
![]() |
نافذة من المهجر الحنين الى الأعمال الفنية القديمة .... |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : وأنا أتنقل بين القنوات الفضائية العربية التي أشعر معها بشيء من التفاعل الوجداني الذي يجعلني في هاجس وجودي بين أهلي وناسي، على الرغم من ابتعادي القسري عنهم، في البلاد الباردة بكل ما تعنيه كلمة البرودة من معنىً، صادف أن شاهدت لقطات من مسلسل عراقي في مفردات حواره، التركي في اجوائه وبيئته ومسارات أحداثه تذكرتُ أعمالاً دراميةً ظلت خالدة في ذاكرتنا ، لأنني تفاعلتُ معها مع عموم المشاهدين الذين عاشوا أحداثها وكأنها أحداث حقيقية تنتمي للواقع الذي نعيشه، وتنطلق منه في معالجة قضايا إجتماعيةٍ مهمة لها وقع في حياة كل منا، لذلك صرتُ استعيدها من اليوتيوب واتفاعل مع أحداثها وكأنها جديدة، لأنها استطاعت ان تعبر بصدق عن ما نعيشه، عاطفة او أزمات أو قضايا حيوية تعرض بتشويق وحِرَفيّة فنية عالية، لا يحاول منتجوها والقائمون على إنجازها أن يتعلقوا ببيئات أخرى، أو يتعكزون على تجارب من ثقافات أخرى كما يحدث في العديد من الأعمال الدرامية التي تعرض هذه الأيام... إن الصدق في الأداء، وتبني قضايا المجتمع الذي نعيش فيه، مع وجود نجوم يحبهم الجمهور ويتعايش مع أدائهم، إضافة إلى تقديم سيناريو محكم يستند على قصة أو رواية مبنية بناء محكما دقيقاً هي العوامل الأساسية للنجاح والوصول إلى قلوب المشاهدين وتحقيق الخلود لأي عمل درامي يتناغم مع مشاعر الناس ويحقق معهم تواصلا ويبقى في الذاكرة طويلاً , كما هي أعمال ليالي الحلمية أو ثلاثية نجيب محفوظ " قصر الشوق وبين القصرين والسكرية " أو حتى الأعمال المحلية العراقية مثل النسر وعيون المدينة أو المسلسلات الشعبية الكوميدية , التي نعود إليها بلهفة وشوق , لأنها تعيدنا أولاً لزمنٍ ماضٍ تختلف فيه العلاقات الاجتماعية ووسائل الاتصال وكل شيء , وثانياً لأنها تمثل دراما مصنوعة بشكل دقيق محكم وتصاعد شيّق في الأحداث , إضافة إلى المفاجآت والجماليات الفنية الأخرى في كل عمل . إن الحنين إلى فنون الماضي , يمثّل الاستغراق في الذاكرة , والبحث عن منفذ يعيدنا إلى أجواء التأمل والعاطفة الجيّاشة التي تجسّدها الأعمال الفنية المرتبطة بطبيعة الحياة والقيم السائدة في ذلك الوقت , وهي تتجلى أفلاماً متنوعةً أو مسلسلات أو حتى أغنيات ظلت حيّة معنا , وصار المطربون الجدد يعيدون أداءها لأنها حققت نجاحا متواصلاً وظل بريقها مهيمنا على وجدان المستمع والمشاهد الذي يتعاطف معها ويتفاعل معها مستذكرا فترة من حياته . بصراحة ما دفعني إلى كتابة هذا الموضوع , الذي أستذكر فيه القيم الجمالية والفكرية في الأعمال الفنية القديمة , هو ما أشرتُ إليه في المقدمة , حيث تواجهنا أعمال , لا خلاف على مستواها التقني من حيث الكاميرات الحديثة وأساليب الاخراج والانتاج الفني المتطوّر , لكن المحتوى الذي تطلقه بعيد عن واقع المجتمع وهو يحاكي أعمالاً درامية تركية شهدت إقبالاً كبيراً عليها بعد دبلجتها للهجة السورية , وهذا الإقبال والنجاح , شجعا المنتجين والباحثين عن نسب مشاهدة عالية أن يقلّدوا هذه الأعمال تقليداً فيه شيء من النشاز والابتعاد عن قيم المجتمع الذي تتحدث بلهجته , وهذا الأمر لاحظه المعنيون وغير المعنيين , وعرفوا أن هذه الأعمال تحاول الاستفادة من النجاح الذي حققته الأعمال المدبلجة . إن الانفتاح على الثقافات الأخرى من خلال تحوّل العالم إلى شاشة صغيرة , والتلاقح الإعلامي الذي ترك آثاره الاجتماعية على الشعوب المختلفة , خلق عاداتٍ وقيماً وممارساتٍ جديدة وصلت حتى لأكلات المطبخ وطباع أبناء العائلة الواحدة , بل حتى ترديد مفردات وعبارات طالما ترددت في الأعمال المدبلجة , كل هذه المؤثرات جعلتني أتأمل قليلاً بهذا الواقع الفني والعودة إلى الأعمال الخالدة التي شدتنا إليها , وجعلتنا نعود إليها كل مرة لأنها تمثل أصالة حقيقية وبعدا نفسيا واجتماعيا وفنيا يشدنا الحنين إليها , فنعيش أجواءها من جديد .. |
المشـاهدات 318 تاريخ الإضافـة 01/12/2023 رقم المحتوى 34388 |