الأحد 2025/12/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 8.95 مئويـة
نيوز بار
أبيض أسود صخب التواصل وعقم الحقيقة
أبيض أسود صخب التواصل وعقم الحقيقة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب مازن صاحب
النـص :

 

 

ما بين الإقطاع السياسي وبين التواصل الاجتماعي، علاقة عكسية خلال الانتخابات وعسى بعدها... حيث يكثر تداول المعلومات بشتى الأساليب فقط لإظهار قدرة التواصل والحصول على ذلك الانتشار الأجوف الفارغ من أي إبداع إنتاجي.

حينما ابتكرت برامج التواصل الاجتماعي للتسلية والمرح.. سرعان ما تحولت إلى طاقات إنتاجية للتسويق بمختلف أنواعه.. في واقعنا العراقي.. نتعامل مع منتجات ذكية.. مبرمجة في خوارزميات تتعرف على الميول والنزعات الإنسانية.. من أجل إنتاج تلك المعرفة التسويقية.

اليوم والعراق يمر في امتحان دوري كل أربع سنوات لإنتاج حكومة في تحالف برلماني جديد.. يحمل كل صخب التواصل الاجتماعي إعقاماً للحقيقة.. لأن القائمين على إدارة الذكاء الاصطناعي عراقياً.. أو إدارة أعمال التسويق الرقمي.. يجهلون أن ما يقومون به ليس أكثر مما هو مطلوب فعلاً لنجاح العملية التسويقية المطلوبة صهيونياً.

دعونا نناقش نموذجين كدراسة حالة.. الأول ما أُشيع وخضع للتداول المتسارع عن تلك القوة الكبرى العاصفة الماحقة التي ستزيل كل العملية السياسية وتأتي بغيرها.. حتى تَهَالَكَ هذا وذاك في الترويج لهذا الإعصار غير الواقعي عراقياً. وإن حصل إقليمياً في همجية العدوان الصهيوني على غزة.. وما تلاه من متغيرات إقليمية في سوريا ولبنان.. لكن عراقياً.. هل تغيرت إعدادات العملية السياسية لمفاسد المحاصصة وأمراء الإقطاع السياسي الجديد؟؟ الجواب: كلا!!

النموذج الثاني.. في تلك التسريبات عن وضع ألف اسم من قيادات الإقطاع السياسي وأمراء عائلات الأحزاب العراقية في نظام المحاصصة تحت ضرس العقوبات الأمريكية.. وينطبق المنظور ذاته على كل كلمة تنقل عن مبعوثي الرئيس ترامب للشرق الأوسط الجديد والعراق تحديداً.

حتى بات التلاسن على برامج التوك شو والتواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لما يمكن أن ينتج من مجرد أحاديث ما زالت هواء في شبك مخاوف من يعرفون أنهم مهددون بكل ما يتهمون به إذا ما سقطت أعمدة معبد مفاسد المحاصصة على الرؤوس!!!

فيما الواقع الحقيقي أن العراق دولة ذات سيادة.. وأن أي قرار أمريكي لا بد أن يصدر عن مؤسسات معروفة مثل وزارة الخزانة أو الخارجية.. بل حتى مشاريع القوانين التي تُطرَح في الكونغرس.. لا يمكن التعامل معها كتطبيقات مكتملة.

كلا النموذجين.. يحمل دلالات واضحة على ما سبق وأن كتبته في هذا العمود بالذات تحت عنوان (من يعقد الصفقة؟). . لكي نقف على عين الحقيقة.. لأن ما بات يوصف اليوم في الاستراتيجية القومية للأمن الأمريكي من ثوابت جديدة .. إنما هي تطبيقات لمدخلات مادية وليس عقائد أو أفكار لا ربحية.. وسبق وأن كررت أن واشنطن لم تكن، ولن تكون، منظمة خيرية لتغيير الأنظمة وأن تستقبل قوات الاحتلال من العراقيين بالورود كما فُسِّرَ لها الآباء المؤسسون لعراق ما بعد ٢٠٠٣.. وهم يتباهون بالتقاط الصور مع الجنود الأمريكان أو يقدمون لهم سيف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.

فإذا بهم بعد أعوام قليلة يغرقون الأمريكان في المستنقع العراقي.. ومعه غرقت فرص إعادة بناء عراق واحد وطن الجميع شعاره العراق أولاً.

ومعه أيضاً أُهدرت مليارات الدولارات من ريع النفط من دون أي تحول نوعي في صندوق استثمار سيادي.. أو في الإنتاج الحكومي والخاص للوظائف.. حتى باتت الحاجة ملحة جداً لتحويل الوظيفة العامة إلى مجرد رعاية اجتماعية بلا إنتاجية كقيمة مضافة للموازنة عدا الضرائب والرسوم .. فقط لأن الأحزاب التي وقعت بيان مؤتمر لندن ثم وافقت على الجلوس تحت قيادة بول بريمر في مجلس الحكم.. نَقَضَت غزلها.. فهم لا هم مع عراق قوي يتكلم بلغة "النحن" الواحد.. ولا هم مع أمريكا ومشروعها الصهيوني الذي غزت العراق واحتلته أصلاً لتطبيقه.. ولا هم كلياً مع المشروع الإيراني في المقاومة الإسلامية.. ولا هم في الحضن العربي ضمن مشروعه الخليجي.

بل هم حالة هجينة يتقافزون: أين هي اللقمة الدسمة حتى بات القول المأثور: (الصلاة وراء علي أتم واللقمة عند معاوية أدسم) يتقاذف بالعراق طيلة عقدين ونيف من السنين. في نزاعات التفتيت والتجزئة.. وصولاً إلى التصفيق الجماعي في مؤتمر دهوك للجامعة الأمريكية.. لمقولة داود أوغلو وزير الخارجية التركي الأسبق.. أن تطبيق اتفاقات سايكس بيكو لا بد وأن ينتهي.. والعراق من إنتاج تلك الاتفاقات حتى الاعتراف به كدولة ذات سيادة من قبل عصبة الأمم.

كل هذا يمضي في تطبيقات إدارة المصالح إقليمياً ودولياً.. والعراق تحت نير التنابز: من هم الأغلبية.. ما هي المظلومية.. من هم المهمشون اليوم في المناصب.. من لهم حق تقرير المصير للاستقلال؟؟؟

كل هذا يمرر من تحت آذان كل هؤلاء العباقرة في برامج التوك شو.. وكل هذه القيادات التي تتنافس اليوم على المناصب السيادية.. وإعدادات توزيع مغانم السلطة في حكومة الدورة السادسة.. من دون منهج سياسات عمل عراقية بحتة تعرف العدو والصديق.. وتمتلك رؤية "عراق واحد وطن الجميع".

لماذا؟؟

لأن صخب التواصل الاجتماعي مرتفع في تنور الاستقطاب الطائفي والعرقي.. فأُعقِمَت أرحام الحقيقة ليصارح بها الشعب.. حتى يأتي توم باراك أو مارك سافايا مبعوثا ترامب لطرح الحقيقة على الطريقة الأمريكية.. فيصدم بها البعض.. لكن من يفهمها كثيرون.. مستعدون لعقد الصفقات ونقل البنادق من كتفٍ لآخر.. أما جياع الشعب فيُكرر عليهم قول الشاعر: نامي جياع الشعب نامي.. حتى موعد الانتخابات المقبلة.. ويبقى من القول: لله في خلقه شؤون!!!

المشـاهدات 150   تاريخ الإضافـة 13/12/2025   رقم المحتوى 68861
أضف تقييـم