الأحد 2024/10/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 14.95 مئويـة
شو بدّي بالبلاد ‏الله يخلّي الولاد
شو بدّي بالبلاد ‏الله يخلّي الولاد
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب رياض الفرطوسي
النـص :

العنوان هو مقطع من نص شعري كتبه الملحن والمسرحي والشاعر زياد الرحباني ومطلعه "كيفك إنت" ولا اعرف الى اي مدى ينطبق هذا النص على حالتنا العراقية بكل تداعياتها واتجاهاتها. عندما غنت فيروز هذا النص بعد اللحاح من ابنها زياد .وافقت عليه بعد مرور 4 سنوات. وفيروز ليست مجرد مغنية انما هي مؤرخة للاحداث والمواقف والتجارب .هي ( حنجرة وطن ) تتسع للجميع في زمن الخسارات الكبرى ورهانات الديوك المتصارعة. في زمن صناعة الدمى والاحداث والبطولات الوهمية وفضائح الفساد وعالم الصمت والفرجة ( والتغليس ) عن جرائم كبرى بحق الانسان والحياة. لا اعتقد ان هناك شعب في العالم عاش كما عاش العراقي من محن وحروب وكوارث وانقلابات وحصار وقلق وخوف ‘ مأتم مفتوح للاحزان والدموع في بلاد المآذن والكنائس والاضرحة تلك البلاد التي لم تهدأ يوما من عربدة الساسة ومخططات الانقلابات وولائم الاطاحة بالخصوم. بلاد لازالت تغرق بالمشاكل المستعصية ‘ وتتدافع الاحداث في اتجاهات مختلفة وتنقلب في كل مرة الامور وتصل الى ذروتها ويشتد القوس والتوتر. وتتغير الاولويات والتوقعات وكل طرف يبحث عن حل في معزل عن الطرف الاخر لتكتشف ان الازمة السياسية تختلف عن ازمة الشارع. الازمة السياسية هي ازمة امزجة وقناعات. هناك من يجلس خلف مكتبه ومعه بعض من الحواريين ( وهو غير مستعجل ) وغير معني بما يتساقط من هذه البلاد من خيرات وثروات وجهود لأنه يمتلك الوقت والاتباع والمال والقوة ويناور من خلال تغريدات وبيانات وخطب . تبين ان كل ازمة تدر مكاسب وصفقات لذلك لا يدعون هذه الازمات تتحول الى كارثة سرعان ما يتم احتوائها في اللحظات الحرجة لأن الازمة عندما تنفلت سيخسر الجميع مواقعهم ومغانمهم لذلك يتم التحكم بها في الوقت المناسب.( كيفك إنت ) ايها المواطن المحروم من المتعة الصافية والعدالة والانصاف وانت تبحث عن وسيلة للخروج من هذا النفق المغلق وتسأل لماذا لا نكون كما يكون غيرنا. لماذا يتصدر المشهد صانع التفاهة والمسطح وغير المسؤول والعاجز عن الوعي والذوق والمهرج الذي يتكلم بلغة زقاقية جارحة تخدش حتى الحياء العام هؤلاء يقودون الرأي العام من خلال اعلام يتحكم بالعقول. وبعضهم يظهرون ويختفون ويذوبون ( كما يذوب فص الملح ). الامم الحية تستقطب الكثير من الحكماء والعلماء والمفكرين واصحاب الرأي السديد الا نحن يقودنا الاعلام الاصفر ومواقع التواصل التي جعلت الناس لا تصدق بشي حيث انعدمت الثقة بالدولة والنظام السياسي  وتم تحويل الدعاية والصور من خلال التكرار الى واقع ( وتحويل الواقع الى وهم) فدخل الانسان في حالة انكار لوعيه لصالح وسائل الترويج والدعاية وخلق انسان خائف وقلق يحمل بُعد فكري واحد لا يرى غير الذي امامه فقط. هذا الانسان المعلول اصبح يرفض اي علاج لأنه غير مدرك لما اصابه من امراض نفسية وتشوه معرفي واخلاقي. لقد تم تفريغ هذا الانسان من اي عمق او جذور معبأة بالرغبات والنزوات السريعة التي سرعان ما تنطفىء ليحاول ان يملئها من جديد وهو غير مدرك لطبيعة تحوله الى حالة من الفراغ المنتفخ بالأنا والاستعراض المضخم كواجهة متماسكة ومتينة تخفي حقيقة الذات السرية الممتلئة بالتناقضات.يقود سؤال زياد الرحباني "كيفك إنت" الى حقيقة تتجاوز الوعي الى ما وراء الاشياء الغامضة والمخفية ثم بعد ذلك يصور المشهد بطريقة بانورامية عن تلك البلاد الثرية التي يهدد الجميع بحرقها عندما تتعرض مصالحهم للخطر. وهذه اصبحت ذهنية وعقلية وطريقة تفكير الجميع تقريبا كما لو اننا لا نعيش في وطن وانما في عقار . " شو بدّي بالبلاد ‏الله يخلّي الولاد ".

المشـاهدات 626   تاريخ الإضافـة 28/06/2022   رقم المحتوى 14813
أضف تقييـم