النـص :
يقول نعوم تشومسكي للاسف الشديد لا يمكن التخلص من الاوغاد عبر الانتخابات لاننا لم ننتخبهم اصلا وهذه المقولة تختصر حال العراق بشكل موجع فمنذ عام الفين وثلاثة ونحن ندخل انتخابات ونخرج منها بوجوه جديدة وشعارات جديدة لكن الجوهر يبقى كما هو فساد ومحاصصة وسوء خدمات المواطن العراقي يدخل قاعة الاقتراع محملا بالامل يتمنى كهرباء مستقرة وماء صالح للشرب يتمنى مدرسة نظيفة تحتضن ابناءه ومستشفى تحترم كرامته يتمنى عملا يرفع عنه ذل الحاجة وهجرة الشباب ومعاناة العاطلين لكنه بعد الانتخابات يصطدم بالواقع ذاته حكومة محاصصة تتوزعها الاحزاب برلمان متناحر وقرارات مرهونة بالصفقات لا بمصلحة الشعب السبب واضح لان من يحكم فعلا ليس من ننتخبه بل من يقف خلف الكواليس من يمتلك المال والسلاح والنفوذ هؤلاء هم اسياد الظل الذين يفرضون ارادتهم على العملية السياسية فلا يتغير شيء مهما تغيرت الوجوه ولهذا يبقى المواطن حائرا لماذا نصوت اذا كانت النتائج محسومة سلفا ولماذا نأمل اذا كان القرار بيد من لم ننتخبهم هذا الشعور بالاحباط واليأس هو اخطر ما يواجه البلد لان عزوف الناس عن المشاركة يفتح الطريق امام الفاسدين ليعيدوا انتاج انفسهم بلا منافسة حقيقية وحين يبتعد الشرفاء عن صناديق الاقتراع تتحول الانتخابات الى مسرحية شكلية لا قيمة لها لكن الحل ليس في اليأس بل في الوعي التغيير الحقيقي لا يبدأ من تبديل اشخاص باشخاص بل من بناء ثقافة شعبية رافضة للفساد ومن الضغط المستمر على السلطة ومن كسر جدار الخوف الذي صنعوه حول المواطن العراقي فصوتك ليس ورقة تنسى بعد يوم التصويت صوتك هو امانة ومسؤولية وسلاح للرقابة والمحاسبة اسياد الظل الذين لم ننتخبهم يسقطون حين تتوحد ارادة الناس وحين يتحول الغضب الى فعل منظم يطالب بدولة مؤسسات تحكمها العدالة والقانون لا الغنيمة والمصالح الخارجية يسقطون حين يرفض المواطن شراء صوته بثمن بخس وحين يقول لا لكل من يبيع الوطن من اجل الكرسي ان مقولة تشومسكي ليست قدرا ابديا بل هي تحذير من وهم الديمقراطية الشكلية، الانتخابات وحدها لا تكفي لكنها قد تكون البداية اذا تحولت الى انتفاضة سلمية واعية ترفض الفساد وتستعيد الوطن من يد اسياد الظل.
|