
![]() |
على ورق الورد التعبيرات الإنسانية في الفنون منذر عبد الحر |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
ليس هناك أبهى وأجمل وأروع من التعابير الإنسانية من خلال الفنون , بأرق الكلمات وأعذب الصور وأنقى انفعالات الوجدان , لعلها تتضح أكثر في فن الغناء الشجي , البعيد عن التوتر واليأس , والمحتفي بالعاطفة النبيلة .
نريد كل الفنون نابعة من عمق الإنسان ووجدانه , وهي ليست دعوة معينة , بل هي رسوخ متجدد بالحياة الطبيعية , التي ننتمي لها جميعا , حياة الحب والعطاء والسلام والتراحم في ما بيننا , بوصفنا أناسا , يعيشون تجربة نهلت من المرارات والويلات الكثير , وليس أمامها إلا الإصغاء لنبض الإنسان وجمال روحه .
ولنتأمل هنا , أيّ الأعمال الفنية , بكل مجالات الإبداع الفني كتب لها الخلود , في ضمير كل فرد منا ؟
إنها حتما تلك التي تحمل سمات الجمال الإنساني , وتنتصر للفعل المرتبط بالروح المسالمة للكائن الحي , وإذا أردنا تعداد الشواهد على ذلك , فإن القائمة ستطول , وإن الأسماء ستتوالى على ذاكرة كل منا , أما لماذا هذا الخلود , فإنه حتما لم يأت من فراغ , ولا من مزاج تاريخي حددته سلطة معينة , بل هو من وجدان حي وضمير جمعي يشترك بهاجس إنساني واحد .
نأمل , وبعد كوارث وويلات العنف التي عانيناها جميعا , أن تتوجه عطاءاتنا الثقافية جميعها , إلى السلام واللاعنف , نعم , فالفعل التربوي يبدأ من الفنون والثقافت المؤثرة في المجتمع , بدءا من القصيدة , وانتهاء بشدو المطرب , وكذلك مع الفنون والألوان الأدبية الأخرى , كالقصة والرواية والمسرحية والفنون التشكيلية , وحتى فنون الرقص , المعبرة عن عمق هواجس الإنسان , يجب أن تتبنى فكرة اللاعنف .
لا أريد هنا أن أتبنى مثل هذه الدعوة النبيلة , رغم أنني أتشرف بها , لكنني أشير لجهود المبدع الاستثنائي الكبير نصير شمة , وهو يسعى لوضع ركائز عمل لا عنفي يبدأ من مناهج التربية المدرسية , لأنه سيمس الأسرة والمجتمع , واضعا لهم أسس السلام واللاعنف , كمادة أساسية من مواد بناء الفرد , في المدرسة ومن ثم المجتمع بأسره الفاعلة , ومن هذا المنطلق تأتي الخطوة التالية في جعل الجميع يتمتعون بسمات اللاعنف , ومعالجة خلافاتهم ونزاعاتهم بالطرق والأساليب الحضارية , التي تضع قيم الإنسانية فوق كلّ اعتبار , وطبعا من أهم وسائل تعميم أفكار اللاعنف , هي الفنون بكل ألوانها , لأنها تتعامل تعاملا مباشرا متفاعلا , مع الناس , وتسري بينهم سريانا سريعا , شرط أن تكون صادقة , تنتمي لما تدعو إليه , ولن تكون مصطنعة مفتعلة سرعان ما يجف تأثيرها , ويخفت تفاعل الآخرين معها , وهنا لن نحصل على النتائج الفكرية والممارسات الاجتماعية المطلوبة .
إن ثقافة اللاعنف , التي نسعى لأن تكون المشروع الأول لجميع المثقفين , هي الثقافة التي تحفظ جوهر إنسانيتنا , وقيمنا العليا , وهي الثقافة التي نحتاجها جميعا , كي ننهي ويلات العنف وخرابه الذي لم يجلب لنا إلا المزيد من العنف والأوجاع والخسائر الإنسانية المؤلمة .
لذلك فإننا جميعا , كمثقفين أمام مسؤوليتنا الحقيقية , وأمام دورنا الفاعل في تكريس ثقافة اللاعنف , في كل جملة نكتبها , وفي كل فكرة نتبناها , وفي كل صورة جمالية ننسج ملامحها , لأن الجمال لا يكتمل إلا بالمحبة والسلام , وأعذب وأجمل النصوص واللوحات والقصائد , تلك التي تتغنى بالمحبة والسلام والإنسان واللاعنف الذي نسعى لأن يكون مشروعنا جميعا .
|
المشـاهدات 148 تاريخ الإضافـة 03/03/2024 رقم المحتوى 41056 |