تنفق وزارة الصحة على الإخلاء الطبي الخاص بإجراء العمليات فوق الكبرى التي يتعذر اجراؤها في المستشفيات المحلية مما يضطرها لارسال المرضى للعلاج خارج العراق ، مبالغ كبيرة تصل إلى عشرات الألوف من الدولارات للعملية الواحدة وهي خطوة إنسانية مباركة تقوم بها الوزارة لدعم مجموعة المرضى غير القادرين على تحمل تكلفة العلاج الباهضة ولكن.

هذه الـ (لكن) تحتاج إلى وقفة ومراجعة حقيقية ومهمة ، لأنها تتعلق بأرواح المرضى الموفدين ، فالمريض الذي يلجأ لهذه الخطوة ليس بطراً أو ممن يستمتع برحلة السياحة العلاجية ، لكي يقال إنه أرسل للعلاج على حساب الدولة أمام ذويه أو أقاربه ، ولولا ظروفه الصحية وما يعانيه من أوجاع ووضع صحي متردٍ ولولا تقطع سبل علاجه المحلية لما تجشم عناء السفر ومتاعبه ، فهو يسافر وكله أمل أنه سيعود وقد تحسنت حالته الصحية وتجاوز معاناته إلى أن يعود مشحوناً بتوابيت الموتى المعبأة بالنتروجين والموصدة بالمسامير.

أسوق هذه المقدمة وأنا أسجل عودة أربعة مرضى أرسلوا للعلاج إلى مستشفيات الهند ليعودوا موتى دفعة واحدة ، وهو عدد ليس قليلاً مما يتطلب وقفة جادة لمعرفة الأسباب ، فإذا كان من يذهب للعلاج وهو متخم بالأمل أنه سيتشافى ويعود سالماً لأهله ، ليستقبله ذووه في نعش منقول ، ولعل أولى الملاحظات على ذلك أن أغلب الوفيات تحصل بالمرضى المرسلين إلى الهند وتحديداً في مستشفيات الأقاليم وليست مستشفيات العاصمة دلهي ، وهو ما يؤشر لخلل يعكس أن مستشفيات الأقاليم لا تتمتع بذات الكفاءة التي تحظى بها العاصمة

وعلى الجهات المعنية في وزارة الصحة أن لا تتعاطى مع ارسالياتها من المرضى للمستشفيات في الخارج على أنه إسقاط فرض ، بغض النظر عن النتائج المتوخاة ، بل من واجبها أن تتابع حالاتهم وما هي نتائج عملياتهم على أن لا يتعامل أطباء الخارج مع هذه الحالات على أساس المقاولة المدفوعة الثمن غير مبالين بما تتمخض عنه النتائج ، على اعتبار أنهم استلموا أجورهم مقدماً وأن لا مساءلة وراءهم بعد ذلك.

وزارة الصحة ملزمة أن تتعاقد مع جهات صحية رصينة تحترم أرواح المرضى العراقيين المرسلين للاستشفاء خاصة وأنها تدفع مبالغ ليست قليلة عن إجراء كل عملية ، والا ستبقى أسئلة الاستفهام متكررة كلما زاد عدد وفيات العائدين من رحلة العلاج إلى الهند أو غيرها.

باسم الشيخ