قصائد جديدة
محمد فتحي السباعي![]() |
| قصائد جديدة محمد فتحي السباعي |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
(1)
كانوا يقطعونَ الطريقَ على الريحِ، فمَرَّتْ خلالي. وألقَتْ على كتفيَّ ظلًّا يشبهُ شجرةً لم تُولَدْ بعد. كنتُ أعلمُ أني سأُزهرُ يومًا في موضعٍ لا يراهُ أحد، وأنَّ جذوري أعمقُ من أن يمسَّها الفُقدان.
(2)
أصوغُ لغتي من نثارِ الذي ينسكبُ من ليلِ صدري، من تشقُّقِ صمتٍ قديم. ألمعها بالنبوءاتِ الصغيرة، وأتركها تمشي على قدميها كطفلةٍ لا تعرفُ أبوابَ العالم فتبتكرُ أبوابًا أخرى.
(3)
لا سببٌ للحزنِ، ولا سببٌ لغيابِ السبب. إنه ذلك الثقلُ الذي يهبِطُ من تاريخٍ مجهول، ويجلسُ جوارَ القلبِ كما يجلسُ ضيفٌ بلا موعد، ولا ينهض.
(4)
هناك جمالٌ إذا مرَّ على الروحِ شقَّها نصفين: نصفٌ يلمعُ مثل وميضِ ولادة، ونصفٌ يختفي كأنه خجلانُ من نفسه.
(5)
أذوبُ في النهرِ حتى يصبحَ الماءُ يقينًا، ويصبحَ الجسدُ سؤالًا. لا أسماءُ تعرِفُني، ولا صورةٌ تستقرُّ عليّ. أنا مجرّدُ ظنٍّ يبحثُ عن شكلهِ بين غدٍ لا يجيءُ وأمسٍ لا يعود.
(6)
يمرُّ في جسدي صِبيةٌ من نور، يَرْكضُونَ في الصدغينِ إلى الطفولة، وفي الظهرِ إلى النهرِ، وفي القلبِ إلى الوطن. يمرّون، ويتركونَ على جلدي خريطةً لا تُقرَأ إلا بعينٍ بكت طويلًا.
(7)
تذكّرتُ وجهكِ فانشقَّ عن كتفيَّ ضوءٌ لم أعرفه. تذكّرتُ يدكِ فهدأ الزمانُ قليلًا كما لو أنه يستريحُ من جريهِ، وكما لو أنني — للمرة الأولى — أستطيعُ أن أتنفّسَ بلا خوف.
(8)
سأدخلُ النهارَ من ثقبٍ في السحاب، وأقرأُ درسَ الرياحِ على سبّورةِ التلال. سأتركُ صوتي مع العشبِ ليُعلّمَ العصافيرَ اسمي، ثم أعودُ آخر الليلِ مثل مسافرٍ عاد لأنَّ الطريقَ اشتاق إليه.
(9)
قالَ لي الشيخُ: ليس في المرآةِ وجوه، إنها مجرّدُ صفائحَ من ضوءٍ مضلَّل. أغمِضْ… سترى. وحين أغمضتُ، رأيتُ الأشياءَ تنفصل من ثقلها وتصعدُ كأنها تذكّرتْ أجنحتها.
(10)
أعيدُ نفسي إلى حضنٍ قديم، لا أعرفُ هل كان لأمي أم للغيمةِ التي ظلّلت طفولتي. أعيدُ نفسي إلى يدٍ تسندُ العالمَ عن قلبي، وتقولُ: دعْ هذا التعبَ عليَّ. فأبكي— ولا أعرفُ لمن أبكي. |
| المشـاهدات 40 تاريخ الإضافـة 13/12/2025 رقم المحتوى 68833 |
توقيـت بغداد









