الإثنين 2025/8/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 40.95 مئويـة
نيوز بار
الاقتصاد العراقي...إمكانات مهدورة وفرص واعدة
الاقتصاد العراقي...إمكانات مهدورة وفرص واعدة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد حسن الساعدي
النـص :

 

 

يمتلك العراق مقومات اقتصادية كبيرة تؤهله للعب دورٍ محوري في اقتصاد المنطقة، إلا أن هذا الدور ظل متذبذباً ومتراجعاً خلال العقود الماضية بفعل الحروب، والفساد، وسوء الإدارة، والتدخلات الخارجية واليوم ومع التحولات الإقليمية والدولية، تعود الأنظار إلى العراق كفاعل اقتصادي محتمل، يمتلك القدرة على التأثير لا بالثقل الجغرافي فحسب،بل من خلال ثرواته وطاقاته البشرية والموقع الاستراتيجي الفريد الذي يربط بين الخليج العربي، وبلاد الشام، وتركيا، وإيران.تمثل الثروات الطبيعية ركيزة الدور الاقتصادي إذ يحتل العراق المرتبة الخامسة عالمياً من حيث احتياطي النفط المؤكد، وتُعدّ صادراته النفطية المصدر الرئيسي للدخل القومي ويُشكل النفط العراقي عنصراً أساسياً في أمن الطاقة الإقليمي، حيث يعتمد عدد من الدول المجاورة، كالأردن وتركيا، على النفط العراقي سواء عبر خطوط الأنابيب أو من خلال التصدير المباشر،لكن الاقتصاد العراقي يعاني من “الريعية”، إذ يعتمد بشكل شبه كلي على عائدات النفط، ما يجعله هشّاً أمام تقلبات أسعار السوق العالمية، ويحدّ من قدرته على التأثير الاقتصادي خارج هذا الإطار. ورغم امتلاك العراق ثروات معدنية وزراعية ومائية وسكانية كبيرة، فإن ضعف الاستثمار وتفشي الفساد حال دون تحويل هذه الموارد إلى عناصر قوة اقتصادية.أن الموقع الجغرافي للعراق يمثل البوابة الرئيسية للتجارة والترانزيت،إذ يُعدّ الموقع الجغرافي للعراق أحد أبرز عناصر قوته الاقتصادية المحتملة،فهو يشكل ممراً طبيعياً بين الخليج وبلاد الشام، ويملك منفذاً بحرياً مهماً على الخليج العربي عبر ميناء أم قصر، كما يُمكن أن يتحول إلى عقدة رئيسية لطرق التجارة البرية والسككية الإقليمية،لاسيما في ظل مشروع “طريق التنمية” الذي يهدف إلى ربط ميناء الفاو الكبير بتركيا وأوروبا عبر شبكة نقل حديثة.هذا المشروع في حال تنفيذه سيوفر بديلاً حيوياً لممرات التجارة التقليدية، ويمنح العراق موقعاً استراتيجياً في خارطة الاقتصاد الإقليمي والدولي، لكنه ما زال بحاجة إلى استقرار سياسي، وشراكات إقليمية فاعلة، وضمانات قانونية، لجذب الاستثمار وتنفيذ البنية التحتية المطلوبة.أما على صعيد العلاقات الاقتصادية، يسعى العراق إلى تعزيز التعاون مع دول الجوار، لا سيما السعودية وإيران وتركيا والأردن، من خلال مشاريع الربط الكهربائي، والتبادل التجاري، والمناطق الصناعية المشتركة،وتأتي هذه المبادرات ضمن توجه لتقليل الاعتماد على السوق الأحادية، وتنويع مصادر الدخل، واستعادة الدور الاقتصادي المتوازن،غير أن هذه العلاقات كثيراً ما تتأثر بالصراعات السياسية، والتجاذبات الإقليمية، ما يُضعف قدرة العراق على فرض أولوياته الاقتصادية أو خلق بيئة تعاون مستدامة فمثلاً، تتعطل بعض المشاريع الاستراتيجية بسبب الصراع الإيراني–الأمريكي على الساحة العراقية، أو بسبب خلافات داخلية على توزيع العوائد والمكاسب.أن الدور المنتظر للعراق أن يتحول من التبعية إلى الريادة ولكي يمارس دوراً اقتصادياً إقليمياً فعّالاً، لا بد من تحولات جوهرية في البنية الاقتصادية والإدارية للدولة، تبدأ بالإصلاح المؤسسي ومكافحة الفساد، وتمر بتحديث البنى التحتية، وتنتهي بوضع رؤية استراتيجية واضحة للاقتصاد الوطني، ترتكز على التنويع والانفتاح، كما أن استعادة الثقة الإقليمية والدولية بالعراق كبيئة استثمارية آمنة تتطلب استقراراً سياسياً، وقضاءً نزيهاً، وتشريعات اقتصادية مرنة، وهو ما يمكن تحقيقه إذا وُجدت الإرادة السياسية الجادة.العراق ليس دولة فقيرة الموارد أو ضعيفة التأثير، بل هو بلد غني بالإمكانات الطبيعية والبشرية والموقع الجغرافي. غير أن تفعيل هذه المقومات وتحويلها إلى أدوات تأثير اقتصادي إقليمي يتطلب نهضة شاملة في التفكير والسياسات والإدارة ، وإن عراقاً مستقراً ومنفتحاً واقتصادياً متحرراً من الفساد، يمكنه أن يكون لاعباً اقتصادياً رئيسياً في المنطقة، لا مجرد ساحة للصراع أو سوقاً للغير.

 

المشـاهدات 63   تاريخ الإضافـة 18/08/2025   رقم المحتوى 65769
أضف تقييـم