الأربعاء 2025/10/15 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 16.95 مئويـة
نيوز بار
المقاهي .... لماذا يفضلها الأدباء والمثقفين ملاذًا للحوار والمناقشة؟
المقاهي .... لماذا يفضلها الأدباء والمثقفين ملاذًا للحوار والمناقشة؟
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

تحقيق / علي صحن عبد العزيز

ثمة أسرار ما تحرّك الكتابة وسط المقاهي المنتشرة في شارع المتنبي وبقية المقاهي لدى الكثير من الشعراء والادباء والمثقفين لمّا توفره من أجواء محفزة لطقوس الكتابة والتفاعل الثقافي والأجتماعي وكذلك لتحفيز النشاط الذهني والتفاعلي في تلك المقاهي من أجل تحسين ابداعاتهم المختلفة ، بل ويمكنهم أن يجدوا فيها مساحات ثقافية خاصة بهم لمناقشة قراءاتهم وأعمالهم وهو ما ينعكس في تغذية خيالهم الثقافي والابداعي ولن تشعر أو تتذوق أسرار ارتياد هؤلاء للمقاهي إلاّ بعد أن تمارس ذلك التأثير الساحر واللذيذ حينما تكون جزءٍ منها.

(جريدة الدستور ) أستطلعت آراء نخبة من المشاركين والمشاركات وطرحت عليهم هذا التساؤل هل تعتقد بأن تلك المقاهي يمكنها أن تكون إحدى حوافر الحراك الثقافي والأدبي بما تتيحه من تلاقح في الرؤى والافكار وسط تلك الأجواء من تعدد الأصوات والدلالات وهي تستخدم قنوات اللغة والعقل؟ وكانت هذه الآراء الواردة.

محطات الأدباء

د. علي لعيبي / رئيس مجلس وتحرير مجلة الآداب والفنون العراقية الورقية: كما أعتقد أن المقاهي كمكان تأثيرها محدود في إظهار الإبداع الثقافي ، ولكن كتاريخ وموروث هنا يأتي تاثيرها ، ومنها مثلًا قهوة البرازيلي وحسن عجمي والشابندر والزهاوي ، حيث أفرزت لنا كبار الأدباء الكبار منهم سعدي يوسف وسامي مهدي ويوسف الضائغ وغيرهم، ولذلك صارت محطات يزورها بين حين وحين الأدباء على مختلف أعمارهم ، فالمقهى تجعلك تغادر الأطر الرسمية إلى فضاء واسع أكبر.

النقد المفتوح

غرام الربيعي/ شاعرة : المقاهي هي الأمكنة التي تمنح المثقفين والكتاب اللقاءات غير المشروطة أي تحقق جلسات راحة وحرية من ناحية السلوك والنقاشات المفتوحة، مما يسمح بتناقل الأفكار والأخبار ليتغذى عليها كل كاتب فضولا" أو معرفة ، وبالتالي هي فرصة لتبادل الآراء والأفكار ووجهات النظر حول ما يدور في الساحة والمشهد من نتاجات وتحولات مما يكون، كأنه النقد المفتوح مدحًا أو ذمًا ، كما أنها تعتبر فرصة لتبادل النتاجات وسماع بعض فحواها ، فكثرة الكتب والكتاب قد لا تسعه صالونات الثقافة، ولذا تكون المقاهي بديلًا مريحًا لأي كاتب أو مثقف بسبب أنها تجمع الناس المتشابهة الأهتمامات وهو تقليد قديم ممتد طويلًا بما يُسمى مقاهي المثقفين ، وهنالك يدور ما لا يمكن تداوله ربما في أماكن أخرى .

متنفس أدبي

كمال عبد الرحمن/ ناقد : إلى جانب منصات أتحاد الأدباء والمجالس الثقافية الشخصية في بيوت المثقفين ، هناك متنفس آخر للأدباء وهو المقاهي الأدبية والثقافية وهو متنفس وملاذ أدبي ثقافي غير رسمي يجمع الأدباء من كل مكان، وهذه المقاهي مشهورة في كل مكان في العالم، مثلًا في مصر  مقهى" ريش" وفي بغداد" مقهى عجمي" وغيرها ، وهي تساهم بطريقة ما بتبادل وجهات النظر والحوارات الثقافية وهي ظاهرة لابأس به في تطوير إبداع الأديب وما نراه في شارع المتنبي خير مثال على ذلك.

المقاهي فسحة الروح

احمد صالح التميمي / أديب وكاتب : في المقهى لا يجلس الإنسان فقط بل يتأمل ذاته وهي تتناثر بين فنجانٍ وصوتٍ عابر، وهناك حيث تختلط رائحة القهوة بصوت الورق، تنبعث الكتابة من رحم الضجيج، لا لتُقاومه بل لتتآلف معه ، فالمقهى ليس عزلةً بل عزاءٌ جماعيٌ للذين ضاقت بهم غرفهم، واتسعت بهم الأسئلة ، وكل طاولة فيه تشبه منبرًا صغيرًا، وكل كرسي يحمل ذاكرةً لا تُقال ، المثقف لا يبحث عن الصمت، بل عن صوتٍ يمكنه أن يكتب فيه دون أن يُقاطع ذاته في المقهى، تُولد القصائد من نظرة، وتُصاغ الأفكار من نبرة، ويُعاد تشكيل العالم من حوارٍ عابرٍ بين غرباء ، ربما لهذا، يفضّل الأدباء المقاهي: لأنها لا تطلب منهم شيئًا، لكنها تمنحهم كل شيء تمنحهم المسافة بين الذات والآخر، بين النص والنبض، بين الفكرة والواقع هناك يصبح الزمن مرنًا، واللغة حيّة، والكتابة طقسًا يوميًا لا يحتاج إلى طاولة مكتب، بل إلى قلبٍ مفتوح.

ترويج الرؤى الثقافية

قحطان جاسم جواد / أعلامي : كانت المقاهي الأدبية مرتعًا خصبًا للمثقفين والادباء ، حيث تجري النقاشات الأدبية وفيها اللقاءات بينهم خصوصًا الذين يأتون من المحافظات أو الخارج وتصل أحيانًا إلى حد الخصومة الثقافية بين الأدباء لا سيما إذا تطرقت النقاشات في جانب سياسي ، وكانت مقاهي حسن عجمي والبرازيلية في شارع الرشيد مسرحًا لذلك ، أضف إلى ذلك كان أهل الثقافة من شعراء وقصصاصين وروائيين ونقاد وكتاب يتعرفون على كل جديد من آراء وكتب جديدة ويتبادلونها فيما بينهم ، إضافة إلى نقد الكتب الجديدة التي تعد وسيلة للترويج لها ، وهي كانت تفعل دور الثقافة العالي بين الأدباء كما يفعل شارع المتنبي اليوم كمكان لتلاقي الأفكار وترويجها ، أما اليوم مع الأسف أغلقت معظم المقاهي الأدبية أو تحول بعضها إلى جايخانات لا حياة فيها أو تحول إلى أماكن عمل أخرى غير الثقافة والكتب ، وهذا يجعلنا نأسف كثيرًا لضياع هذا الدور المهم والحيوي ولكننا نفرح من جانب آخر لما يقوم به شارع المتنبي في الترويج للرؤى الثقافية وتوفير الجديد من الكتب وطبعها طباعة جميلة إضافة إلى الندوات المهمة في محاور الثقافة والأدب والفن الذي يقوم به المركز الثقافي البغدادي أو بيت المدى في محاولاتهم الأسبوعية المشكورة.

إثراء الحراك الثقافي

زهراء كاظم/ صحفية : تنطوي وجهة نظرنا بأن المقهى هو المكان الأجتماع والتواصل الشفوي ،كان مكانًا للعزلة ايضًا أي استخدام بعض الكتاب له مكانًا للكتابة والتأليف لذلك أنجز الكثير من الكتاب والشعراء كتبهم ودواوينهم في مقاه اعتادو للجوء أيضًا إليها في اوقات التأليف والفراغ ، ويعتبر المقهى ليس فقط الكتاب إنما مقر التصريف الأعمال بين التجار والحرفين ،  ولقد لعبت المقاهي دورًا كبيرًا في إثراء والحراك الأدبي في العراق والوطن العربي.

وطن صغير للخيال

حسين السياب/ شاعر: نعم، فالمقهى ليس مجرد طاولة وكوب قهوة، بل فضاء دافئ يتنفس فيه الأدباء دفء الكلمات، ويستمعون إلى صدى أرواحهم في حوارات الآخرين ، هناك حيث تتقاطع النظرات مع رائحة الكتب وأحاديث المثقفين، يولد النصّ من بين ضجيج الشارع وهمس الأفكار ، إنّه وطن صغير للخيال، يفتح نوافذه على الحياة بكل تناقضاتها، ليغدو محرابًا يكتشف فيه الشاعر سرّ الكتابة ويصوغ المثقف ملامح وعي جديد.

مُلتقى الأدباء والمبدعين

عدنان كاظم السماوي/ باحث وكاتب: كنا شهود على الدور البارز والمؤثر للمقاهي المنشرة في مدينة بغداد والمحافظات ، ومن مرتاديها ، فلقد أستطاعت المقاهي أن تخلق جيلاً كبيرًا وفاعلًا في المشهد الثقافي والفكري ، وخلق وعي حقيقي ونهضة فكرية وادبية ، وكانت ولا زالت ملتقى الأدباء والمبدعين والمفكرين والمثقفين وقد أنتجت العشرات من عمالقة الأدب والفكر والفن ومنها مقهى الآداب في الباب المعظم والبلدية في ساحة الميدان ، والزهاوي ، وحسن عجمي والبرلمان والبرازيلية في شارع الرشيد ، حيث كانت تلك المقاهي ملتقى الأدباء والمبدعين يتناولون فيها ما أستجد في العلوم والأدب والفنون ويتبادلون الأفكار والرؤى ، لغرض تقديم نتاجهم الفكري وأصدار ما يمكن أصداره ، بعد الحوار والنقاش الهادف ، وكثيرًا من الأدباء من أتم نتاجه على مناضدها ، وكثيرًا منها كانت مسرحًا لعرض الدراما ، والقصة خون ، وكما في العراق كانت المقاهي في مصر ، تحتضن عمالقة الأدب والفكر والفن المصري ، ومنها مقهى الفيشاوي والكتبخانة وزهرة البستان والريتز والحرافيش في مصر القديمة وجروبي في ميدان طلعت حرب ، ولقد ظهر منها طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف ادريس والعقاد والمازني وعشرات الأدباء المصريين.

تيارات الإبداع

عباس العيد الموسوي/ صحفي : عادةً خلال الإجازة، أبدأ يومي بالبحث عن زاوية هادئة، ثم أذهب لزيارة مقهى في مدينتي الكوت، فأجده ممتلئًا بمختلف الطاقات الإبداعية، بعيدًا عن رومانسية الماضي، أؤمن تمامًا بأن هذه الأماكن هي مراكز حيوية للإنجاز الفكري، وليست مجرد نقاط لقاء عابرة، لقد شاهدت كيف تتشابك الكلمات والأفكار بعفوية مذهلة ما بين رواد المقهى، وكأنها تيارات من الإبداع تتجاوز الحواجز، هذا الحراك الثقافي المفعم بالحياة يثبت أن المقهى هي الملاذ الأمثل لتغذية الخيال وتجديد الطقوس الإبداعية للكاتب والمثقف حتى في عصرنا الرقمي.

إثراء الحراك الثقافي

مدارس للأفكار

كاظم هلال البدري/ أديب وكاتب : يذكرني الموضوع بمقهى البلدية والزهاوي وحسن عجمي والبرازيلية المربعة وشط العرب ، فما أجملها من ذكريات لأن المقاهي مدارس مكتملة الفصول وفيها تلاقح الأفكار لإنتاج أجمل الأدب والفلسفة.

طبقات المثقفة

حسن الموسوي/ أديب وروائي : مما لا شك فيه ما للمقاهي الأدبية من تأثير كبير على الحراك الثقافي ، فالجلسات الجانبية لها دور كبير في صقل الموهبة ، كما أن لها دورا كبيرا في عملية التلاقح الفكري ، وأغلب الجلسات تكون عبارة عن حلقات نقاشية مثيرة ، حيث الأفكار المتنورة و الأحاديث الشيقة ، وأتذكر في إحدى الجلسات أخبرت من كان معي على الطاولة في مقهى رضا علوان بأني قد استفدت كثيرًا من الجلسات في المقاهي الثقافية أكثر من أي مكان آخر ، والسبب يعود إلى كون أغلب الحضور من الطبقة المثقفة ، فعندما يتم طرح أي موضوع سيتبارى الحضور للحديث كل من وجهة نظره ، وبالتالي سوف يستفاد كل من كان في ذلك المكان ، ومن الجدير بالذكر أن هذه المقاهي نجحت في أستقطاب الشباب و أنتشلتهم من سكك الضياع التي يعانون منها.

 

المشـاهدات 56   تاريخ الإضافـة 15/10/2025   رقم المحتوى 67364
أضف تقييـم