، فقال فرانك لامبارد "ديلي لاعب استثنائي بقدرات خاصة، يستطيع كسر الأرقام، ولهذا أعتبره أقرب إلى المهاجم من لاعب الوسط التقليدي".وأوضح داني ميرفي "هو أقرب في أسلوبه لي، أكثر من لامبارد وجيرارد، يمتلك نفس موهبة الوصول لمنطقة الجزاء وتسجيل الأهداف".وأكد جيمي ريدناب: "ديلي ليس موهبة موسم أو موسمين، مكانته بين أساطير الدوري الإنجليزي مستحقة".

 

اهتمام العمالقة

 

في ذروة توهجه، كان ألي هدفا لأكبر الأندية الأوروبية، وعلى رأسها ريال مدريد الذي أبدى اهتماما جديا بالتعاقد معه، وسط تقارير عن اقترابه من الانضمام إلى وكيل اللاعبين الشهير خورخي مينديز.أسطورة النادي الملكي روبرتو كارلوس قال حينها: "ديلي ألي يمتلك بلا شك الجودة اللازمة للعب في ريال مدريد".كما ارتبط اسمه بباريس سان جيرمان وأندية أخرى من الصفوة الأوروبية.

 

بداية الانهيار

 

مع قدوم المدرب جوزيه مورينيو إلى توتنهام في نوفمبر/ تشرين أول 2019، بدا وكأن صفحة جديدة ستُكتب في مسيرة ألي، خاصة مع مشاركته أساسيًا في أول 11 مباراة.لكن العلاقة سرعان ما توترت، وظهرت مشاهد صادمة في وثائقي All or Nothing: Tottenham، حيث وصف مورينيو لاعبه علنًا بأنه "كسول" في التدريبات، وحذره قائلا: "يوما ما ستندم إن لم تحقق ما يمكنك تحقيقه".الانتقادات العلنية تواصلت، سواء بعد تمريرة خاطئة ضد ستوك سيتي في كأس الرابطة، أو بعد طرده أمام لايبزيج في دوري الأبطال، ليبدأ منحنى مسيرة ألي بالانحدار.

 

الغرق في الظلام

 

بعد 2019، بدأت مسيرة ديلي ألي تتفكك، الإصابات، تراجع الأداء، والسلوك غير المنتظم حوّلوا مساره إلى قصة سقوط مؤلمة.في مقابلة 2023، اعترف قائلا: "في سن 24، فكرت في الاعتزال، شعرت أن الاستمرار أصعب من الاستسلام."لكنه كشف أيضًا عن إدمانه للحبوب المنومة، قائلا: "كنت أتناول الكثير منها، أكثر بكثير مما ينبغي، وكانت لدي لحظات مخيفة".وأوضح أن هذه المشكلة منتشرة في كرة القدم أكثر مما يتخيله الجمهور.لاحقًا، سافر إلى الولايات المتحدة وقضى 6 أسابيع في مركز لإعادة التأهيل، في محاولة لعلاج الإدمان والتعامل مع صدمات الطفولة.

 

كارثة كومو

 

في يناير/ كانون الثاني 2025، وقع ألي عقدًا لمدة 18 شهرًا مع نادي كومو الإيطالي، في محاولة لإحياء مسيرته بعيدًا عن الضغوط الإعلامية في إنجلترا.لكن ظهوره الأول ضد ميلان في 15 مارس / آذار كان كارثيا، إذ دخل بديلا في الدقيقة 81، ولم تمض 10 دقائق حتى طُرد ببطاقة حمراء إثر تدخل قوي على روبن لوفتوس-تشيك، رغم محاولات زميله السابق كايل ووكر التدخل لدى الحكم.منذ ذلك اليوم، تم تهميشه تمامًا عن الفريق الأول، واستُبعد من معسكر ما قبل الموسم، فيما أكد المدرب سيسك فابريجاس أنه خارج حساباته تمامًا.

 

أصوات الأسف

 

انهالت التعليقات من نجوم الكرة السابقين معبرة عن أسفهم لحال ديلي ألي.ريو فرديناند قال: "هذا عار، القصة أعمق من كرة القدم، هو بحاجة للدعم وليس للنقد".فيما حمّل دين لوينجتون، زميله السابق، بعض المسؤولية للضغوط الإعلامية ولتوثيق خلافاته مع مورينيو في الوثائقي الذي "لم يساعده أبدًا".

 

نهاية مأساوية قريبة

 

مع استمرار عزله عن فريق كومو واستبعاد اسمه من حسابات الموسم الجديد، أشارت تقارير إيطالية إلى أن ألي يفكر جديًا في تعليق حذائه والاعتزال نهائيًا في سن التاسعة والعشرين، رغم أنه أعلن منذ حوالي سنة ونصف أنه يحلم باللعب مع إنجلترا في المونديال المقبل.ورغم دعوات بعض المحللين لمنحه فرصة أخيرة مع رينجرز الإسكتلندي بعقد قائم على الأداء، فإن مستقبله الكروي يبدو على حافة الهاوية.

 

دروس قاسية

 

رحلة ديلي ألي تجسد هشاشة الإنسان مهما بلغ نجمه من سطوع، من طفل تعرض للإساءة في سن السادسة، إلى لاعب خطف أنظار العالم، قبل أن يتهاوى ويصبح منبوذًا يفكر في إنهاء مسيرته قبل الثلاثين.قصته تفضح الوجه الآخر لكرة القدم، حيث لا تحمي الشهرة ولا المال صاحبها من شياطين الماضي وضغوط الحاضر.ورغم أن ألي خسر – على الأرجح - معركته لإنقاذ مسيرته، فإنه بكسر حاجز الصمت وكشف معاناته النفسية قد يكون أنقذ آخرين، كما قال هو نفسه "إذا ساعدت شخصًا واحدًا فقط بما مررت به، فهذا كل ما أحتاجه".ويبقى السؤال: "هل أُسدل الستار حقًا على واحدة من أكثر المواهب إثارة للجدل في العقد الأخير، أم أن ديلي ألي سيكتب فصلًا أخيرًا يعيد له بريقًا افتقده العالم منذ زمن؟".

المشـاهدات 164   تاريخ الإضافـة 06/08/2025   رقم المحتوى 65495
أضف تقييـم