الثلاثاء 2025/5/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 31.44 مئويـة
نيوز بار
وختم حياته بحكمة ! قصة الصحفي والاعلامي المغترب
وختم حياته بحكمة ! قصة الصحفي والاعلامي المغترب
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب آسر عباس الحيدري
النـص :

بعد أن شعر المليونير نشأت وهو على فراش الموت ان ايامه في الحياة اصبحت معدودة يوم ، يومين ، أو على الاكثر ثلاثة أيام وبعدها ينتهي كل شيء ويصبح المليونير الاستاذ نشأت جثة هامدة تحت التراب ويتساوى مع أفقر الناس وينتهي وكأن شيئاً لم يكن أو لم يكن هناك شخص اسمه المليونير نشأت .... ملك وتسلط .... قتل، جوّع كثيراً من الناس، كل هذه الأفكار الهدامة جاءت من لحظة ضعف منه وهو الذي كان فيما مضى لا يسمح لأي لحظة تداهمه بمثل هذه الافكار وفق ماتعلمه واستقاه من محيطه السرطاني الذي عاش فيه، أب يهودي النزعة للسيطرة على المال، وأم راديكالية النزعة للسيطرة على الرجال، في هذه اللحظة فقط بكى المليونير نشأت، بكى وهو الذي كان فيما مضى يضحك ويقهقه بأعلى صوته عندما يرى طفلاً صغيراً يتلوى أمامه من شدة الجوع والسقم، فصاح بأعلى صوته المخنوق بعبرات الأسى والندم، انتهى كل شيء، انتهى كل شيء.... حتى اولادي تركوني وذهبوا، لقد أعمت بصيرتهم المادة كما أعمتني أنا من قبل، وقبل ان يضرب راحته على وجهه فُتح الباب وانطلق منه صوت الخادم قائلاً: لا ياسيدي لم ينته كل شيء إن المادة التي أعمت بصيرتك من قبل موجودة بين يديك الآن وتستطيع أن تفعل بها ما تشاء .. سقط هذا الكلام كالصاعقة على هامة المليونير، وعبثاً حاول ان يتكلم وان يزجر الخادم بأقبح العبارات كما كان يفعل ذلك من قبل، ولكن لم يخرج من فمه المتراجف سوى كلمات قليلة متقطعة الحروف، كلمات ممزوجة بزبد الموت... أكنت تسترق السمع ياهذا؟ أكنت تسترق السمع؟ فما كان من خادمه إلا أن عاجله قائلاً: لا ياسيدي لقد سمعت كل شيء..سمعت كل شيء..

فحاول المليونير بعد هذه المفاجأة أن يتصنع القوة مع الخادم، ولكن هاهو يفتح فاهُ، ويرفع يديه، ولكن دون فائدة فقد انهارت قواه، وشل لسانه، واغرورقت عيناه بالدموع لما يرى ويسمع من آهات، واصوات تنادي، نشأت... نشأت... دولار... دولارين.. أرنب.. أرنبين.. سيارة.. ليالي حمراء.. جلد.. قتل بكاء اطفال نحيب.. مرافعات.. محاكم.. أصوات.. أصوات.. من شتى اللهجات واللغات كاد أن ينفجر منها رأس المليونير ولا يجد لها من جواب سوى أن يحرك لها رأسه يمنة ويسرة، أعلى وأسفل، يضرب راحيته على وجهه عله ان ينسى ليموت مستريحاً، ولكن أنى له ذلك؟!

شاهد الخادم كل ذلك فهاله ما رأى، وهاله منظر سيده، ومافعلته به ((الفلوس)) فحمد الله كثيراً لأنه ليس من أصحاب الأموال، ولا من أصحاب العقارات والمشاريع، فلم يتمالك نفسه فصاح بأعلى صوته، الفقر نعمة أيها الناس، الفقر نعمة.. ثم توجه بصوته نحو سيده، وصاح به: ألم أقل لك من قبل إن الفقر نعمة؟ وها أنا أقولها بوجهك ثانية الفقر نعمة، فتب الى الله ياسيدي.. تب الى الله فباب التوبة مفتوح وإن الأموال التي عمت بصيرتك من قبل موجودة بين يديك الآن وتستطيع أن تفعل بها ما تشاء.. فأخذت كلمات الخادم الأخيرة تدوي في رأس المليونير وتدور في أرجاء الغرفة الضيقة، ثم تعود الى رأسه المثقل بسكرات الموت ليصحو قليلاً من هول هذه الكلمة فأخذ يردد مع نفسه وببرود شديد: ما أشاء.. ما أشاء.. ما أشاء.. ما أشاء، ثم وجه رأسه بصعوبة بالغة الى الخادم قائلاً: أيها الاخ الطيب سأكتب ما أشاء سأكتب ما أشاء، ناولني ورقة وقلماً..

وبلمح البصر كانت الورقة والقلم بين يديه، فكتب المليونير نشأت في أعلى الورقة(بسم الله الرحمن الرحيم) ... أما بعد..

إنني الفقير الذليل التائب الى الله نشأت، أوصي بكل ما أملك من أموال ومشاريع وعمارات، صدقة جارية باسمي بعد موتي راجياً فيها من الله أن يغفر لي ذنوبي.. وبكامل قواي العقلية أقول: لا يورث أحد من أبنائي شيئاً مما أملك حتى لا أعيد ذاتي بأبنائي من بعدي.. وختمها بعبارة!

الذليل التائب الى الله ( نشأت ).

المشـاهدات 940   تاريخ الإضافـة 16/02/2021   رقم المحتوى 9845
أضف تقييـم