لم تكن عملية إعلان  ادراج حزب الله والحوثيين على لائحة الأرهاب سوى "جس نبض " للشارع العراقي ، ولا يمكن ان تكون عفوية أو خطأ غير مقصود ، لان مثل هكذا قرار لا يتخذه فرد ، بل  لجنة من عدة أشخاص ذات مناصب عليا ،  تُشكّلها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ويرأسها محافظ البنك المركزي، وتضم ممثلين من وزارات  المالية والداخلية والخارجية والعدل والتجارة والاتصالات والعلوم والتكنولوجيا وهيئة النزاهة وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز المخابرات. وهو ما يعني أن القرار مرّ عبر قنوات متعددة ، بعد عملية تمحيص وغربلة . 

وقد استغرق مدة حتى خرج للعلن ، فالقرار  تم اقراره بتاريخ  12-10-2025 ونشره في الوقائع  بتاريخ 17-11– 2025  ويعني ذلك انه استغرق اكثر من شهر ، وهي مدة كافية لإعادة القراءة والمراجعة  ، حدث  ذلك بالتزامن مع  مؤتمر شرم الشيخ، فهل من المعقول ان تمر فترة أكثر من شهر ولم يطلع أحد على القرار ، ولم يعرض على البنك المركزي ووزارة المالية ، ناهيك عن رئاسة الوزراء . ولو افترضنا ان القرار، أخفيَّ عن أعين المسؤولين، وان الخطأ جاء من قبل بعض الموظفين ، أو ان نسختين من القرار كانت بين يدي المسؤولين إحداهما خالية من حظر الحزب والحركة والأخرى وضع  فيها الحظر ، وهذا احتمال وارد ، ففي مثل هذه الحالة يجب ان نعترف بان الحكومة العراقية ومكاتب أهم مصادر القرار ، مخترقة ويتلاعب بها الموظفون .

ان عملية  إعلان الخبر  ربما كانت مقصوده بالتوقيت والصيغة ، وان خصوم السوداني سربوا الخبر لأبعاده عن الولاية الثانية ، وهو احتمال يمكن ان يذهب اليه البعض ، ولكن  التبرير  الذي خرج  من الحكومة و من  مكتب    رئيس الوزراء ومن بعض المحسوبين على السيد السوداني  ،وقيل انه خطأ ،  لم يكن سوى مداراة للفعل ، وان سلمنا بذلك يثبت حقيقة الدولة الهزيلة  ، التي لا تعلم ما يدور في كواليسها، وينطبق عليها المثل العراقي  القائل " نايم ورجليه بالشمس" .

و يجرنا هذا الاحتمال الى ان كثير من القرارات التي تقر، ربما لا تخرج بعلم الحكومة ، وتمرر و تخلق أزمات للبلد  

ولَّد هذا القرار أزمة جديدة في الشارع العراقي، وفتح الباب أمام جدل كبير ، وربما سيحدث شرخاً في جدار الاطار التنسيقي ، ويسلط الضوء على طبيعة العلاقة المستقبلية مع الولايات المتحدة ، فالبعض يرى ان هذا القرار جاء نتيجة ضغوط أمريكية على حكومة السوداني ، والبعض الاخر يقول ان  القرار هو رسالة تقول : ان العراق سيغادر  موقعه القديم  او على استعداد ان يغادر  ، ليلتحق بالمركب الأمريكي .

كل هذه التوقعات والأقوال تبقى مجرد آراء وما سيتمخض عنه الواقع مستقبلاً هو الفيصل ، هل كان القرار خطأً أم "جس نبض "  للشارع العراقي .