الإثنين 2025/10/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
نيوز بار
سامي كمال حين عزف لحنه الاخير ظل الوطن يصدح بأنغامه
سامي كمال حين عزف لحنه الاخير ظل الوطن يصدح بأنغامه
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

لقد ترك وصيته قبلا الرحيل الأخير  أن لا تُذرف دمعة، ولا يغلف القلوب حزن، بل توقد الشموع وتعزف الموسيقى لألحانه التي أنجزها لوطنٍ ظل يرافقه حتى آخر العمر.

 

رحل سامي كمال هادئا كما كانت نغمة عوده، ونديا كما كان صوته حين يهمس للحن بالحب والامل . لم يكن مجرد ملحن، بل كان داعيا للنضال و حارسا للجمال ، يسكنه الوطن وتفيض منه الأغاني والأشعار . في غيابه، ظلت موسيقاه حاضرة كنبض لا يخفت، تروي للأجيال حكاية فنان وهب عمره لمحبة الناس وترك في الذاكرة لحنا لا يشيخ،

 

وهكذا حين يرحل المبدعون يتضاعف حزننا لاننا نخسر ليس اشخاصا عابرين وانما نفقد جزءا من تأريخ وطن وذاكرة ارث وأمل يظل حاضرا على مر الزمن

 

يا له من يوم حزين برحيلك! لقد كنت، أيها الفنان الأصيل، حاضرا وفاعلا في حقبة النضال والكفاح، وحمامة الوطن المجروح التي حَلقت في سماء الأمل، ترفرف بأجنحة من أنغام وترانيم لوطن دنسته اقدام الديكتاوريين والمتسلطين والفاسدين.

 

رحلت عنا  ياسامي كما رحل قبلك كمال السيد  وكوكب حمزة وجعفر حسن و مبدعون اخرون، لكنك خلفت وراءك كنزا ثمينا من الألحان التي لم تكن مجرد أصوات وايقاعات، بل كانت مراث حية تندب لحال شعب ذاق المرارات بسبب حكامه الذين عبثوا بمقدرات وطنهم ودمروا بنيته ومجتمعه بل حولوه الى ملايين من  المنفيين والجرحى والشهداء والأطفال الذين حرموا من طفولتهم،والنساء الأرامل واليائسات والمحرومات من ابسط الحقوق. ،وسط هذا الخراب كيف لا تكون اغانيك نوح على وطن مازال يئن تحت وطأة المحن والأزمات.

 

في زمننا الجريح، تحول صوتك سلاحا لا يقل صولة عن البنادق، يهز أركان السجون والقيود، انها مواقف بطولية بوجه أعداء الحياة

 

كل حرف فيها هو صرخة تمرد وكل نغم هو احتجاج ورفض للواقع

 

جعلت من جرح (صويحب) للشاعر مظفر النواب اجنحة من حريةٍ وكرامة. حيث يقول

 

(شوسع جرحك

 

, ما يسده الثار

 

.. يصويحب

 

, وحك الـــدم

 

ودمك حار

 

, من بعدك

 

مناجل غيظ أيحصدن نار

 

شيل بيارغ الدم , فوك يالساعي

 

صويحب من يموت المنجل يداعي)

 

كل لحن من ألحانك الباسلة كان نداءً يهتف في الناس قوموا للذود عن حمى هذا التراب، واكتبوا مجدا جديدا بأحرف من نور، واذكروا مجد عراق و حضارة صنعها الأجداد بإرادة لا تنكسر

 

أيها الفنان السامي برسالته، الكامل بإنسانيته وعطائه! لقد تركتنا نحمل الأمانة من بعدك لأجيال تبحث عن مستقبل وفي ظل أغانيك، رسمت امنيات أصبحت جزءا من  أحلامنا. نحن نغنيها اليوم، نغني فوق دموع الأحرار، وفي أعماق المعاني التي زرعتها في كل مكان حللت فية من العراق إلى سوريا ثم اليمن واخيراً استقر بكم المقام في مملكة السويد. بلد حقوق الإنسان الذي اخترت الإقامة فيه

 

كلا..لن تموت ياسامي لانك خالد في كل القلوب والنفوس التي أحبتك وحضرت توديعك بالمئات لمثواك الأخير في حدائق مقبرة المسلمين بمدينة مالمو فمن يغني للوطن والحياة يخلد في ذاكرة  الناس. كل ما مررت به من صخب الحياة، وكل أنغام الموسيقى، وكل كلمة أنشدتها للحق، ستظل تروي للأجيال قصة فنانٍ كان صوته يصدح بأسم  أبناء وطنه، وانتماء صادقا لقضيتهم، وعازفا مبدعا على أوتار الكفاح الذي لا ينتهي.

 

ها أنت ذا ترتفع ساميا في السماء، وتظل كمالا راسخا في القلوب حيا فينا. ستظل كالنغم الذي لا يعرف النهاية، كالوعد الأبدي الذي يتردد في آذان الدهر، كالطرب الأصيل الذي يروي ظمأ الروح  وعنوانا للحقيقة والحرية  والجمال

 

المشـاهدات 107   تاريخ الإضافـة 11/10/2025   رقم المحتوى 67213
أضف تقييـم