الأحد 2025/9/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
نيوز بار
ابيض / اسود في مرمى النار.. تساؤلات مشروعة!!
ابيض / اسود في مرمى النار.. تساؤلات مشروعة!!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب مازن صاحب
النـص :

 

 

تبقى معادلة القوة الأساس في أي تحليل سياسي لسيادة الدولة. وفي هذا الإطار، تتحول اتجاهات الأحداث نحو مرمى النار، حيث تبقى القضية الفلسطينية القضية المركزية في الشرق الأوسط، الذي تسعى واشنطن إلى إعادة تشكيله وفق أهدافها للقرن الحادي والعشرين.

يتطاير شرر الحرب من غزة إلى بقية دول المنطقة، بما فيها العراق، الذي تعامل مع هذا الشرر بإطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية "إليزابيث تسوركوف" التي وصلت إلى إسرائيل سالمة. لكن هذا الشرر امتد أيضًا إلى قلب دول الاتفاقات الإبراهيمية، مثل قطر، التي واجهت ضربات صاروخية إيرانية حول قاعدة العديد الأمريكية، ثم ضربات صاروخية أمريكية بقيادة إسرائيلية استهدفت مكتب قيادات حماس التي تفاوض من أجل السلام في غزة، ناهيك عن تلك الصواريخ التي اغتالت القائد في حزب الله اللبناني.

في المقابل، لا يزال العقل السياسي العراقي غير معتبر، إذ ما زال يعتبر القوات الأمريكية التي احتلت العراق عام 2003 مجرد منظمة إنسانية يمكن طردها بسهولة بعد أن تؤدي واجباتها، وكأن الإدارة الاستراتيجية لسيادة الدولة ليست أكثر من بيع وشراء في سوق نخاسة المصالح اليومية، حتى بلغ الأمر تحقيق الأرباح من مفاسد المحاصصة بدلاً من التفكير في التنمية السياسية المستقبلية التي يجب أن تُبنى عليها رؤية العراق 2050.

كل هذا يؤكد أن العراق في مرمى النيران، ويتلقى الشرر المتطاير سواء عبر الحرب الناعمة الاقتصادية أو عبر تحكم الفيدرالي الأمريكي بحنفية ريع النفط. فيما لا تزال كثير من قيادات العملية السياسية في أحزاب وفصائل المقاومة تتعاطى مع مستقبل العراق ليس من منطلق مواجهة هذه الضغوط، بل من منطلق الولاء العقائدي لولاية الفقيه وتطبيقاتها في تسويق أوهام مقاومة المشروع الصهيوني، مع أن الحقيقة الغائية تقول إن الاحتلال الأمريكي للعراق ما كان ليكون لولا الموافقات الضمنية التي حصلت عليها واشنطن في مؤتمرات المعارضة ثم في مجلس الحكم.

ويظهر الاختلاف جليًا بين منهج المرجعيات الدينية العليا في قيادة المقاومة الشعبية خلال ثورة العشرين وعدم إصدار أي فتوى معلنة للجهاد ضد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003. وهذا الاختلاف نفسه يقرأ اليوم في خلافات فرقاء العملية السياسية، خاصة في أحزاب فصائل المقاومة الإسلامية التي تضع أقدامها في مفاسد المحاصصة والتنعم بالمال السياسي في قصور أمراء الإقطاع الجديد، دون اعتراض من المرجعيات الدينية ذات الصلة، في حين نراها تلتزم بتطبيقات تماثل احتجاز رهينة إسرائيلية زارت العراق وكانت لها علاقات واسعة مع شخصيات تنتمي إلى تلك الأحزاب نفسها!

هذه الازدواجية بين نماذج متعددة على رقعة الشطرنج في دولة توصف أحيانًا بدولة أشباح تحاول فرض سيادتها على مجموعة إقطاعيات توصف إما "بالعميقة" أو "الموازية" بعناوين مقدسة كمحور المقاومة الإسلامية، لا تحمي العراق من شرر مرمى النار المتأجج في المنطقة لمصالح إيرانية في ملفها النووي، أو مصالح إسرائيلية في مشروعها الصهيوني الجديد الذي وافقت عليه أحزاب المعارضة العراقية في مؤتمري صلاح الدين ولندن ثم في مجلس الحكم، حيث التقطت الصور مع قيادات اللوبي الصهيوني وهي تزور بغداد ، ثم تخرج بعد ذلك بخطاب سياسي صاخب عن المقاومة الإسلامية!

كل هذا يتطلب فهم الواضحات، عبر تساؤلات قد تبدو للبعض وقحة ولكنها مشروعة مادام الشعب مصدر السلطات في الدستور العراقي: هل هذه الأحزاب على استعداد لأن تكون محور مقاومة إسلامية حقيقية، أم أن تبقى أحزابًا مسلحة غارقة في مفاسد المحاصصة؟

الإجابة الصريحة تعني تحديد المواقف بوضوح أمام جمهور الناخبين: مع من تقف؟ مع الطاولة الأمريكية الصهيونية، أم مع جياع الشعب؟

لكي يتضح للعراقيين التعامل مع أهداف حقيقية بدلاً من هذا التزييف المقنع بمقاومة مقدسة للمشروع الصهيوني، مع أن الحقيقة المغيبة هي أن هذه الأطراف نفسها هي التي تعاملت مع الاحتلال الصهيوني للعراق قبل عام 2003 وبعده.

كما يجب توضيح آليات وأنماط واقعية لرؤية مسارات المصالح العليا للعراق، في تعريف العدو والصديق، ونقاش قدرة الشعب على مواجهة الاحتلال، والرد على تساؤلات عديدة تبدأ بتحرير ريع النفط من سيطرة الفيدرالي الأمريكي، وإعادة النظر في عقود النفط الاستخراجية، وتعزيز إدارة المعرفة في حوكمة ثروة الشعب، ومكافحة الفساد بإلغاء نظام المحاصصة واستبداله بتطبيقات المواطنة الفاعلة التي تلغي نموذج أحزاب الفصائل المسلحة وفق القانون والدستور أمام القضاء العراقي. عندها يمكن التفكير جديًا في أن تكون الأجواء العراقية تحت سيطرة سلاح الجو العراقي، وأن تحافظ على حدودها في مسعى لترسيخ حقوق العراق في مكافحة الجرائم العابرة للحدود.

السؤال الأصعب: هل هناك إمكانية وقدرة لأن تتخلى أحزاب الفصائل المسلحة عن امتيازات مفاسد المحاصصة؟

الإجابة الموضوعية تظهر في تلك القصور والمواكب والفخامة والتبجيل التي لا تشبع إلا بعد أن يهال عليها التراب. لذلك، فإن ازدواجية الأقوال والأفعال بعناوين المقاومة المقدسة ليست أكثر من تسويق فاشل ينكشف يومًا بعد يوم، لكن شرر مرمى النيران الصهيوني — سواء من إسرائيل أو أمريكا — ينال من مستقبل أجيالنا بسبب تبني هذا الفشل السياسي متشابك المصالح، فقط لأن قيادات اليوم لا تفهم سوى مباني الاستفادة المادية من ثروات العراق، ولا تصنع مستقبل أجياله... ويبقى من القول: لله في خلقه شؤون.

المشـاهدات 60   تاريخ الإضافـة 14/09/2025   رقم المحتوى 66639
أضف تقييـم