المجموعة القصصيّة (تاتو)لتماضر كريم، إنعاش لذاكرة القصة العراقية![]() |
| المجموعة القصصيّة (تاتو)لتماضر كريم، إنعاش لذاكرة القصة العراقية |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص : كتابةً:فهد عنتر الدوخي لقد واكبت القصة العراقية تطور فنون هذا الجنس في أبجديات الحداثة العالميّة،حتى حلقت في فضاء التجديد بثقة عالية،ولم تبتعد عن مقومات نموها الطبيعي وقانون تشكيلها والضوابط الأخلاقية والتربويّة والإنسانية التي تعضد قامتها المحليّة ،وعندما نراجع أرشيفها في بنيان النهضة الفكرية الثقافيّة والأدبية من خمسينيات القرن المرتحل علّى الأقلّ ،نرى كيف اتسعت دائرة الإبداع والتنوع في ميدانها الذي لون تلك المراحل الزمنيّة بكتابات خالدة،أمثال قصص الراحل عبد الرحمن مجيد الربيعي التي احتضنت العالمية بثقة مطلقة،ومازالت قصة (العصفور الصاعقة زو)للقاص العراقي الراحل محمود جنداري تتصدر قوائم الإبداع العالمي فضلا إلى عشرات القصص التي تغنت بالموروث الشعبي العراقي ووصفت الطبيعة والعلاقات الاجتماعية في القرية والمدينة ،وللأستاذة العملاقة لطفية الدليمي (موسيقى صوفيّة) وللراحل وعبد الستار ناصر (العودة إلى الطاطران)والكثير المثير في قاموس القصة برمتها،الرواية،القصة القصيرة،القصة القصيرة جداً… و(تاتو)ل تماضر كريم ،وهي المجموعة القصصية التي صدرت في العام 2024عن دار (السرد) بغداد والتي تقع ب(135)صفحةً من القطع المتوسط و(27)عنوانا لقصص لم تبتعد عن وقائع حياتنا اليومية،غير أن المفرح بالأمر أنّ الثقافة البغدادية المدنية قد زينت هذا العمل الجبار،تذكرت قصص نوال السعداوي،ومحمود السعدني الذين التحقوا بركب القصة العربية المصرية بوصف جديد وسيناريو مغاير للمألوف في أرشيف القصة المصرية التي عهدناها عند عمالقة القصة والرواية أمثال نجيب محفوظ،عبد الحليم عبدالله،يوسف إدريس،والقائمة تطول،عند العراقية الراوية تماضر كريم التي أدهشتنا بصراحتها وقوةً حضورها الإبداعي وهو تساير الحدث في كلّ عمل قصصيّ بنفس متطلع حديث،وقد توفرت جملة عوامل أساسية في منهجيّة تشكيل دراما متقن يحتفظ بضوابط وقوانين الفن القصصي بشكل سلسل ومقنع وبمهارة عاليةً واحتراف عميق ولغةً باذخة،حتى وجدنا وجود اكثر من رابطة عضويّة تشترك في هذّه الأعمال منها،الحدث المهم،البناء الإنشائي،السرد،الشخصية المحوريّة والتي تلعب أدواراً مميزةً ذاتيّة وهي الكاتبة تماضر التي توظف مشاهداتها وثقافتها ودراستها واطلاعها المتزن على البيئة الاجتماعية التي تحتضن الأفكار،اذ استطاعت في كلّ نص من هذه المجموعة أن تنقل المتلقي من الرؤى الذاتية والشعور النمطي بالأحداث الى الآفاق الموضوعية التي تمنحه سعة من المتعة والأمل وتشحن ذاكرته بوجوده كأنسان فاعل مؤثر في محيطه الاجتماعي،وتضيف الى وعيه بعدا شاسعا من الشاعرية والخيال الخصب الذي ينمي قدرته علّى استنباط الدروس والمآثر الإنسانية التي تخصّ شخصيته. تتضمن مجموعة (تاتو)عناوين قد اختارتها الكاتبة ،بعلميّة وحرفيّة اذ تنوعت مقاصدها ودلالاتها ومن المفيد لهذا الاستطلاع المتواضع أن نوثق قائمة بأسماء القصص في فهرس الكتاب وهي (أسوأ من الموت ،ثلاث فتيات،قلب السياب،،روبوتات،كنولم يبتسم ، عناق محتمل العذاري،مشاهدايروتيكية،الممثلة،العلامات،مجنون،الوميض،لعنة،القصة،شيء في القلب، في رباك،دموع النرجس،الرصاصة،لوحةً دامية،ريام،حبيبتي،إضرام النار، حمودي،تاتو،شارع الزجاج،في المدى القريب). في قصةً (تاتو)التي استلت من بين القصص لتكون عنواناً لهذه المجموعة،فكرةً إمرأةً (في حقيبةً يدها مبلغ كبير من المال)ارادت أن تصلح ملامح وجّهها وشعرها اذ ذهبت إلى صالون التجميل…. (أرخت ظهرها علّى الكرسي الخاص بالتجميل وأغمضت عينيها،بعد أن شرحت لهم ماذا تريد،وبدت كما لو أنها أسلمت وجّهها وشعرها لأيديهم الفتية المتحفزة في حين أسلمت روحها لحفنة ذكريات باتت تجوب رأسها المستلقي بسلام على المقعد)الصفحة 116… ومن وجهة نظر مغايرة وهي تستبد بها كوابيس سريعةً،توبيخ،ملامة،خروج عن القيم والمعتقدات الموروثة تداري طعنات والدتها بغفوة على كرسي الاعتراف،كتبت أخاطب احدى الشواعر المبدعات أمثال (تماضر)…جمع الله فيك محاسن كثيرة ،جمال الروح،والوجه والكلام ،والموهبة ،والمعرّفة والذكاء ،والبساطة والسمو ،والإيمان ،ومحبة الناس ،والفضيلة ،والمروءة…. كل تلك السمات وجدتهن تزين شخصيتك ،وكل نص أدبيّ يوثق حدث ما يعكس بروحك فطرة إنسانية علاوةً علّى قدرةً التعلم والتجارب ومشاهدة أفعال الناس ومتغيرات الحياة الاجتماعية ،لذلك نجد أن العنصر الفاعل من البشر هو من يكيف وجوده مع أي متغير وهذه مشيئة الله في خلقه ،وإلا لإضمحل الإبداع الإنساني وتراجعت مقومات النمو والتقدم ، في قدرتك العجيبة علّى تنسيق النص وضبط إيقاعه بهذا التشكيل الهندسيّ الجميل للقصة وكأننا نؤسس لبناء صرح قويم ثابت الأركان تحفه الزهور والخمائل من جميع مداخله ،يعني ليس بوسعنا تخطي مقومات البهجة والسحر والمعلومة والفائدة ،دون أنّ نشرك حواسنا ونلتهم حلاوة المنظر ورقي التنسيق وبداعة الخالق ،علينا أن نغلب دهشتنا إلى منظومة الإرادة والفعل الاعتباري الإنساني التي تعيشه المرأة وهي تقدم لنا هذا الصنيع المتين رغم كلّ الظروف والإحاطات التي تحد من التحليق في فضاء الأدب وأجناسه ،اذ أن للمنزل مكانة ،وللبيئة التي تحتضن وجودنا مكانةً ،ولجمهورنا مكانةً أخرى أعلى اعتناء ،لأنهم الجبهة العريضة التي نشد الرحال لإقناعها بجدوى تفكيرنا ومداد أفكارنا ، ليس لكونها امرأة منحها الله هذا الجمال والإشراق والنفس الأبية الفضلى ،ولكن لكونها متفردة باشتغالاتها في الحياة وتنوع مصادر العزم والثقة والأسرة والوظيفة ،هكذا نرفع درجةً الممتهن المعطاء الذكي ونشد علّى يديه ليواصل رسالةً الحياة والإبداع ،مع كلّ المحددات للمرأة في مجتمعاتنا والموروثات التي تجذرت في تفكيرنا ،هذا الذي أقرأه برؤى فلسفيّة لكلّ امرأة شاعرة ، قاصة ناشطة ،مبتكرة،مربيّة ،قائدة ،مديرةً ،زوجةً متفانية ،صبورة ،مع كلّ مسؤوليات الحياة بظروفها الصعبة في بلداننا ،هذه الرؤى لم تكنّ دروشة آنيّة صوفية ،بل استحقاق معنوي اعتباري،وحتى أن نعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ،هكذا هو فعل الإنتاج المثمر الذي يجلب الصفة الحميدة لفاعله … أسوأ من الموت)القصة الأولى في المجموعة،تخيلي نفسك وانت تدخلين متعبة ودون أن تدركي أنك قد دخلت منزلاً إلى منزل يشبه (ديزاين)منزلك وهو ملاصق له،قد تتشابه مقتنيات المنزل ماعدا السجادة الحمراء التي ترفع الأدرينالين في جسدك بشكل مفاجيء وتجدي شخصا لاتعرفينه وبملابس داخلية (وكدت أمد يدي لنزع جواربي لولا. أن لون السجادة الأحمر الفاقع لفت انتباهي،إنه لون غريب حقاً ، في تلك اللحظة بالذات ارتعد قلبي تماماً وقد باغتني خاطر مخيف انها ليست شقتي وهذا الرجل الذي فتح الباب ليس زوجي) الصفحة 5….. الى آخر القصة،يلامس ذاكرتنا الفيلم العربي (في بيتنا رجل)لاحسان عبد القدوس،وأبطال الفيلم عمر الشريف،رشدي اباظة،زبيدة ثروة،اذ يشاكل الحدث الرجل الغريب في منزل غريب،ليست الأحداث متشابهة وهذا من البديهي،لكننا علينا أن نتخيل الغرابة في الحدث ومايتم تأويله ومخرجات هذا الأمر ونتائجه وأسبابه والاذى الذي سيتعرض له الإنسان بهذه العبثية العفوية .
كتبت ذات مرة ، للأديبة التي تزين الكلمة والجملة والفكرة بموهبة متفردة ،فهي تكتب من روحها الشفافة الجميلة،وتوثق للإنسانية عمق المحبة والجمال وسمو الكلمة وحسن الظن بالقارىء،علينا نحن الجيل الذي صاحب كتابات غادة السمان ،محمود دوريش ،انسي الحاج ،عبد الوهاب البياتي ،لطفية الدليمي ،وآخرون ممن امتهن لغة الإبداع وترسخت في ذاكرته أجناس الأدب برمتها ،أن يضع مكانا فسيحا يتسع لعناوين جاءت لتكمل مسيرة هؤلاء ،ان كل متابعتنا لسيرة أديبة ،أنيقة بوعيها ومثابرتها والتزامها الوجداني بقدسية الكلمة وأمانة الرسالة ،علينا أن نرفع راية الإعجاب والإشادة بدور امرأة ارتفعت في فعّلها الذاتي الى الأثر الموضوعي حتى عاد النص الأدبي لديها وثقية تاريخيّة تعكس سمات حضورها الإبداعي المميز بين قواميس العطآء الذي يمنح الإنسانية قيمتها المعنوية والاعتبارية ،لابد لنا أن نشحن ذاكرة المتلقي بسمو العربية كلغة وحضارة متجذرة بين طيات التاريخ ،وفي زحمة الحياة عندما تجد القلم العربي وقد استعاد وعيه ،وسط هذا الكم الضوئيّ الهائل من التطور والتواصل الحضاري العالمي ،فإن العالم حتماً سيعيد قراءة وجود العربية كحضارة ومدنية وقيماً ومثلا اخلاقية وثوابت ودلالات معرفية ، يسعدنا حقا من يحمل في قلبه وعقله وحضوره سمات اللغة وجمالها بأي جنس ادبي يبدع فيه في اقاصي كوكب الأرض… سيرة ذاتيةمن موقع الإنطلوجيا الشبكة العنكبوتية تماضر كريم - كاتبة عراقية - بكالوريوس آداب لغة عربية - لها مجموعتان قصصيتان ومجموعة شعرية. - المجموعة الأولى( هذا ما حدث في مطار بغداد) ٢٠٢٢ صدرت عن دار أبجد للنشر والتوزيع. المجموعة الثانية ( إيلا) صدرت أيضا عن دار أبجد. - نشرت في صحيفة الأسبوع الأدبي السورية. - نشرت في موقع المثقف الدولي. - نشرت في صحف عراقية ومنها طريق الشعب والدستور والحقيقة والأقلام والأديب العراقي والبينة والإتحاد الثقافي وأوروك والثقافة الجديدة وغيرها. - فازت بجائزة شبعاد للقصة القصيرة، حيث أحرزت المركز الثاني على مستوى العراق ٢٠١٣ - أحرزت مركزا متقدماً في برنامج سحر البيان عبر شاشة العراقية في مجال القصة القصيرة. - كتبت عمودا أدبيا في صحيفة المدائن الدولية. - كتبت عمودا لفترة زمنية في جريدة الطريق الثقافي. - أسست مشغل أثر لتعليم الكتابة الإبداعية ألكترونيا وقد قامت بتدريب عددا من الموهوبين . تدير مؤسسة توليب للدعاية والنشر ،بغداد ،شارع المتنبي |
| المشـاهدات 16 تاريخ الإضافـة 12/11/2025 رقم المحتوى 68182 |
أخبار مشـابهة![]() |
الاندبندنت: الانتخابات العراقية تجري في توقيت حاسم للبلاد والمنطقة
الممثل الاممي : آن الأوان لعراق خال من الظواهر السلبية |
![]() |
المسرحية تتناول حاضرًا يعيد إنتاج المعاناة بأسماء وأرقام جديدة
أرقام مبعثرة.. عالجة مسرحية تجريبية لتساؤلات الهوية والذاكرة والكرامة الإنسانية |
![]() |
رئيس اللجنة الأمنية للانتخابات يعلن خطة نقل صناديق الاقتراع وعصا الذاكرة
اليوم..اكثر من ٢٠مليون ناخب في سادس انتخابات تشريعية |
![]() |
نادي النقد في اتحاد الادباء يقلّب أوراق (النقدية العراقية من التأسيس إلى الوعي المنهجي) |
![]() |
وزير الخارجية: أمريكا تربط الفصائل بالنفوذ الإيراني داخل العراق
القيادة المركزية الأمريكية تصادق على قدرة القوات العراقية بتنفيذ ضربات قتالية بشكل مستقل |
توقيـت بغداد









