الأربعاء 2025/10/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
نيوز بار
فوق المعلق استذكار حزين لداود الفرحان وبلده مازال نازلاً ؟
فوق المعلق استذكار حزين لداود الفرحان وبلده مازال نازلاً ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

 

 

 

احتفل امس ( الثلاثاء ) نخبة من الصحفيين الأحرار بذكرى زميل لا يمكن نسيان اسمه او حضوره ، المهني والإنساني من خلال ارائه ومواقفه المميزة .

  فقد ظل الاستاذ داود الفرحان محلقا  في سماء الكلمة، ظل يتمنى ان تكون الصحافة كما درسها وتعلمها في اول دورة صحفية تخرج منها عام 1968 منحته البكالوريوس صحافة في كلية اداب بجامعة بغداد ، والإذن بممارسة المهنة .

بعد ان تمنى طويلا ً ان ترتقي الصحافة في العراق لتكون سلطة رابعة بحق ، او هي  صاحبة الجلالة بعمق المعنى ، كما درسها ،،

  منجزات ومواقع كثيرة و كبيرة حققها داود الفرحان ممثلاً للصحافة العراقية و كان ندا ً للسلطة الحاكمة وناقدا ًلها ،

 يرى ان قيمة الصحافة كسلطة، اكبر بكثير من ان تكون تابعة ذليلة للسلطات التنفيذية ، تنتظر المكارم من الحاكم وتداهنه ، او هي صدى وبوقا ً لترويح طلته البهية، كان يمقت الصفحات الاولى في جرائدنا ،كونها تنشر صورة الرئيس بمناسبة او دون مناسبة ، فيذهب لملحق طب وعلوم ،

توثقت علاقتي به في مكانيين ؛ الاول حين كان مديرا لتحرير جريدة الجمهورية الصحيفة التي كانت انموذج للصحافة العراقية في بنائها ومضامينها ، حين وازنت بين ان تكون ناطقة عن الحكومة كاصدار ورقي ، لكن صحفييها أرادوها ان تنطق باسم الشعب في اختيارات المحتوى ، وكنت مديرا لاحد صفحاتها ، وتوليت الموقع الثاني في نقابة الصحفيين خلال عقد التسعينات من القرن الماضي في ادق مرحلة من عمر الدولة المحاصرة ، و الخارجة من حرب الثمانينات الضروس والداخلة بحرب الكويت والتحالف الدولي العبثية اول التسعينات التي كسرت ظهر البلاد ،

كان داود الفرحان اسم على غير مسمى، لم يفرح يوما ً بواقع الصحافة المحلية ، وظل حزينا يستشعر العالم من حوله ، حتى كتب عمودا يقارن بين كلاب سائبة كانت  تأوي إلى مقر النقابة ووزير الأوقاف حينها، تسبب في حجزه في حاكمية المخابرات اواخر التسعينات لمدة ثلاثة اشهر ، وحين خرج عاد للنقابة وهو للمرة الاولى نراه  بشاربين كثيين وعند اول اجتماع مع نقيب الصحفيين وكنت وقتها اميناً ً للسر علق داود برجولة على تعليق ابن رئيس الدولة ( النقيب ) حين قال له مازحا ً ، مربي شوارب استاذ داود ؟ أجابه : دخلت السجن حتى اثبت شواربي  !؟ ،

  وكان التعليق كالصاعقه على النقيب لانه يعرف ان أبيه من امر بسجنه ، كنت الشخص الثاني في بروتوكول النقابة ورايت عن قرب كيف يد النقيب قد تيبست واكفهر وجهه وهو يسمع ذلك التعليق الفرحاني المدوي  ، ولن ينتهي ذلك الاجتماع بيسر بل بمشاجرة مع داود حين انتقد الصحافة الأسبوعية وكيف صارت حالها حال الصحف الحكومية والكلام يطول ، لم يكن في المجلس متوافقا معه إلا قلة من اعضاء المجلس ومساندتي له بمواقف كثيرة ، وكان يثق بي كما اني اعده قيمة كبرى في العمل والتوجه والرأي، فهو من ابرز عقول جريدة الجمهورية ويشرف على ملحقها الاسبوعي المميز لدى القراء وقتها "طب وعلوم "، وكان رؤوساء التحرير يقرأون مقاله الأسبوعي ( بين الناس ) بحرص رقابي شديد كي لايوقعهم بمشكلة ، وهو يعرف حدوده في الصحافة الحكومية لكنه يرفع سقف الحرية في الصحف الأسبوعية،  وفي عمله مراسلاً لسنوات في وكالة الشرق الأوسط المصرية ، حتى يوم فصلنا أنا وإياه فقط من مجلس النقابة في العام (1998 ) لعدم التطوع ، لاننا كنا مراسلين للصحافة العربية مديرين لعمل صحفي والتغطية الواجبة لذلك الحدث ، يوم ضرب العراق في ذلك العام ، ولم نتطوع ، في تمثيلية ( التطويع )، التي يعرفها كل الصحافيين العراقيين ، فقال لي الاستاذ داود؛ ( خلص لا تهتم طلعت منهم ،حرضوا السلطة علينا بكل ما يتمكنون ) .

داوود الفرحان لديه هوايات كثيرة من بينها تربية القطط ، وهو هم يومي لإعالة اكثر من سبعين قطة يطبخ وعائلته لهم كل يوم،

 رحل داود الفرحان عن الدنيا مع كل الالقاب التي يستحقها في عالم الصحافة ليخلف وراءه عشرات الحكايات الصحفية ، بعضها وثقها في ( بلد صاعد بلد نازل ) الذي يقارن بين عادات الشعب الياباني والعراقي بسخرية لاذعة ، لا اعرف كيف إجازته الرقابة العراقية، حينها ،،ليرسي تقاليد في الصحافة الساخرة ، التي تعلمها من الصحافة العراقية في الخمسينات والمصرية التي يقراها كل يوم .

مات في القاهرة وحيدا ً بعد موت رفيقة دربه السيدة الفاضلة ام صفا، التي تحمت مزاجه، وباتت حياته بعدها موحشة ، في منفاه الاختياري القاهرة التي احبها وعشق شعبها ..

ودع العالم بعد رحلة ممتعة مع الحياة والصحافة عن عمر ناهز 82 سنة ، وعينه على بلده وصحافتها التي لم تروق له ..رحم الله داوود الفرحان وأسكنه فسيح جناته .

المشـاهدات 42   تاريخ الإضافـة 28/10/2025   رقم المحتوى 67778
أضف تقييـم