النـص : بشرى داود ـ دبي
تقترن مراحل تطور الفن التشكيلي في دولة الامارات العربية بالمنجز الابداعي للفنان عبد القادر الريس الذي تمتد مسيرته الفنية منذ اوائل ستينيات القرن الماضي والذي حاول فيها ان يظهر موهبته من خلال التحاقة بالمرسم الحر بالكويت ويطور ممارسته عبر عديد التجارب الفنية التي كان فيها مهتما بالتخطيط ورسوم البورتريت كانطلاقة وخلق اساس للشروع في رحلة الابداع التي تكللت بفيض من العطاء الفني المميز على مدار خمسة عقود ونيف والذي يمكن اعتباره محطة هامة في مسيرة شاملة لهذا الفنان الذي تنوعت اشكاله وساليبه ومضامينه فمن توظيف التراث بكل ما يحمله من مخزون حي ومتواصل في البيئة المحلية وما تعكسه طبيعتها من رؤى وتحولات في المشهد الحياتي وتفاصيل علاقة الانسان بكل جزء منها وهو ما خلدته لوحاته منذ البدايات التي حاول فيها اظهار رؤيته الفلسفية ومنظوره الذاتي لتجليات المكان حيث البحر والفضاء والانسان وكنه الفراغ والصحراء والجبال والواحات مستلهما ذلك من خلال الوانه المميزة التي تكتنز بالتعبير والدقة والتوازن والجمال ، ويجد المتأمل في اعماله التشخيصية سحر الطبيعة التاريخية والحضرية التي حاول من خلالها تجسيد الواقع والحفاظ على البنية الاجتماعية والهوية الثقافية والذاكرة الجماعية للمجتمع الاماراتي والقضايا التي تشكل خصوصيته وثقافته وتطلعاته كما تضمنت منجزات الفنان تنوعا اسلوبيا ضمن التناول المفاهيمي للحرف العربي اذ جاءت في سلسلة من الاعمال الرائعة تحت عنوان حروفيات التي تندرج ضمن تجاربه الفنية المميزة التي تواكب التيارات الحديثة وفق اسلوب ينحو الى التجريد عبر رسوم هندسية وحروف عربية نجح في توظيفها فكريا وجماليا وربط من خلالها بين الاصالة والحداثة اي بين التراث والمعاصرة عبر منجز بصري مغاير كمعمار جمالي ودلالي وفني ،تفرد في اقامة علاقات عضوية ووجدانية مع المكان وثرائه الممتد من الماضي الى الحاضر وتطلعا نحو افق المستقبل هنا حاول الريس توظيف بعض المفردات التراثية التي تعبر عن الاصالة والهوية كالبراجيل وقوارب الداو ومنائر المساجد والزخارف في محاولة للعودة الى الماضي والالتزام بالموروت والعمارة التقليدية والفنان التشكيلي الاماراتي عبد القادر الريس هو من مواليد دبي 1951،اقام 45 معرضا شخصيا واكثر من250 مشاركة جماعية محلية وخارجية وآخر معارضه كان في هولندا حيث اقيم عام 2019 ,نال العديد من الجوائز والشهادات التقديرية واستطاع الريس ان يجعل اعماله التي تنطلق من جذور الارتباط المحلي الى مدارات العالمية لذلك يعد ابرز الفنانين التشكيلين الرواد في دولةالامارات العربية ومنطقة الخليج العربي اذ يمتلك حضورا فاعلا ومتواصلا في مسيرة الفن التشكيلي المعاصر ،تأثر في بعض اعماله بالفنان الهولندي (رامبرندت)1606-1669 الذي تميز برسم الضوء الطبيعي والظل وهذا التأثير انعكس عدد من لوحاته او تجربته الفنية التي تتاول فيها الطبيعة الاماراتية ومعالمها التاريخية ،وكأنه يحفظ تفاصيلها في مواجهة اي تغيير يطرأ عليها..من هنا نستطيع القول ان اعمال الريس تعكس شغف الفنان بأرضه وحبه لوطنه ولعل من اشهر اعماله التي تعبر بوضوح عن ذلك هي لوحة (الاتحاد) التي رسمها خصيصا لمعرض الاتحاد تميزت بالوانها الاصفر الازرق والبني وتجسد بخطوطها واشكالها الجبال والبحار والكثبان الرملية وجذع النخلة الذي يدلل على الارتباط بالجذور الراسخة والعطاء واللون الاصفر يمثل الصحراء وكلمة الاتحاد تمثل المبدأ الاساسي لمسيرة الدولة وتلاحمها وسعيها الطموح نحو المزيد من التقدم والمضي لبناء المستقبل الافضل للفنان تاريخ فني عريق حيث عرضت.اعماله في العديد من المعارض الفنية والمتاحف العالمية. ففي عام 2015 استخدامت اعماله لتزيين عربات مترو دبي وحصل على جائزة الامارات التقديرية للعلوم والفنون والاداب عام 2016 وخلال ذات العام أدرجت احدى لوحاته الفنية في معرض جماعي في برلين بعنوان ArtNomads Made. In the Emirates والتي مثلت الفن والثقافة الاماراتية المعاصرة كما عرضت احدى لوحاته في مقر منظمة الامم المتحدة لستة شهور تكريما لابداعه في عام 2018 اقيم للفنان الريس معرض استعادي في معهد العالم العربي بباريس تضمن اكثر من خمسين عملا وثقت مراحل مختلفة من انجازه الفني وقدم فيه لمناسبة عام زايد لوحة بعنوان منبع المحبة تنتشر اعماله في عديد الفضاءات سواء منها الاماكن الرسمية كالدوائر والمؤسسات الحكومية او مكاتب الشركات والبيوت. مما جعل من فن عبد القادر الريس ماركة اماراتية بامتياز ووسيط فني واتصالي يوثق تاريخ واصالة وابداع وعنوان لثقافة وهوية دولة الامارات العربية.
|