الأحد 2024/10/6 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
"نسق ثقافي عراقي يبث الحياة بصدق الأنساق الدلالية "
"نسق ثقافي عراقي يبث الحياة بصدق الأنساق الدلالية "
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

مؤيد عليوي

القسم الثاني

المفردة المتداولة يوميا والتراكيب  اللغوية الدالة بسهولة على المعنى في سهل ممتنع فهذا النص لا ينسى لعلاقته بالحياة فالولادة حياة جديدة ثم الولادة  لم تكن للطفلين فقط بل لشخصية الاب من السرد الشعري حين نقرأ (تعودين بعد طفلين) بمعنى نكرره نحن المتلقين  نقرأه قبل المقطع الثاني  (  تجدينَ على وجهيَ /لحيَةً كالأرز / بيضاءَ ناعمةً ) بمعنى بعد عودتها من وضع الزوجة طفلها الثاني سيكون الاب قد شابة لحيته من انا بسبب انتظارها وهي في صالة الولادة قلقا عليها وعلى ابنه ، بمعنى هي سوف تكتشف حبه لها  اكثر من ذي والاكتشاف أيضا ولادة جديدة لهما الزوج والزوجة ؛ نقرأ تلك البداية المفعمة بالمعاني (تعودين بعد طفلين) مرة ثالثة ثم نقرأ المقطع الاخير : ( وتكتشفين /بأني أفضل الندى /الذي يكسو زجاجة البيرة/على الندى الذي/يكسو الوردة صباحاً/ربما سيبكيكِ هذا الأمر/ولا أعتقد !/ لكن لنفترض /سأمسح حينها /خديكِ برفق/كما يمسح حانوتيٌ/ أغلفة الحلوى ) هنا سيكون اكتشافها هي انه يشرب البيرة ولم تكن تعلم لذلك يفضل ندى وحاجتها على ندى الورد الذي تحب ؛ أما هو فيفكر أن يرضيها بأنه يحبها ولا يرض أن بدموعها أن تبقى نزلة ..

 نعود إلى المقطع الاول : ( تعودين بعد طفلين /ببطنٍ مشققةٍ  /مثل نواة الخَوْخ /وكي لا تحزني أو تخجلي/أشبّه التشققات /بابتساماتٍ /تَحدُث عند مفترق الطُرق /بين أناس طيّبين،)  فالولادة عند الأم وأثرها في جسدها جزء مما تتحمله الام من أجل وليدها لكن هو الزوج يطيب خاطرها فيشبه اثر الولادة على بطنها( التشققات )  بابتسامات بمعنى أن بطنها تبسم له  كما أنه يحبها وإلا لماذا قصيدته النثرية أو نصه الشعري هذا المفعم بالحياة وما فيها الحب  والغزل والزعل والرضا وتطيب الخاطر .. كما نلحظ أن التشبيه والاستعارة في النص تأخذك إلى المعاني أعلاه لكن بعد أكثر من قراءة للنص  هكذا تقرأ فقصيدة النثر عموما  على الرغم من وضوح المعاني لكن ثمة في النص يجعلك تقرأه أكثر من مرة هي هكذا ففي الأصل قصيدة النثر لا تعني الغموض أو جهل المتلقي القارئ في دربونة ظلمة لا يعرف ولا يعلم الشاعر ماذا يريد من نصه بل الصحيح أن تكون المعاني واضحة جلية  فمن أهم ما فيها ايصال المعنى وقد تحقق هذا مع توافر فنيّة  الشاعر في توفير الأفكار مثلا من خلال التشبيه البسيط  (ابتسامات / تحدث عند مفترق الطرق / بين أناس طيبين ) تحمل في طياتها لحظات سريعة عابرة لكنها غير مكشوفة فعندما تعيد النص ستجد أنها  فكرة إنسانية  تحدث يوميا  في جميع أرجاء الأرض المعمورة عندما يلتقي الناس الطيبين في مفترق طرق : محطة قطار او مطار أو  وانت في سيارة أجرة فترى الابتسامات وهي متبادلة بين الناس الطيبين لأنهم طيبين فقط ، وظفها الشاعر مصطفى الخياط  توظيفا شعريا بفنية ، ثم احتمال مفترق طرق فعلا شارعين أو ثلاث شوارع . . وهكذا عندما تعيد قراءة النص تستجد هناك أفكارا في اللغة السهلة الممتنعة عن الشاعر الخياط فالنص هنا يمتلك بصمة شعرية عندما تقرأ مثله للشاعر ستقول أنه مصطفى الخياط لو كتب  بصدق فني في نصوصه  القادمة كما كتب هذا النص واظنه سيفعل فالصدق الفني في التعبير عما يختلط الشاعر يكون صفة ملازمة له ..

"عمى مؤقت "مجموعة شعرية للشاعرة "فلونا عبد الوهاب "

المجموعة الشعرية صادرة في كتاب ورقي عن دار السرد للنشر في بغداد- شارع المتنبي ٢٠٢٤.

في سرديتاها الشعرية غير المُجنسة شعرا كتبت فلونا عبد الوهاب على الغلاف مفردة  "نصوص" وهو نوع من الانتفاضة على التجنيس الأدبي الذي يقتضي شروطه الفنية لكنها حققت أغلب شروط قصيدة النثر الفنية  في نصوصها المنتفضة ففي نصها هذا :

( عطرٌ ،/ مدوّنةٌ، /طريقٌ طويلةٌ ، /وضجيجٌ نفسيٌّ في صمت الكون ؛ /هذا كلُّ ما احتاجُ إليه

لكتابة قصيدة..) ص ٧٢

الضيجيج النفسي = صمت الكون ، معادلة دالة على رغبة النفس في التعبير عما تحمل من حمولة معرفية ورغبات وذكريات وأماني وأحلام يقابلها صمت الكون لحظة الكتابة وبعدها لكي يسمع العالم  من الشاعرة قصيدتها فيما بعد ، وفي هذه الرغبة النفسية للكتابة نشوف* عبد القاهرة الجرجاني يدلو بدلوه إذ  يرى أن النظم ينطلق من رغبة النفس في التعبير رغبة قوية تدفع بالإنسان إلى صياغة اللغة ونظمها في نحو لغوي للجملة العربية، بمعنى الرغبة في داخل النفس الإنسانية تكون مضمونا والشعر الناتج سيكون شكلا لذلك المضمون ويتحول هذا الشكل إلى مضمون بحسب المدلول الشعري الذي سيكون شكلا ومنه في البنية الجوانية يتحول دال في الشعر الى مدلول الذي يتحول هو الآخر إلى دال جديد سيكون مدلولا جديدا، نجد هذا المعنى في تمرد انتفاضة اللغة الشعرية فالشعر (لغة داخل لغة) على حد زعم الفرنسي جان كوهين، وفي الشعر تكتب الشاعرة فلونا عبد الوهاب نسقا شعريا خاصا بها في تعبير بصدق فني عن تلك الرغبة النفسية في الكتابة ففي نص " الشتاء "ص ٣٢ ذكريات الماضي عن الشتاء و(السرير الدافئ، وعناق السيقان، وقبلات بطعم القهوة )، وفي نص يجاوره " ندبة  اللعنات" ص ٣٣ نجد قصدية المجاورة كما عند جاكبسون بمعنى نتاج السرير سيكون ولادة أطفال لكن التعبير ليس بهذه السهولة فقد وظفّتْ الشاعرة الموروث الديني في نزول حواء إلى الأرض إذ ثيمة النص تختص بحواء/المرأة اقصد بشخصيتها  العامة كما من النص   :

( كان جسدها مرصعا بياقوتتين وفيروزة إلا أن الرب جردها من الفيروزة التي تزين بطنها  المسطح حين وطئت قدماها الأرض جزاء لعصيانها ، أشهرها بادئ الأمر بالنقص .. وعقب كل مخاض صارت تلد الذكر والانثى ولكيهما ياقوتتا السماء والأرض وندبة الأرض! تلك الندبة  الشهية صارت إرث اللعنات)ص ٣٣ في هذه اللغة الشعرية الخاصة بالنص في التعبير عن انتفاضة امرأة اتجاه ذكورية الواقع خاصة عند صار يحكم داعش الإرهابي ثلثي العراق بذكورية القبيلة الممزوجة بالدين وإظهارها على أنها الدين !؟ فهذا النص المتمرد على  الذكورية في نهاية السردية الشعرية كما يصفها حميد المختار في مقدمة نصوص " عمى مؤقت"،  إذ كلمة  ؛ارث اللعنات ؛ تشير إلى مظلومية المرأة عبر التاريخ لكنها معلومة غير صحيحة فقبل أن يحكم الرجلُ المجتمع البشري كان هناك حكم المرأة في مرحلة الأمومة كما كان هناك البغاء المقدس لبنات عشتار في بابل عندما يكون القمر تماما وهن يخترن مَن يضاجعهن بأمر عشتار نفسها كما كتب عن هذا ناجح المعموري، لكن ليس المهم المعلومة صحيحة أو خاطئة، المهم أن عملية الخلق الشعري جاءت بشكل جديد تمرد على القوالب الجاهزة لقصيدة النثر، مستوفيا  شروطها الفنية أولها الايقاع الداخلي للنص والفكرة الإنسانية، وبعدها عن محاكاة  نصوص ونماذج شعرية سائدة في المضمون والشكل، ومثله نص " ماء الورد" ص ١١ ومثلهما  نص " تشابه اسماء " ص ٥٤ ففي جميعها لغة خاصة تركيبة الجملة الشعرية تأخذ منحى البوح الشعري برغبة في الكتابة في التعبير بصدق فني موظفة الشاعرة ألفاظا عادية متداولة سهلة لتكون صورها الفنية الواضحة إلا أن هذه المفردات اللغوية تتحول الى مضمون جديد غير مسبوق وفيه بصمة المعنى المدلول الشعري العام للنص وهنا يشكل المضمون المنتفض شكلا جديدا متمردا ينتمي لمَن حاولوا الكتابة شعرا بهذا الأسلوب الفني  منتفضين على الشكل المألوف لقصيدة النثر الذي يشبه قصيدة التفعيلة، فالذات الشاعرة في داخل فلونا تتمرد لحاجة نفسية داخلية بالتعبير عنها وعقل الشاعرة يعلم بهذا لذا جاء عنوان النصوص "" عمى مؤقت "" بمعنى زوال العمى نهائيا فيما بعد وهذا الشكل الذي يشبه القصة القصيرة جدا جاء من رغبة الذات  الإنسانية  الشاعرة التي تحتاج إلى الحكي الشفاهي في الواقع اليومي، فتكون تلك الرغبة قد اختارت  وتحولت إلى شعر فتأخذ من  القصة سرديتها وشكلها ومن الشعر قصيدة النثر ومضمون النص فيه ليكون مضمونا شعريا وشكلا جديدا في قوة من  الذات الشاعرة في فلونا عبد الوهاب التي تتحدى وتنتفض بقوة فيما سبق من الأمثلة الشعرية من نصوصها، ومثله في الشكل المألوف لقصيدة النثر

في  نص "" موجة  "" ص ٤٨ 

(عصفورة  تائهة /غيمة مهاجرة / موجة تتسكع بين السفن الشاهقة /وربما تراني /قطرة الماء الرقيقة التي أحدثت صدعا في قلب الجبل )

ترى التمرد بقوة وثبات على الاخر الرجل في لغة مكثفة رشيقة لها مدلول شعري عام هو القوة في المواجهة وبهدوء وطول نفَس كما تفعل قطرات الماء المتسلسلة والمستمرة في تفتيت جبل من علوٍ وهذا العلو يراد منه السمو والسيطرة على الاخر معا كما تقدم في النص العصفورة تطير في السماء والغيمة أعلى من طيران  العصفورة وموجة بحر تصل إلى أعلى السفن الشاهقة .

•         شافَ : يشوفُ  من أفعال اللغة العربية الفصحى.

 

المشـاهدات 140   تاريخ الإضافـة 06/07/2024   رقم المحتوى 49011
أضف تقييـم