التعددية في المنظور الاسلامي
![]() |
| التعددية في المنظور الاسلامي |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص : عساف صالح أغا الدوري يمكن القول بدءاً إنّ مصطلح التعددية من تلك المصطلحات التي تتسم بقدر كبير من الغموض، وربما يرجع ذلك إلى تعدد الأقلام التي تناولت الموضوع دون تحديد مفهوم واحد مشترك بينهم عنه. فالتعددية الدينية: تعني تعدد الأديان والمعتقدات في بيئة ما، وإظهار القدر الكافي من الاحترام لهذا التعدد وما ينشأ عنه من اختلافات رئيسة أو غير رئيسة ويقوم على أساس الاعتراف بالآخر وعدم إقصائه تحت أية صورة من صور الإقصاء، فلا يكون القيد الفكري على الآخر بديلاً عن حرية التفكير، كما لا يكون العنف بديل الحوار. و إنّ جذور فكرة التعددية الدينية تمتد بالأساس إلى تلك الدول التي تعددت فيها الأديان والمعتقدات الدينية. والتعددية المذهبية تعني تعدد المذاهب في الدين الواحد، وهي تقوم بالأساس على الاعتراف بوجود أتباع المذهب الآخر وبحرية الأشخاص في اعتناقه من عدمه، بصرف النظر عن الإيمان بمنطلقات هذا المذهب وأركانه وأصوله من عدمه. والتعددية السياسية تعني تعدد القوى والأحزاب السياسية بما تتضمنه من حق المعارضة والتعايش الآمن والسلمي داخل المجتمع، والتعبير عن آرائها السياسية بكل حرية بعيداً عن الإكراه، حيث تكون عنصراً فاعلاً في قوام العملية السياسية، وعليه يمكن الحكم على بلد ما بفاعلية الحياة السياسية وثرائها فيه من عدمها. ولما جاء الاسلام بتعاليمه السماوية احدث ثورة شاملة في نواحي الحياة كافة وتضمنت العقيدة الجديدة نظرة شاملة للكون والحياة والانسان تقوم على مبدأ (الوحدة من خلال التعدد والتنوع) وقد أكد القرآن الكريم هذه النظرة وهذا المبدأ من خلال قوله تعالى:( يا ايها الناس إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وأثبت القرآن أن اختلاف المجتمعات واختلاف الناس على العقائد هو من سنن الله في الارض (لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) و(لا إكراه في الدين) و(لكم دينكم ولي دين) وهذا اعتراف واضح وصريح ان الدين الاسلامي يقر ويعترف بان الحق في الاختلاف.. وقد استقر مبدأ التنوع والتعدد في نطاق الوحدة في المجتمع العربي الاسلامي فهذا النبي قد مارس مبدأ التعددية منذ نشأة الدولة الاسلامية من خلال ارسائه قواعد العلاقات بين المسلمين واليهود واقراره بالديانة اليهودية والمسيحية وكفل لمعتنقيها حقوقهم وواجباتهم وتعامل مع القبائل كجماعات ضمن الدولة الجديدة واعترف بحق هذه القوى الاجتماعية في التعايش فيما بينها. اما الحريات الدينية لجميع الفئات الاجتماعية لم تزدهر في أمة كأزدهارها في الاسلام وذلك لأن الاسلام ينشد الحرية للناس كافة حيث ترك للأنسان حرية العقيدة ولم يرغمه على اعتناق مذهب معين بل كان يبصرّه بأحسنها ويرغبه فيها ولا يكرهه عليها وقد أباح الاسلام حرية لأهل الذمة وأباح لهم ما في شريعتهم (ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) وقد ترك الاسلام لليهود والنصارى حريتهم مثل سائر البشر ولم يجبرهم على اعتناق الاسلام ولم يسيء الى أحد منهم ولا لغيرهم. وقد دعا الاسلام الى مبدأ المساواة بين الناس جميعا ومحا الفوارق بينهم ليس في العبادات فحسب بل في المعاملات كلها ايضا.. وفي مجتمع الدولة الاسلامية نجد تعددا في الملل والنِحَل فنجد أهل الكتاب( اليهود والنصارى) والصابئة والمجوس كما نشأت بين المسلمين انفسهم فيما بعد مذاهب وفِرَق دينية وسياسية عديدة: السنة والشيعة والخوارج والمعتزلة وغيرهم ووجدت في اطار الدولة شعوب وقبائل عديدة: العرب والفرس والاتراك والبربر والهنود والصقالبة وغيرهم. فكان الاعتراف بالتنوع والتعدد هو القاعدة في النظام السياسي والاجتماعي ولكن ضمن مفهوم وحدة الأمة والدولة. وقد اعترف كثير من المستشرقين بهذه الحقيقة فهذا المفكر الفرنسي(كوتييه) يقول عن تسامح العرب مع الاقوام التي انضوت تحت لواء الاسلام : لقد ثبت ان الفاتحين من العرب قد بلغوا درجة عظيمة من التسامح لم تكن متوقعة من اناس يحملون عقيدة جديدة وان العربي لم يفكر قط وهو في أوج تحمسه لدينه الجديد ان يطفىء بالدم دينا منافسا لدينه. |
| المشـاهدات 29 تاريخ الإضافـة 01/11/2025 رقم المحتوى 67871 |
أخبار مشـابهة![]() |
متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات في كربلاء يستقبل وفدا من النحاتين والمخرجين للاطلاع على مقتنياته |
![]() |
اكاديمي عراقي يحصد جائزة أديان للتضامن في لبنان |
![]() |
الولايات المتحدة على صفيحٍ ساخن: الشعب في مواجهة الملك ترامب
|
![]() |
حين يكون الصمت موقفاً دروس من القرآن في فن المواجهة
|
![]() |
أسلحة غير كافية وجدول مضغوط.. سلوت يسقط في مصيدة الكبار
|
توقيـت بغداد









