
![]() |
الوجوه المتكررة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : في كل دورة انتخابية، يبدو المشهد وكأنه إعادة عرض لفيلم قديم فقد بريقه منذ زمن بعيد. الوجوه ذاتها تعود، الخطابات ذاتها تتكرر، والوعود نفسها تُستنسخ بلا خجل. كأن السياسة في بلداننا توقفت عند زمن واحد لا يتحرك، زمن يرفض أن يترك المجال لأجيال جديدة تحمل تصورات مختلفة عن الحكم والإدارة. المشكلة ليست في الأسماء وحدها، بل في الآلية التي تسمح لهذه الأسماء أن تتجدد إلى ما لا نهاية. حين تتحول السياسة إلى سوق مفتوح لمن يملك المال والقدرة على شراء الولاءات والمقاعد، يصبح البرلمان أقرب إلى نادٍ مغلق لا يقبل أعضاءً جدداً إلا بشرط الولاء أو القرابة أو القدرة المالية. عندها، ينكسر المعنى الحقيقي للتمثيل الشعبي، ويذوب مفهوم العدالة في تفاصيل المناورة والمساومة. تكرار الوجوه ليس مجرد ملل بصري أو رتابة إعلامية، بل هو انعكاس لانسداد الأفق العام. حين يرى المواطن نفسه محاصراً بالخيار نفسه في كل دورة، يفقد الإيمان بفكرة التغيير من الأساس. ويتحول الإحباط شيئاً فشيئاً إلى شعور عام بالعجز، ثم إلى قطيعة صامتة بين المجتمع ومؤسساته السياسية. في المقابل، ثمة مجتمعات أخرى أدركت أن معيار الكفاءة وحده هو الذي يحمي التجربة الديمقراطية من الشيخوخة المبكرة. هناك، لا تُسأل الوزيرة عن نسبها ولا عن عشيرتها، بل عن خططها وبرامجها وإنجازاتها. وفي غياب هذه الروح، تظل مجتمعاتنا عالقة في دوامة التكرار، تعيد إنتاج العطب نفسه بأشكال مختلفة، وتفرّط في كل فرصة لبناء دولة عصرية عادلة. إن مواجهة هذه الحلقة المفرغة لا تتطلب معجزة، بل وعياً عاماً بأن استمرار الحال على ما هو عليه ليس قدراً محتوماً. حين يقرر المواطن أن كرامته أغلى من بيع صوته، وحين يقتنع أن المال لا يمنح شرعية، يصبح الطريق إلى التغيير ممكناً، ولو ببطء. فالسياسة ليست وجوهاً تُعرض أمام الكاميرات، بل مسؤولية تُقاس بقدرة من يتصدرها على خدمة الناس بصدق. وكلما طال زمن الوجوه المستنسخة، اقتربنا أكثر من لحظة الانفجار التي لا تُبقي ولا تذر. |
المشـاهدات 58 تاريخ الإضافـة 11/09/2025 رقم المحتوى 66534 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |