عطر التفاح في بساتين العلماء جولة ميدانية في مكتبة السيد محمد حسين فضل الله العامة في بيروت |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : د. عبدالحسين علوان الدرويش تتجسد أهمية الكتاب بالدرجة الاولى بذلك القسم العظيم الذي أقسم الله سبحانه فيه بالقلم وما يسطره القلم فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (ن والقلم وما يسطرون) , وقال الامام علي (عليه السلام) والكتب بساتين العلماء , ونستطيع ان نعرف الكتاب: هو خزانة لما في العقول من المعارف , مما تخمر فيها ابرزتها اقلام اصحابها بعد نضجها فيها , ونظمها لينتفع الناس بها , فالحروف المنقوشة ترسم ما في ضمير الكاتب على صفحات الاوراق , وللكتاب فوائد عديدة منها أنه اداة لحفظ التاريخ , حيث تعد الكتب كنزاً ثميناً بما تحويه من المعلومات التي كان مصدرها الاوائل من العلماء والمؤرخين واللغويين الذين لم نعاصرهم اذ ان علومهم تلك هي اساس علومنا القائمة الآن , ويعتبر الكتاب بمثابة بنك للكلمات , الكتاب يمد القارئ بكمية هائلة من الكلمات والمصطلحات , فهو يثري الملكات اللغوية للقارئ , فكلما قرأ الشخص كتباً اكثر حصل على مصطلحات وجمل جديدة , والقارئ للكتاب سيثري عالمه الفكري , وسيرى الامور بوجهات نظر مختلفة , وكذلك يعد الكتاب محفزاً لخيال الفرد من خلال ما يقرأه من جمل ستشكل في دماغه كصور حية في النهاية لا ككلمات , ويحصل القارئ بالقراءة على ما يجهله , فهو مصدر التعليم الاول لأي كان , وفي الكتاب فرصة للقاء المشاهير من شتى العصور وفي مختلف العلوم , وهو دليل الثقافات المختلفة , وموجّه سلوكي واخلاقي , وفي الكتاب حياة اخرى لأولي الالباب , ولقد اشارت الدراسات الحديثة ان قراءة الكتب ستساعد على الحفاظ على العقل سليماً وصحياً وتحميه من الاصابة بمرض الزهايمر والخرف. أما بالنسبة لي فان رحلتي مع الكتاب تبدأ من الطفولة , والرحلة مستمرة الى أجل مسمى عند الله , فأنني في (صومعتي) مكتبتي الخاصة , وعندما أدخل الصومعة , بعد ان اسبغ وجهي ويديّ وقدميّ بالوضوء , وعند عتبة المكتبة اردد بصوت جهوري: السلام عليكم , لأنني أعلم في قرارة نفسي أن اصحاب المؤلفات والكتب هم احياء عند ربهم يرزقون , وأعلم انهم يردون السلام بأحسن رد..!! والكتب هم أهلي وأحبابي وأقربائي صامتون أعشقهم وهم يعشقوني , وهم جلساء لا يُملُّ حديثهم , أمينون مأمونون , غيباً ومشهداً , فان قلت امواتاً فلست بكاذب , وان قلت أحياء فلست بمفترٍ , ويقول (دانيال بناك) (يبني الانسان بيوتاً لأنه يعرف أنه حيّ , لكنه يكتب كتبه لأنه يعرف أنه فانٍ). وأعضاء صومعتي والمستشارون لدي هم أصابعي وقلمي الرصاص الذي لا يفارق يدي. والتأشيرات والخطوط على الكتب بقلم الرصاص والملاحظات والتدوينات على الملصقات في الكتاب, وهذه ا لفوضى الخلاقة , يجب ان تبقى هكذا , وقد قدمت اعتذاري للكتب كتاباً كتابا, افتتح الكتاب أقبله باطنه وأستنشق رائحته القديمة ثم اغلقه مقبلاً خديه , وأربت على رأسه , وأحضنه وهكذا أمضيت ليالي ونهارات أعوم واسبح وأغوص بين الصفحات السمراء والبيضاء والصفراء , فرحت اسجل بعض المقاطع والملاحظات على باطن كفي ..!! وحتى الحمام كان مليئاً بالكتب والمجلات والصحف , وفي بعض الأحيان عند تناول طعامي تراني متصفحاً كراساً او مجلة او جريدة , وهكذا أبقي الكتاب ملتصقاً بي وملتصقاً به , وقلم الرصاص في يدي او معلقاً وراء أذني او مضغوطاً تحت اسناني , انسخ , واقطع , وأمزق المسودات , وأدوّن , وأفرح غاية الفرح اذا ما وجدت ضالتي ..!! وعندما ادخل الى صومعتي , حيث ترى الكتب تعلن احكامها العرفية الجميلة وتحتل بجيشها الجرار الرائع كل اجزاء حياتي وبيتي , حيث انني ولدت في بيت يحتفظ بالكتاب والجريدة والمجلة ويعتزون به ويحترمونه , والكتاب عندي هو خلاصة العقول والألباب ومخزن المعرفة وينبوع الحكمة , وخزانة الأدب , احترم الكتاب مهما كان وأستفيد من كل كتاب , واحترام الكتاب عندي من علامات الكمال واتلافه وعدم توقيره من دلائل النقص والجهل. وعندما يضطر الأديب ولظروف قاهرة لبيع كتبه فكأنه باع نفسه وصديقه وأخاه وأهله..!! وهكذا تكون صومعتي كتب هنا وكتب هناك , واخرى مصففة قرب بعضها كأحجار لعبة الشطرنج تنتظر من يسحب واحداً منها كي يتحرك الآخرون , تختبئ فيها الافكار وعصارة خيالات الغير , والعلم سلطان دائم , والأسفار هي التي هدت العالم الى طرق الحق والنور. رغم كل التطورات في موجة الاتصال العالمية , لا زالت الصحافة المكتوبة تحتل مكانة مهمة وهي تزاحم بمثابرة وسائل الاتصال الجديدة , وبهذا تكون الصحيفة وثيقة ثقافية وتاريخية ونافذة نطل منها على سجل التاريخ وبوابة تقدم خبرة حقيقية مجسدة الواقع في زمكنة الحدث. لذلك فمن المستبعد ان تقل أهمية الصحف المطبوعة او تتراجع مكانتها امام الصحافة الالكترونية , ويعود ذلك الى المميزات التي تتميز بها الصحافة الورقية وأهمها ان الصحافة الورقية قابلة للنقل والحفظ والتوثيق , حيث لا تزال قراءة النص المطبوع لها سحرها لدى أغلبية القراء , فضلاً عن انها لا تحتاج الى مهارات خاصة كاستخدام الحاسوب وتقنياته. بينما الصحافة الورقية تقرأ في الباص وفي الأماكن العامة وعند الاضطجاع في اي وقت يشاء القارئ , كما انّ هناك شعوراً يعيشه وأجواء حميمية وطقوس جميلة جداً , يعيش في اجوائها المخملية , وخاصة مع فنجان الصباح عندما تصدح أغاني فيروز , مع طعم القهوة والهيل التي تعبق رائحة الورق في الجريدة والكتاب المطبوع عموماً والتي بنظري (لكوني كائناً ورقيّاً) اغلى وأثمن عطر في الكون. وبتاريخ 11/5/2023م المصادف يوم الخميس , قمت بزيارة مكتبة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله العامة , عندما كنت متواجداً في بيروت من اجل المراجعة والاستشارة الطبية في مستشفى الجامعة الامريكية وكان في استقبالي السيد شفيق الموسوي المشرف العام على المكتبة وعلى المركز الاسلامي الثقافي , وهو مؤسسة ثقافية رعاها سماحة العلامة المرجع السيد فضل الله (رض) , حيث يعمل المركز على نشر الثقافة الاسلامية في خط أهل البيت (ع) , ومن الجدير بالذكر ان السيد شفيق الموسوي المشرف العام حائز على شهادة ماجستير في الآداب من الجامعة اللبنانية عام 1983م , محاضر وكاتب اسلامي , ومن الرعيل المؤسس للعمل الاسلامي في لبنان , يعمل في المجال التربوي منذ حوالي 40 عاماً في ادارة مؤسسة التكامل الاسلامية (برج البراجنة) , عمل في الاذاعة اللبنانية – دائرة البرامج الدينية من عام 1984-1987م , مُنتدباً من المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى , عمل مديراً عاماً لإذاعة صوت الايمان (البشائر حالياً) من عام 1986-1997م , تخرج على يديه ثلة من الاعلاميين والاعلاميات الذين عملوا وما زالوا في الوسط الاعلامي الاسلامي. أنتج اكثر من ألفي حلقة اذاعية حوارية في شؤون الدين والثقافة والأدب , يشغل حالياً ومنذ عام 2000م , ادارة المركز الاسلامي الثقافي – مجمع الامامين الحسنين (ع) , وادارة مكتبة السيد محمد حسين فضل الله العامة , يشرف على أعمال المركز الثقافي في العراق (بغداد – النجف الاشرف , البصرة , الناصرية , الحلة , العمارة , وكربلاء) , يشرف على الانتاج الفكري والثقافي لسماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) من خلال المركز الاسلامي الثقافي , وقد اصدر حتى الآن (190) مؤلفاً في شتى الموضوعات. ثم التقيت أمينة مكتبة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله العامة , مسؤولة ادارية ومسؤولة الموارد البشرية السيدة (حنان رسلان) التي قدمت لي نبذة عن المكتبة فقالت: انطلاقاً بما آمن به سماحة العلامة المرجع الكبير الراحل السيد محمد حسين فضل الله (رض) من أن الكتاب هو المصدر الأساس من مصادر التكوين الثقافي وما للثقافة من دور كبير في تنشئة الأجيال ورسم الواقع الحضاري الانساني , انطلقت المكتبة بتوجيه وارشاد من سماحته , فبدأت باستقبال الجمهور بتاريخ 13/9/2004م , وكانت من أهم اهداف هذه المكتبة الموقرة: 1 – تنشيط العمل الفكري والثقافي والتربوي في مجتمعنا لكل المراحل العمرية. 2 – نشر الوعي والثقافة. 3 – توفير مصادر البحث والعلم والمعرفة . 4 – توفير الخدمات البحثية للباحثين والدارسين في المجالات الثقافية والعلمية. 5 – توفير الحوار الفكري في المواضيع الثقافية المتنوعة. وبعد ذلك رافقتني السيدة مديرة المكتبة السيدة حنان رسلان بجولة تفقدية في أقسام ومحتويات المكتبة قائلة: تحتوي المكتبة على حوالي (100000) عنوان بمختلف اللغات العربية والانكليزية والفرنسية في شتى المعارف والعلوم (انسانية , تاريخية , جغرافية , أدبية , علمية , دينية , حقوقية , تربوية , اجتماعية , طبية , هندسية , وعلمية عامة). تتوزع الكتب على طابقين بمساحة (1500) متر مربع تقريباً , واضافت السيدة حنان رسلان: هناك قسم خاص بالمراجع والموسوعات , وقسم خاص بمؤلفات سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) , وقسم خاص بالفهرسة والتوثيق تحت اشراف فريق عمل متخصص في التوثيق , وقسم ديوانية الصحف والمجلات والدوريات المتنوعة , وقسم خاص بالأنترنيت مجهز بأحدث أجهزة الكومبيوتر من اجل تقديم خدمة الوصول الى المعلومات , وهناك قسم الشرائط المصورة والأقراص المدمجة , وقسم التصوير , وهناك قسم خاص للأطفال والناشئة مجهز تجهيزاً حديثاً ويضم كتباً متخصصة , ومراجع علمية , وموسوعات باللغات العربية والفرنسية والانكليزية , واجهزة كومبيوتر بهدف توفير المصادر اللازمة للتلامذة والطلاب لأبحاثهم المدرسية , اضافة الى مجموعة من افلام الفيديو والاقراص المضغوطة التي تحتوي على مواد تربوية , اضافة الى العاب تربوية هادفة. كذلك هناك قسم منتدى الحوار الفكري , واضافت السيدة (حنان رسلان) : هناك قاعات للدرس والمطالعة , تتميز بالهدوء والنظام والجمال الفني , كذلك مختبر المعلوماتية للأبحاث العلمية واللغوية مجهّز لإقامة دورات تدريبية وتخريج طلاب يتقنون مهارة استخدام الحاسوب , علماً ان رواد المكتبة من دارسين وباحثين وطلبة الدراسات العليا ليس فقط من لبنان والوطن العربي بل من مختلف بلدان اوروبا , كما يرتادها اناس من مختلف الأديان والطوائف والمذاهب. والحقيقة كانت جولة رائعة ممتعة تزودت منها بقدر لا يستهان به من المعرفة والمعل والمعلومات , وامدتني بفرصة ذهبية للاطلاع على تراثنا الخالد بشكل عام وتراث السيد محمد حسين فضل الله بشكل خاص , والذي نحن بأمس الحاجة الى احيائه وبعثه من جديد في عصرنا الحاضر , عسى ان يكون حافزاً لنا على التقارب والتفاهم والحوار البناء الذي يصنع التقدم والحضارة. ومهما تباعدت الظروف والاعوام سنظل نردد مع ابي الطيب المتنبي مقولته المشهورة (وخير جليس في الزمان كتاب).
|
المشـاهدات 413 تاريخ الإضافـة 03/06/2023 رقم المحتوى 22663 |
شهادة على الروح البشرية والتحدي في مواجهة الشر البشري العظيم. خبز وأزهار.. رسالة من نساء أفغانستان إلى العالم |
نجوم كبار وأرباح هزيلة.. 10 أفلام "فشلت" في 2024 |
الصحفي الشامل.. إكذوبة كبرى |
إعلانات مضللة على صفحات فيس بوك وهمية للترويج عن علاجات طبية وعشبية مجهولة المصدر يعد جريمة خطيرة ومخالفة تستحق العقوبة |
هي وهو في سردية الشعر نص "اغار من الجرف " لرياض جواد كشكول |