النـص : رغم حرج قناعتي بمقولة؛"القناعة كنز لا يفنى" إلأ أني أمتثلت لحكمة بائع الصحف،ذلك الذي أدهش سائله ممّن أعتاد على عشراء الصحف منه صباح كل يوم -بحسب من روى روح هذا الحوار-حين قال له ؛كيف حالك اليوم ؟فأجاب البائع ؛والله في نعمة الستر،ولماذا الستر تحديداً؟ اكمل السائل سؤاله،فأنبرى البائع قائلاً؛لأنني مستور من كل شيء،وعن أي ستر تتحدّث تواصل السائل،مازحاً ومدعباً،ليكمل عبارته "وقميصك هذا متعب وبالي ومرقّع بألوانٍ شتى،فقال ؛يا بنيّ، الستر أنواع،فحين تكون مريضاً،لكنك قادر على السير بقدمَيك فهذا ستر من مذلّة المرض، وكذا حين يكون في جيبك مبلغ بسيط يكفيك لتنام وأنت شبعان حتى لو كان خبزاً،فذلك ستر من مذلّة الجوع، أو يكون لديك ملابس، ولو كانت مرقّعة، فإنها سترك من مذلّة البرد،أما إذا كنت قادراًعلى الضحك وأنت حزين لأيّ سبب كان،فتلك نعمة الستر من مذلّة الإحباط و الإنكسار،أدار بائع الصحف ببصره،ليضيف؛و عندما تكون قادراً على قراءة الصحيفة التي بين الآن يديك،إلأ تراه ستراً من مذلّة الجهل،وعندما تستطيع أن تتصل في أيّ وقت بأهلك لتطمئن عنهم وتطمئنهم عنك،أليس ذلك ستر من مذلّة الشعور الوحدة،أوعندما يكون لديك وظيفة أو مهنة،حتى ولو بائع صحف، تمنعك عن مدّ يدك لأيّ شخص، فإنه ستر من مذلة الحاجة والسؤال، وأما حين يباركك الله بأولادك وبناتك،في صحتهم وتعليمهم بوزواجهم،وبيوتهم، فهذا ستر من مذلة القهر،ثم أختتم البائع قائمة ذكر هذا الاستار قائلاً؛عندما يكون لديك زوجة صالحة، تحمل معك همّ الدنيا، فهذا ستر ونعمة من مذلّة الإنكسار والاخذلان، تذكّر يا بُنيّ دائماً أنك تملك نِعَماً يتمّناها ملايين الناس أولها نعمة الستر والصحة،كلام بائع الصحف هذا بدروسه البليغة ،أخذ بي نحو قصة للاطفال للكاتب الروسي "ليو لتولستوي"الشهير بعظمة ملحمته الروائية "الحرب والسلام"، تقول القصّة بالنصّ "كان فأر يعيش تحت مخزن للحبوب في أرضه ثقب صغير ينفذ منه القمح حبة حبة،كان هذا الفأر يعيش أيامًا سعيدة، لكنه أراد، ذات يوم،أن يتباهی برفاهيته، فقرض الخشب، ووسع الثقب، ودعا فئرانًا أخرى إلى زيارته :
- هيا إلى جولة في بيتي. ستجدون فيه ما يكفي الجميع من الطعام، لكنه عندما أدخل الفئران لاحظ أن الثقب لم يعد موجودًا. لقد شاهد الفلاح أن الثقب قد اتسع فسده." هنا العبرة تكمن
بالبحث عن أسباب انقطاع الرزق،بتطويع الرغبة بإظهار البذخ والمبالغة لتكون سببًا مميتاً في سليط الضواء على من يفعل هذا ويكون مصيره الهلاك.
.
Hasanhameed2000@yahoo.com
|