السبت 2025/12/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 9.95 مئويـة
نيوز بار
عشائرنا الكريمة.. ما بين مواقف الفخر الخالدة.. ومواقف التخاذل المؤلمة
عشائرنا الكريمة.. ما بين مواقف الفخر الخالدة.. ومواقف التخاذل المؤلمة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد الأمير كاظم الجوراني
النـص :

يُعرف عن المجتمع العراقي أنه مجتمع عشائري على الأعم الأغلب, ولا تكاد تخلو محافظة عراقية من هذا البنيان الاجتماعي الضارب في القِدَم, ولطالما كان لهذه العشائر الدور الكبير والمواقف الوطنية في الثورات والانتفاضات والحركات الشعبية التي سادت البلاد منذ الاحتلال البريطاني سنة 1914م, حيث كان لها الدور الرئيس والفاعل في الثورة ضد الإنكليز سنة 1920م, والتي كان من ثمارها تأسيس الدولة العراقية سنة 1921 استجابةً ورضوخاً لمطالب الثوار, كما كان لهذه العشائر الدور القيادي والمحرك للانتفاضات والثورات التي اندلعت بعد ذلك, وخاصة بين عامَيْ 1935 و1936م, ناهيك عن مساهمة العشائر في تحقيق السلم المجتمعي على المدى البعيد, من خلال قيام رؤسائها وشخصياتها البارزة والمؤثرة في إطفاء نار الكثير من الفتن والمشاكل التي تحصل بين العشائر أو بين أفراد العشيرة أنفسهم, وإجبار المتخاصمين على الرضوخ إلى صوت العقل والحكمة وحقن الدماء.ولكن وبمرور الزمن, ومع التغيّرات السياسية الكثيرة والمتواصلة التي حصلت في هذا البلد منذ عقود خلت, نجد أنَّ المواقف الحكيمة والرصينة تكاد تختفي عن الكثير من مواقف عشائرنا الكريمة, خصوصاً مع رحيل الرعيل الأقدم من شيوخ هذه العشائر, من الذين كانوا يتحلّون بالشهامة والنخوة والروح الوطنية, فكانوا لا يجاملون الباطل ويقفون مع المظلوم وينتصرون له ولو كلّفهم ذلك حياتهم, ولا ننسى مواقف الشيخ شعلان أبو الجون, والشيخ عبد الواحد الحاج سكر, والشيخ ضاري المحمود... وغيرهم, في الدفاع عن مصالح العراق وشعبه وقيادة الثورة المباركة ضد الاحتلال الإنكليزي, فضلاً عن الجيل الذي تلى هؤلاء من زعماء وشيوخ العشائر, ووقوفهم بوجه الظلم والطغيان أينما حل, ومن أي جهة يصدر, ولكن بعد رحيل هؤلاء, نجد اليوم أنَّ المحاباة والمجاملات السياسية قد طغت على الكثير من مواقف شيوخ العشائر, وخصوصاً في وقتنا, إذا ما استثنينا فترة النظام السابق وقبضته الحديدية على كل مفاصل الحياة في البلد, ما أجبر الكثير من الكيانات الاجتماعية وغيرها لا سيما العشائرية منها إلى الرضوخ لسيطرته وسطوته, ولكن بعد احتلال العراق وسقوط النظام السابق, وتوافر هامش كبير من الحرية في التصرفات واتخاذ القرارات, نجد أنَّ الكثير من هؤلاء الشيوخ قد دخلوا في تحالفات مصلحية مع الكثير من العناصر السياسية الفاعلة في المشهد العراقي, وتركوا مصلحة الوطن والمواطن جانباً, ما حدا بالكثير من النخب السياسية الفاسدة إلى الاعتماد على هؤلاء الشيوخ وعشائرهم في الحصول على الدعم والتأييد الانتخابي, والأكثر إيلاماً ووجعاً من ذلك هو دخول هذه النخب العشائرية في تحالفات من فصائل مسلحة خارجة عن طاعة الدولة, إمّا خوفاً أو طمعاً, أو بسبب انتماء الكثير من أبناء هذه العشائر لهذه الفصائل المسلحة تحت ضغط البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة, أو بسبب الوازع الديني خصوصاً إبّان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على ثلث مساحة العراق في سنة 2014.وبالتالي أصبح المواطن البسيط المظلوم لا يجد ناصراً ومعيناً سوى الله تعالى, في خضم الظروف السياسية والاقتصادية المعقدة التي يمرّ بها العراق, وكنّا نمنّي النفس بموقف واضح وكبير إبان اندلاع ثورة تشرين ضد الفاسدين المجرمين, ولكن للأسف كانت المواقف العشائرية متباينة ومتذبذبة ما بين مؤيدٍ لتلك الثورة, وبين من وقف في صف الطغاة الفاسدين, وبين من التزم جانب الصمت والحياد لاعتبارات عدّة لا ترتقي إلى ما هو معهود من عشائرنا الأصيلة في الوقوف بوجه الظالمين والمفسدين, وما يُدمي القلب ما شهدناه قبل أيام من وقوف لبعض هؤلاء الشيوخ في صف القاتل المجرم الذي استباح الدماء في الشهر الفضيل, شهر رمضان المبارك, والذهاب لتهنئته بمناسبة إفلاته من العقاب بصفقة سياسية مشبوهة, لا تخلو من التدخلات الخارجية التي تمتلك التأثير الأقوى في الساحة العراقية اليوم.ولكن بالرغم من كل ما تقدَّم, يبقى الأمل الكبير يحدونا في موقف كبير وحازم ومشرّف من شيوخ عشائرنا الكرام, من الذين ما زال ينبض فيهم عرق الشهامة والنخوة والوطنية العراقية العربية, في نصرة المظلوم والوقوف بوجه الطغاة والفاسدين والعملاء والمستعمرين الجدد الذين يريدون إعادة أمجاد إمبراطورتيهم القديمة على أشلاء ودماء أبناء شعبنا المظلوم.

المشـاهدات 1041   تاريخ الإضافـة 07/07/2021   رقم المحتوى 11650
أضف تقييـم