طه رشيد

لم تعد تونس تشكل مركزا سياحيا مهما فقط، يستهوي السواح من مختلف بلدان العالم الذين يبحثون عن الشمس والبحر والطبيعة الخلابة، بل إنها أصبحت ومنذ زمن بعيد، مركزا إشعاعيا ثقافيا وفكريا وقد قدمت للعالم العربي خصوصا مجموعة كبيرة من الأسماء المثقفة، التي إضافت الكثير للفكر والادب والفن.وحين نتحدث عن المسرح لا بد من الإشارة إلى رايتين خفاقتين معاصرتين إلا وهما توفيق الجبالي وفاضل جعايبي، اللذان قدما أروع الأعمال المسرحية ليس في تونس فحسب، بل في اهم المهرجانات العربية والولية،أضف إلى ذلك الكوادر الشبابية الجديدة، التي ما زالت تعمل على تطوير الفن المسرحي التونسي نصا واخراجا. وبعد اندحار واضح للأفكار المتخلفة، التي حاولت ان تسود وان تغير من طبيعة المجتمع التونسي التواق للحرية والمدافع التاريخيّ عن حقوق المرأة وعن العيش الكريم للإنسان، ها نحن ندخل في الدورة الجديدة 26 من دورات ايام قرطاج المسرحية تحت شعار "المسرح وعي وتغيير.. المسرح نبض الشارع".وعن هذا الشعار أوضح مدير المهرجان محمد منير العرقي في اكثر من تصريح بان ايام مهرجان قرطاج المسرحية ومنذ تأسيسها كان شعارها دائما ضدّ الظلم والطغيان، مشيرا إلى أنه في هذه الدورة ارتأت هيئة التنظيم أن يكون المهرجان لصيقا بالقضايا الاجتماعية، لأن المسرح نبض الشارع، على حد قوله، مضيفا بأن المحور الكبير لهذه الدورة هو المسرح والمجتمع.وستنطلق هذه النشاطات في تونس العاصمة يوم السبت المقبل المصادف 22/10 ويستمر المهرجان حتى التاسع والعشرين من هذا الشهر.وأعلنت الهيئة المسؤولة عن ادارة أيام قرطاج المسرحية من خلال ندوة صحفية عقدتها لهذا الشأن  أن هذه الدورة تشهد مشاركة 83 عرضا، تحت شعار "المسرح وعي وتغيير، المسرح نبض الشارع وفق ما أعلن عنه المدير الفني للأيام ورئيس لجنة التنظيم محمد منير العرقي .من جهته ذكر المكلف بالبرمجة الرئيسية والبرمجة الموازية في الهيئة، الدكتور سيف الدين الفرشيشي أن اللجنة الفنية لاختيار العروض شاهدت أكثر من 400 مسرحية، ليقع الاختيار النهائي على 16 عرضًا تونسيًّا و15 عرضًا في قسم "مسرح العالم" و6 عروض عربية وأفريقية و12 عرضًا للأطفال والناشئة و16 عرضًا في قسم "مسرح الحرية" إضافة إلى 4 عروض للهواة. وتم تحديد 12 عرضا في المسابقة الرسمية، من بينها عرضان تونسيان وهما "الهاربات" لوفاء الطبوبي، و"جاكراندا" لنزار السعيدي، وعرضين إفريقيين هما "عباءة المجانين" من ساحل العاج، و"ولد حرًا" من جنوب إفريقيا. وتتوزع بقية العروض على ثماني بلدان عربية هي: العراق، ولبنان، وفلسطين، ومصر، والمغرب، والجزائر، والأردن، والإمارات العربية المتحدة.

التكريم

وتكرِّم هذه الدورة 6 مسرحيّين تونسيّين هم سليم الصنهاجي ولزهاري السباعي وعلي الخميري وفتحي العكاري وليلى الرزقي وهادي بومعيزة إلى جانب لطيفة أحرار من المغرب وعماد محسن الشنفري من سلطنة عُمان وعبد الرحمن كاماتي من ساثحل العاج.

وفد عراقي متميز وحضور فاعل

يضم الوفد العراقي الذي يترأسه مدير عام دائرة السينما والمسرح، نقيب الفنانين العراقيين د. جبار جودي، نحو ثمانين فنانة وفناناً لتقديم عرضين مسرحيين متميزين بالإضافة إلى مشاركة بعض الفاعلين المسرحيين في فعاليات المهرجان الأخرى.اذ وقع الاختيار على مشاركة مسرحية "الجدار" للفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح وهي من تأليف د. حيدر جمعة وإخراج د. سنان العزاوي للمساهمة  في المسابقة الرسمية للمهرجان، حيث تتنافس على جوائز المهرجان مع مجموعة من الفرق المسرحية التونسية والعربية والأجنبية .ومسرحية "الجدار" سبق وإن حصدت جائزة أفضل عرض متكامل في المسابقة الدولية لمهرجان بغداد الدولي للمسرح في نسخته الخامسة عام 2024! والمسرحية من اداء: آلاء نجم، ود. يحيى إبراهيم، ولبوة عرب، ورضاب أحمد، وإسراء رفعت، وزمن الربيعي، ورهام البياتي، ورنا لفتة، ودريد عبد الوهاب، وفيروز طلال، وأيمن الشاهين، وأماني الحافظ، وعراق أمين، وعبير الخفاجي، وشيرين أحمد، ونعمت عبد الحسين، وأسيل أحمد، مع نخبة من طلبة معهد الفنون الجميلة في بغداد، والصوت الأوبرالي للفنانة نعمت عبد الحسين، وسينوغرافيا د.علي السوداني، وكيروغراف علي دعيم، وموسيقى ومؤثرات رياض كاظم، وإدارة الإنتاج محمد النقاش.. وتناقش المسرحية بطريقة ابداعية التحولات الاجتماعية والنفسية والمعرفية المرتبطة بحياة الإنسان منذ أزمنة بعيدة!. وتجسد المسرحية من جانب آخر الدور الفاعل للمرأة العراقية في الحياة وفي العمل الفني، ونلاحظ ذلك من الزخم الأنثوي في هذه المسرحية، التي أفصحت عن مخرج مجتهد متمرد اعتمد في تجسيد فكرته على التزاوج بين الصورة وحركة الجسد..كما ستساهم الفرقة الوطنية للتمثيل بعرض مسرحي خارج المسابقة، وهو العرض المسرحي "سيرك" من تأليف وأخراج المبدع جواد الاسدي، وبطولة الفنانين: د. شذى سالم، ود.أحمد شرجي ود.علاء قحطان ومجموعة من الشباب المسرحي الواعد حيث يُعد العرض صرخة فنية وجمالية في وجه الاستبداد الذي يسود عالمنا لتعرية الهمجية التي يرسخها فاشيون يبتكرون طرقاً حديثة في تحطيم المدن، واحدة تلو الأخرى،و(سيرك) التي سبق أن عرضت في أكثر من مهرجان عراقي وعربي ودولي وحصدت العديد من الجوائز، تبحث في الصراع بين السلطة والمواطن التي تحاول إخضاعه كليا لاشتراطاتها او سحقه تحت عجلتها الامنية حسب مسميات واهية مثل الامن القومي او مصلحة الوطن العليا او المساس برموز الدولة!ومن المساهمات العراقية في المهرجان  هو مساهمة د. صلاح القصب في الندوات الفكرية للمنتدى المسرحي الدولي، الذي يلتئم في الفترة الممتدة من 24 إلى 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2025، تحت عنوان(الفنان المسرحي: زمنه وأعماله). كما سيقدم الكاتب المسرحي العراقي المبدع علي عبد النبي الزيدي ورشة عنوانها "كتابة النص من الورقة إلى خشبة المسرح" للمدة من 23 ولغاية السادس والعشرين من الشهر الحالي، وتاتي هذه المشاركة تقديراً لمسيرة الزيدي الابداعية ودوره البارز في إثراء  الحركة المسرحية العربية، حيث لاحظنا بأن نصوص الزيدي سبق وإن قدمت في اكثر من بلد عربي.

لجنة التحكيم

ومن اجل تحديد الأعمال المسرحية، التي يمكن لها الفوز بإحدى جوائز المهرجان، واستنادا على خبرات مسرحية قيمة ورؤى فنية تصنع الفرق،تم اختيار لجنة تحكيم دولية للدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية من الفنانين :

* لسعد بن عبد الله (تونس) - رئيس اللجنة

* سعداء الدعاس (الكويت) - عضو

* مالك العقون (الجزائر) - عضو

* أبدون فورتونيه (الكونغو)- عضو

* ثامر العربيد (سوريا) - عضو

* عماد المي (تونس) -مقرر

الندوات الفكرية

"الفنان المسرحي:زمنه واعماله"

بجانب العروض المسرحية هناك ورشات فنية تكوينية بالإضافة للندوات الفكرية التي ينظمها المنتدى المسرحي الدولي – الدورة 26 لمهرجان أيام قرطاج المسرحية وستشهد الايام 24–25–26 /10/ 2025، وباشراف د. بسمة الفرشيشي وبمشاركة أسماء مسرحية كبيرة من تونس والبلدان العربية، يجتمع المسرحيّون  والمفكّرون في المنتدى لإدارة نقاشات حية  تحت عنوان "الفنان المسرحي : زمنه وأعماله".

لقاءات تنبني على محورين متكاملين :

* التجربة الذاتية والعملية للفنّان باعتباره شاهدا على زمنه.

* سعي الفنان لمواجهة تحديات تموضُعه الفعّال داخل السياق الاجتماعي.

المشاركون:

* فاضل الجعايبي (تونس) يدير الجلسة عبد الحليم المسعودي (تونس)

* خالد جلال (مصر) يدير الجلسة أيمن الشيوي (مصر)

* لطيفة أحرار (المغرب) يدير الجلسة سعيد كريمي (المغرب)

* محمد مسعود إدريس (تونس) يدير الجلسة يوسف مصباح مارس (تونس)

* عبد الرحمن كاماتي (الكوت دي فوار) يدير الجلسة علي بالنور (تونس)

* توفيق الجبالي (تونس) يدير الجلسة لطفي العربي السنوسي (تونس)

* ماريا أديلاييد بالاشيو (كولومبيا) يدير الجلسة مانوالا فالديري ﭘوﻣﭙو (كولومبيا)

* عز الدين المدني (تونس) يدير الجلسة محمد عبازة (تونس)

* علي مهدي (السودان) يدير الجلسة عصام أبو القاسم (السودان)

* ﭘﺎتريـس ﭘﺎفيس (فرنسا) يدير الجلسة  محمد المديوني (تونس)

* كولوف تومور (روسيا) يدير الجلسة محمد المديوني (تونس)

* فابيو طوليدي (إيطاليا) يدير الجلسة عادل بوعلاق (تونس)

* أم الزين بن شيخة (تونس) يدير الجلسة عمر علوي (تونس)

* صلاح القصب (العراق) يدير الجلسة رياض موسى السكران (العراق)

حفل الافتتاح

"الملك لير" و" حلم" عرضا الافتتاح

ستكون المفاجاة الفنية في افتتاح هذه الدورة هو العرض المسرحيّ المصري، الذي لاقى أصداء إيجابية في الأوساط الأكاديمية والشعبية المصرية على حد سواء إلا وهو مسرحية "الملك لير" من بطولة الممثل يحيى الفخراني وإخراج شادي سرور.كما سيُقدَّم في يوم الافتتاح أيضًا العرض التونسي "حلم" للفنان الكبير فاضل الجعايبي على "المسرح البلدي".