الأربعاء 2025/12/24 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
نيوز بار
السوق الشعبي في زمن الذكاء الاصطناعي
السوق الشعبي في زمن الذكاء الاصطناعي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي تحسين الحياني
النـص :

 

 

كعادتي المفضلة في أوقات الفراغ، أو في أيام الجمع والعطل، أذهب إلى الأسواق الشعبية، وأسير بين الطرقات والأزقة الضيقة، والأسواق المسقوفة العتيقة، أشرب الشاي هناك، وأجد في ذلك متعة لا تضاهيها الجلوس في أرقى المقاهي، أو المراكز التجارية الكبيرة المزركشة.في المرة الأخيرة التي زرت فيها السوق الشعبي، صدمتني إحدى المواقف المحزنة، حيث كان بجوار المقهى الذي أشرب فيه الشاي مصور فوتغرافي، يعمل منذ ساعات الصباح الأولى، ودوماً كان عليه زخمٌ كبير، من الزبائن، الذين كانوا يلتقطون الصور بطرق مختلفة.لكن، هذه المرة وجدته بلا زبائن، يقلب كفيه، يميناً وشمالاً، عله يعثر على من كان يتفنن في إظهارهم بأبهى طلة.تجولت بعدها في السوق، ولوهلة، فكرت، ما هو مصير هذا المصور، ومثله الآلاف في زمن الذكاء الاصطناعي، والذي بضغطه زر، يعدل لك الصور، ويرتبها، ويضعك بجانب البيت الأبيض، أو جوار ليونيل ميسى، وأنت جالس في سريرك!ثم رأيت شخصاً يبيع أقراص سيديات، وعليها مجموعة من الفنانين، سئلتُ في نفسي، ما هو مصير هذا الرجل، في زمن التطور التكنلوجي، والذي بضغطه زر في الهاتف، أو التطبيقات، يعطيك الفنان الذي تريد، والأغنية التي تحب.شخص آخر، يبيع "كارتات الرصيد"، ومكتبة أخرى مختصة بالترجمة الفورية، ورجلٌ كبير في السن، يصلح أجهزة الراديو المسجل.وجدتُ في السوق الشعبي، أناس يصارعون البقاء، يحاولون بشتى السبل، التمسك بآخر ما تبقى من فرصة أمامهم، لكي يستطيعوا توفير لقمة العيش لعوائلهم.لكن هيهات، نحن في زمن الذكاء الاصطناعي، في عالم لا يرحم، ومن لا يواكب هذا العالم، سيبقى خلف الركب.ربما بعد فترة، سأزور الأسواق الشعبية، ولا أجد عشرات المهن، التي كانت توفر لأصحابها الدخل المادي، الذي كان يغنيهم عن السؤال، ويوفر لهم حياة كريمة، وهذا الأمر ليس ببعيد، مهما حاول أصحاب هذه المهن التمسك بآخر الفرص، لكن ما تفرضه التكنلوجيا، وبرامج الذكاء الاصطناعي، يبدو أكبر، من الطموح والأمل.

المشـاهدات 21   تاريخ الإضافـة 23/12/2025   رقم المحتوى 69255
أضف تقييـم