الإثنين 2024/5/6 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
فذلكة روبرت باتنام وازمة الحكم في العراق
فذلكة روبرت باتنام وازمة الحكم في العراق
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.هيثم هادي نعمان الهيتي
النـص :

تمعني في ازمة الحكم المستعصية في العراق دفعني للبحث عن نظرية سياسية يمكن تدرس هذه الازمة وفي نهاية البحث وجدت أستاذا شهيرا يدعى روبرت باتنام وهو أكاديمي امريكي واستاذ سابق في جامعة هارفرد، له نظريتان الأولى هي نظرية الروابط بين النخبة والجمهور والثانية نظرية راس المال الاجتماعي، وفعلا وجدت في هاتين النظريتين امكانية لدراسة سلوك النخبة الحاكمة وكذلك سلوك الجمهور المحكوم. حاولت بعد ذلك ان اتحدث معه عبر المراسلات الالكترونية الا انه في التسعينات من العمر ويعيش في قرية صغيرة في أوهايو، ونصحني بمراجعة كتبة "

يذكر باتنام في أحد كتابة ان الاساس في فهم الحاكم هو خلفيته الطبقية والفكرية والعائلية والوظيفية، وبالتالي الاساس في اي مرشح سياسي جديد ليس ما يقول لكن ما كان هو علية وماضية ان كان لصا، او عنصريا، او عدوانيا، او صالحا، وناجحا، ومحبا لبلدة، ومجتمعة. وحدد باتنام في نظريته الأولى عدد من الروابط التي تربط الحاكم بجمهوره وهذه الروابط هي التصورات المشتركة بين الحاكم والمحكوم واستنتج ان الراي العام الشعبي تكمن أهميته في نرى ان كان مطابقا لراي الحكام ام مختلف عنهم، وهنا تبادر لذهني التساؤل التالي: هل ان تصورات الجمهور العراقي مطابقة لتصورات النخبة في العلاقات الخارجية مع كل من إيران وامريكا والدول العربية، وهل ان تصورات الجمهور والنخبة الحاكمة متطابقة في قضايا الاقتصاد وشكل النظام السياسي وهل ان هناك تصورا مشتركا في الأيدلوجيا.

 هذه التصورات ان تشابهت يمكن ان تصنع استقرارا وقبول وبالتالي تكون الروابط بين الحاكم والمحكوم متينة اما إذا كانت التصورات بين الحاكم والمحكوم متباعدة وشبه مقطوعة فان ذلك يعني ان هناك فجوة هائلة بين النخبة والجمهور وبالتالي لا يوجد هناك قبول وقد يتحول الاختلاف الى اشببه بنزاع يأخذ اشكالا من أنواع القمع السياسي والتعبئة الجماهيرية.

اما نظرية روبرت باتنام الثانية وهي نظرية راس المال الاجتماعي والتي طبقها في إيطاليا بعد سقوط الفاشية ، حيث دراس العلاقات بين المجموعات العرقية والاثنية والهويات الثقافية المختلفة ووجد ان إشاعة الصراعات بين المجموعات الثقافية سيؤدي في النهاية الى اشعال الصراع بين افراد المجموعة الثقافية نفسها وبالتالي ان التفتيت بين الهويات سيؤدي الى تفتيت اعمق داخل الهوية الواحدة وهذا ما يمكن ملاحظته فعلا في عراق اليوم حيث بعد محاولات بائسة لإشاعات الصراعات الطائفية والاثنية والقومية بين أبناء الشعب الواحد و على مدى عقود سابقة نجد انفسنا اليوم امام تحدي جديد وهو ان هناك صراعات ناشئة جديدة داخل المجموعة الثقافية الواحدة والهوية القومية والطائفية الواحدة .

سمة أخرى حددها باتنام الا وهي البراغماتية وذكر في (كتابة كيف تجعل الديمقراطية تعمل) ان السمة البراغماتية اساسية في الحاكم ويذكر روبرت باتنام بان النخب الشيوعية التي قمعها موسوليني في زمن الفاشية الإيطالية رغم تعصبها الايدلوجي الا انها تحولت نحو البراغماتية عندما أصبحت نخبا سياسية بعد سقوط الفاشية ، حيث رغم ان ايدولوجيتها الفكرية شيوعية الا انها كانت متسامحة مع النظام الرأسمالي الجديد في إيطاليا لأنها وجدته الأفضل لمستقبل إيطاليا بل ذهبوا الى ابعد من ذلك فان النخب المختلفة كانت براغماتية في علاقاتها مع البعض وان المسافات بين النخب كانت قريبة و مترابطة ومتأخية من اجل ديمقراطية إيطاليا ومصلحة المواطن الإيطالي ، لقد اكد باتنام في كتابة ان هذه البراغماتية هي التي خلقت إيطاليا الجديدة ما بعد الفاشية لان النخب السياسية كانت تقول (توجد إيطاليا ولكن علينا ان نصع الإيطالي) والمقصود هنا بالمواطنة الإيطالية والانتماء للوطن الإيطالي واعكس هذا السؤال على الحالة العراقية هل كان الحاكم في العراق على مدى قرن براغماتي ام متعصب ؟ وهل سعت النخب السياسية لصناعة الانسان العراقي والهوية العراقية؟  

 

العراق ليس بحاجة الى مزيد من الأيدولوجيات بل بحاجة لأكاديميين ومفكرين، واقرب مثال لمهاتير محمد اكاديمي الذي حول النظرية الاقتصادية لتطبيق واقعي وجعل من ماليزيا بلدا عظيما، فهل هناك نخبة تفكر بمشروع صناعة العراقي في عراق الحضارات؟ كيف سنكون ما بعد النفط وميزانيتنا تعتمد بأكثر من 97 % على النفط؟

المشـاهدات 381   تاريخ الإضافـة 22/04/2024   رقم المحتوى 44227
أضف تقييـم