الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
ابنة الشمس ... صوت الأرض والحب والإنسان
ابنة الشمس ... صوت الأرض والحب والإنسان
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

حين أكتب قصيدتي فإنني أجيء إليها من فطنة الإحساس وفيض المشاعر , لذلك تظهر وكأنها شيء مني , وجزء من عاطفتي وتفكيري ووجداني , وهكذا تفصح الكلمات عن ذاتي التي تتسع فضاءاتها فتشمل وطني ومجتمعي , لأن الانتماء للنسيج العام حين يكون حقيقيا و تكون الذات خير معبر عنه .

ليسمح لي القارئ العزيز أن أتوقف قليلا مع طبيعة عائلتي وكيف تشكّلتُ فيها وأنا أفتح باب الإبداع , فوالدي رحمه الله , والذي كتبت عنه في مجموعتي قصيدة " هاتف الموت" كان ضابطا في الجيش العراقي , وكان أيضا أديبا يكتب في مجالات أدبية متنوعة , لأنه نهل ثقافته الرصينة من بطون كتب التاريخ والتراث وقمم الأدب , لكنه ظُلم ظلما كبيرا , بعد وشاية دنيئة عرّضته لاضطراره فقد  وطنه وعائلته في ليلة ظلماء , حيث بدأ رحلة وجع شاقة , أدّت إلى انكسار فينا جميعا , رغم أنني كنتُ طفلة لا أعي تماما جوهر المعاناة , لكنني عرفتُ تفاصيل المحنة التي زادت ألمي وحزني على والدي الذي توفي بعيدا عنّا , ولم تره والدتي الغالية , الباسلة إلا وهو على فراش الموت , لتعود به إلى بلده جثة هامدة , أما والدتي فقد عاشت مربيّة فاضلة تمارس التدريس , وقد شهد لها كل من عرفها , بالتزامها وثباتها على مبادئها وكبريائها الذي غرسته فينا ليكون سمة نعتز بها , مع الطيبة والتواضع وفيض الإنسانية التي جُبلت عليها أمي وهي تخفي لآلمها ومعاناتها , وتوفر لنا كل سبل الحياة التي تجعلنا بمأمن من آفات الزمن , وفعلا أوصلتنا جميعا إلى ما نفخر به , ومازلنا نتنفس في حضرتها الهواء النقي , ونتعلم منها ونتزود بكل طيب وقوة إيمان , فأنا شخصيا كلما شعرتُ بالضيق أقصدها لأتزود منها راحتي وطمأنينتي و ولا أريد الحديث عن مواجع فقدان أخي الكبر الشهيد , ولا رحيل أختي الغالية , لأنها رغم قسوتها , تبقى أمورا شخصية أكون أنا معنية بها , في هذا الجو المشحون بالعواطف والدموع والأحاسيس وقوة الارتباط العائلي , تكوّنت ذائقتي و ومنحني الله القدير , موهبة اقتناص لحظات الإحساس ورسمها بالكلمات , فعبرت بما عبرتُ عنه من قصائد نشرتُ بعضها , وسأنشر البعض الآخر بإذن الله .

ورغم أنني في بداية كتابتي للحروف الأولى من هواجسي , لم أكن أسعى لانتشار وشهرة , ولم يكن في بالي سوى التعبير الصادق عما يعانيه أبناء وطني وهم يعيشون محنة تلو أخرى , ويواجهون أشرس الظروف وأكثرها وحشية , لذلك نشرت قصائدي لأشاركهم في هذا الهم الوطني المقدس , وكنت أقرأ وأبحث بين تجارب الأدب والشعر , كي أستطيع الإمساك بآليات كتابة القصيدة السليمة بكل أدواتها , كي تتكامل الرؤية , تعبيرا وأداء , ووجدتُ أن الشعر مرّ بمراحل وتحولات , وظهرت فيه أشكال طال الجدل فيها , منذ القصيدة الجاهلية مرورا بالعصر الإسلامي بكل تحولاته , وصولا إلى قصيدة التفعيلة أو " الشعر الحر" الذي بدا عراقيا بامتياز من خلال رواده السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي ومن تبعهم ,  حيث فتحوا أبواب التجديد , وساروا بالشعر في مسار مختلف , رغم التزامه بقواعد القصيدة التقليدية , وبعد ظهور تجربة قصيدة النثر , التي مازالت محط اعتراض العديد من الأكاديميين ومن المتمسكين بالقصيدة التقليدية , لكنها استطاعت إثبات وجودها  , وحققت حضورا لافتا , على الرغم من كثرة الطارئين عليها .

ولا اريد الاستفاضة في الحديث عن أزمات الشعر , لكنني أريد ان أفصح عن قناعتي الأولية , وكذلك طبيعة توجهي للقصيدة وكتابتها ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي أولا   , حيث تعرفتُ على آراء جدية فيما أكتب واستفدتُ منها في تطوير تجربتي , وهنا لابد من الإشارة إلى الأستاذ الأديب منذر عبد الحر , الذي فوجئتُ بأنه على معرفة بوالدي الراحل , حيث نشر قصائدي في جريدة الدستور وقدم لي ملاحظات مهمة , كما أنه كتب مقدمة مجموعتي الأولى .

ويطيب لي هنا أن أجدد شكري لكل من وقف معي , كما أجدد وفائي وحبي لوالدتي الغالية التي كان لي شرف أن أهدي إليها النسخة الأولى مع فيض من أمنيات القلب .

 

المشـاهدات 877   تاريخ الإضافـة 26/03/2021   رقم المحتوى 10198
أضف تقييـم