متابعة ـ الدستور الرياضي

في خطوة هزت أركان سوق الانتقالات في الدوري الإنجليزي الممتاز، أعلن نادي ليفربول، ضم المهاجم السويدي ألكسندر إيزاك، من نيوكاسل، مقابل 125 مليون جنيه إسترليني، في صفقة هي الأغلى في تاريخ كرة القدم البريطانية.هذا الرقم، الذي تجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 116.5 مليون إسترليني، الذي دفعه ليفربول أيضا لضم فلوريان فيرتز في وقت سابق من هذا الصيف، يعكس طموح النادي لتعزيز هيمنته على الكرة الإنجليزية والأوروبية.لكن، ما الذي يجعل إيزاك يستحق هذا المبلغ الضخم؟ وكيف سيؤثر انضمامه على خطط ليفربول في الحاضر وفي عصر ما بعد محمد صلاح؟

المهاجم المثالي لتطلعات ليفربول

عندما نتحدث عن صفقة بقيمة 125 مليون إسترليني، فإن التوقعات تكون مرتفعة بشكل استثنائي، لكن إيزاك، البالغ من العمر 25 عامًا، يمتلك كل المقومات التي تجعل هذه الصفقة، استثمارًا استراتيجيًا للريدز.خلال موسمين ونصف في نيوكاسل، أثبت إيزاك أنه واحد من أفضل المهاجمين في البريميرليج، حيث سجل 44 هدفًا في البريميرليج من أصل 52 هدفًا في جميع المسابقات، متفوقًا على الجميع باستثناء هالاند (49 هدفًا) ومحمد صلاح (47 هدفًا) خلال موسمي 2023-2024 و2024-2025.هذه الأرقام تعتبر دليلًا على قدرة إيزاك على التأقلم مع ضغوط الدوري الأكثر تنافسية في العالم، وتحويل الفرص إلى أهداف بكفاءة عالية.وما يميز إيزاك أيضًا، ليس مجرد تسجيله للأهداف، بل جودته في تحويل الفرص غير المتوقعة، فوفقًا لشبكة "أوبتا" فإن معدل تحويل التسديدات "غير ركلات الجزاء" الخاص به بلغ 26.4% في موسم 2024-2025، متفوقًا على هالاند (21.6%) وصلاح (21.1%)، مما يعكس قدرته على استغلال أقل الفرص للتسجيل.وتعتبر هذه الميزة حاسمة بالنسبة لليفربول، الذي يسعى لبناء خط هجومي يمكنه التأقلم مع السيناريوهات المختلفة، سواء في المباريات المفتوحة أو تلك التي تتطلب الدقة في اللحظات الحاسمة.

تعزيز العمق الهجومي

يعيش ليفربول، تحت قيادة المدرب آرني سلوت، فترة ذهبية بعد تتويجه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم الماضي.ومع ذلك، كانت هناك مخاوف بشأن عمق الفريق، خاصة مع احتمال خوض أكثر من 60 مباراة في موسم يشمل الدوري، ودوري أبطال أوروبا، والبطولات المحلية.ولذلك، تمنح إضافة إيزاك إلى قائمة تضم محمد صلاح (33 عامًا)، فلوريان فيرتز (22 عامًا)، هوجو إيكيتيكي (23 عامًا)، كودي جاكبو (26 عامًا)، والشاب ريو نجوموها (17 عامًا)، ليفربول ترسانة هجومية شابة وديناميكية، قادرة على تحمل ضغط المنافسات المتعددة.ويعتبر بناء هذا العمق، ضروريًا لعدة أسباب، أولها أن غياب صلاح خلال كأس الأمم الأفريقية في ديسمبر ويناير، سيترك فراغًا كبيرًا في خط الهجوم، ولكن هنا يمكن لإيزاك، بفضل قدرته على اللعب كمهاجم صريح، تعويض هذا الغياب بفعالية من خلال معدل تهديفه العالي.ثانيًا، مع اقتراب صلاح من نهاية عقده في 2027، يحتاج ليفربول إلى خطة واضحة لعصر ما بعد الفرعون المصري، ويمثل إيزاك، بسنوات ذروته القادمة، العنصر الأساسي في هذا الانتقال، حيث يجمع بين الخبرة والإمكانيات المستقبلية.

التنوع التكتيكي والحركة الذكية

أحد أبرز جوانب قوة إيزاك هو تنوعه التكتيكي، فعلى عكس المهاجمين التقليديين الذين يعتمدون على التواجد داخل منطقة الجزاء، يتميز إيزاك بحركته الذكية عبر الملعب.وفي موسم 2024-2025، سجل إيزاك 113 تحركًا لاستقبال العرضيات، و287 محاولة لاختراق الدفاعات خلف الخط، مع 49 منها تنتهي داخل منطقة الجزاء، مما يجعله واحدًا من أكثر المهاجمين ديناميكية في الدوري الإنجليزي.وتتيح هذه التحركات له، خلق مساحات لزملائه، مما يجعله مناسبًا تمامًا لأسلوب ليفربول الهجومي، الذي يعتمد على الضغط العالي واللعب السريع.إضافة إلى ذلك، يمتلك إيزاك قدرات إبداعية لا تُستهان بها، فخلال موسم 2024-2025، خلق 50 فرصة من اللعب المفتوح في جميع المسابقات، وفقا لشبكة "أوبتا"، وهو رقم يتجاوز أفضل مواسمه السابقة بفارق كبير.ومع ليفربول، حيث سيكون محاطًا بخيارات هجومية مثل صلاح، فيرتز، وجاكبو، من المتوقع أن تزداد هذه الأرقام، حيث لن يكون مضطرًا لتحمل عبء التسجيل بمفرده.وسوف يمنح هذا التنوع، سلوت، مرونة تكتيكية، حيث يمكن أن يُستخدم إيزاك كمهاجم صريح، أو حتى في أدوار هجومية أوسع إذا لزم الأمر.

القيمة المالية والاستراتيجية

قد يبدو مبلغ 125 مليون جنيه إسترليني باهظًا، لكنه يتماشى مع ديناميكيات سوق الانتقالات الحالية، حيث في عالم كرة القدم الحديث، تجاوزت صفقات مثل نيمار (200 مليون جنيه إسترليني) وكيليان مبابي (165.7 مليون جنيه إسترليني) حدود الخيال، فإن دفع 125 مليون جنيه إسترليني لمهاجم في ذروته مثل إيزاك، يعتبر استثمارًا منطقيًا.أيضا لا ننسى أن ليفربول، بفضل إدارته المالية الحكيمة، استفاد من بيع لاعبين مثل لويس دياز، داروين نونيز، وكوانساه، وغيرهم، مما أتاح له رأس المال الكافي لتمويل هذه الصفقة، دون الإضرار بالتوازن المالي.علاوة على ذلك، يتماشى توقيع إيزاك مع استراتيجية ليفربول طويلة الأمد للبقاء في صدارة المنافسة، فالنادي لم ينفق بشكل كبير في صيف 2024، مما سمح له بتكوين احتياطي مالي كبير، أو ما يُعرف بـ "مساحة رأس المال" وفقًا لقواعد الربحية والاستدامة (PSR).ويعكس هذا التخطيط المالي الدقيق، إلى جانب توقيع عقود جديدة لنجوم مثل صلاح وفيرجيل فان دايك، رؤية واضحة لبناء فريق قادر على المنافسة على كل الألقاب.

الاستعداد لعصر ما بعد صلاح

سيغادر محمد صلاح، رمز ليفربول الحديث، النادي يومًا ما، سواء في 2027 عند انتهاء عقده أو قبل ذلك.ويمثل الغزال السويدي إيزاك، إلى جانب فيرتز وإيكيتيكي، جزءًا من خطة ليفربول لضمان انتقال سلس إلى عصر جديد، فبينما يتمتع صلاح بقدرات استثنائية في خلق الفرص (28 تمريرة حاسمة في موسمين)، فإن إيزاك يجلب توازنًا مختلفًا، مع التركيز على التسجيل والحركة الذكية.ومع وجود لاعبين شباب مثل فيرتز وإيكيتيكي، يمكن لليفربول، بناء خط هجومي يجمع بين الخبرة والمهارات، ويمكن التعويل مستقبلا على الشاب الألماني أكثر في تعويض التمريرات الحاسمة، مما يضمن استمرارية النجاح حتى بعد رحيل صلاح.

تأثير وتحديات

إحدى نقاط قوة إيزاك هي قدرته على التألق في المباريات الكبرى.في الموسم الماضي، سجل السويدي أهدافًا ضد توتنهام، وتشيلسي، وآرسنال، ونوتنجهام فورست، وليفربول، وأستون فيلا، ومانشستر يونايتد، مما يثبت قدرته على تحمل ضغط المنافسات الكبرى والحاسمة.وتجعله هذه الخاصية، إضافة مثالية لليفربول، الذي يواجه منافسة شرسة في دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي.وعلى الرغم من كل هذه المزايا، فإن انتقال إيزاك إلى ليفربول ليس خاليًا من التحديات.أولاً، التكيف مع أسلوب لعب سلوت، الذي يعتمد على الضغط العالي واللعب الجماعي، قد يتطلب وقتًا، وثانيًا، الضغط الناتج عن كونه الصفقة الأغلى في تاريخ بريطانيا قد يشكل تحديًا نفسيًا.ومع ذلك، فإن سجله في نيوكاسل، حيث تحمل ضغط كونه المهاجم الأساسي، يشير إلى أنه قادر على التعامل مع هذه التوقعات.