السبت 2025/11/15 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
نيوز بار
المجلس الوطني لتقييم الأداء البرلماني: سلطة الشعب التي حان وقت تطبيقها
المجلس الوطني لتقييم الأداء البرلماني: سلطة الشعب التي حان وقت تطبيقها
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ د. حسين الانصاري
النـص :

إن الوصول إلى مقاعد البرلمان لا ينبغي أن يكون مجرّد محطة انتخابية عابرة، بل مسارا تنافسيا يفترض أن يفرز الأكفأ والأقدر على تمثيل الشعب وحمل طموحاته ومعالجة مشاكله الضرورية إلى جانب مراقبة الأداء الحكومي بوعي ومسؤولية. غير أن الواقع الذي نشهده اليوم يكشف عن انحراف واضح عن هذا المسار، حيث تحوّل السباق الانتخابي لدى البعض  إلى ساحة مفتوحة لشراء الأصوات، واستغلال النفوذ، وتقديم الوعود الكاذبة، حتى بات المواطن يدرك حجم الممارسات التي تُمارس بلا حياء في ظل غياب للضمير والنزاهة والأخلاق.

لقد جرب الناخب، عبر دورات انتخابية متعددة، أشكال الابتزاز السياسي وأساليب الاستمالة، والتلون والمحاباة لكنه رغم ذلك  ظل هناك بصيص أمل بأن يصل إلى البرلمان من يحمل أمانة الصوت ويحترم شرف التكليف. ومع الوقت والتجربة في الميدان  سرعان ما اتضح أن كثيرا ممن نالوا ثقة الشعب لم يحملوا من المنصب سوى امتيازاته، بينما غاب صوتهم داخل الجلسات، وغابت معهم المبادرات وتلك الوعود التي ينبغي  ان تخدم الصالح العام. وظهر النموذج الذي لا يُرى إلا حين تناقش المكاسب الخاصة أو تعقد الاتفاقات الجانبية، بينما يظل الشعب آخر ما يُفكر به.

وما هو أشد مرارة أن مقاعد البرلمان شغلها في كثير من الأحيان من لا يستحقها، بينما غُيّب أصحاب الضمائر الحية والمستقلون الذين لم يملكوا قوة المال ودعم الإعلان والأحزاب، بل امتلكوا فقط  الروح الوطنية  والارادة الحقيقية للدفاع عن الوطن وخدمة الشعب . من خلال التشريع ،إقرار السياسة العامة ، إقرار الموازنة والمطالبة بالحسابات الختامية وعدم تأخيرها، ومراقبة اداء الحكومة والمساءلة إلى جانب السعي لترسيخ العلاقة بين الشعب وعمل الحكومة وتمثيل الفئات المهمشة وتوسيع التعاون الدولي في المجالات البرلمانية

لقد جلس على بعض مقاعد البرلمان من لا حضور له ولا رأي، أسماء بلا أثر، وأرقام بلا موقف، وصور لا تعبّر عن شيء سوى غياب المسؤولية وفقدان الضمير. وهؤلاء، بتقصيرهم وسكوتهم، أسهموا في استمرار الفساد وإضعاف ثقة المواطن بالمؤسسة التشريعية.

أمام هذا الواقع المخجل والتقصير في الاداء ، يصبح من الضروري تأسيس منظومة رقابية شعبية تُعيد التوازن بين السلطة والمنفعة العامة، وتمنح الشعب حقه الطبيعي في متابعة عمل ممثليه. ومن هنا يأتي مقترحنا بإستحداث المجلس الوطني لتقييم الأداء البرلماني ،ليكون سلطة مدنية رقابية مستقلة، تتابع النائب منذ لحظة وصوله إلى البرلمان وحتى آخر يوم في دورته التشريعية. كذلك تقييم ما تحقق من منجزات للدورة البرلمانية

وسيكون جهة وطنية شعبية مستقلة، مفتوحة لمن يمتلك مؤهلات التقييم والرصد الدقيق والرقابة الموضوعية للأداء البرلماني، وفق معايير دولية علمية، تُستخدم في تقييم الأداء التشريعي والرقابي في الأنظمة الديمقراطية. ومن ابرز مهام المجلس هو

1. متابعة الأداء البرلماني بشكل دوري وشفاف ،من حيث الحضور، المشاركة، التصويت، والمبادرات التشريعية. 

2. قياس مدى التزام النواب بوعودهم الانتخابية وما تحقق منها في ارض الواقع

3. إعداد تقارير علنية تنشر للرأي العام وتعد مرجعا للمواطنين والمتابعين عند تجديد الثقة أو سحبها. 

4. تعزيز قيم النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد التشريعي والسياسي . 

5. إعادة الاعتبار لصوت المواطن بوصفه السلطة العليا التي لا تعلو عليها حصانة ولا امتياز.

لقد بات استحداث هذا المجلس ضرورة وطنية ،لأن حصانة النائب تحولت في كثير من الأحيان إلى درع يمنع المساءلة بدلا من أن يحمي حرية الموقف. ويصون صوت الشعب ولأن الشعب هو مصدر السلطات، فمن حقه أن يراقب ممثليه ويقوم بتقييم أداءهم . إن وجود هذا المجلس سيجعل كل نائب يدرك أن هناك عيون شعبية توثق أداءه، وتقارير موضوعية تنشر للعلن، وأن المسألة لم تعد مجرد دورة انتخابية تشترى فيها الأصوات من قبل البعض وتُباع فيها الصمائر وتهمل الوعود.

إن استحداث المجلس الوطني لتقييم الأداء البرلماني ليس مجرد فكرة إصلاحية، بل خطوة لإنقاذ المؤسسة التشريعية من التراجع الذي أصابها، وإعادة بنائها على أساس الشفافية والمصداقية والمسؤولية. إنه المشروع الذي يعيد السلطة إلى الشعب، ويُشعر كل نائب بأن الكرسي ليس امتيازا بل تكليفا، وأن الشعب قادر على تقييمه، ومحاسبته، وكشف تقصيره أمام الوطن.

لقد حان الوقت ليكون للشعب صوت رقابي موازٍ لصوت البرلمان، حتى يتحقق الأداء البرلماني المنتظر والنزيه الذي يليق بوطن يستحق الأفضل.

المشـاهدات 29   تاريخ الإضافـة 15/11/2025   رقم المحتوى 68275
أضف تقييـم