الجمعة 2024/10/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
الصورة الشعرية وخفايا الشعر
الصورة الشعرية وخفايا الشعر
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

شاكر مجيد الشاهين

للصورة الشعرية، خاصة، تتغذى وتحيا بإطارها المناسب لها شكلا وجوهرا، فالشدّ بين الإطار والصورة،جدلية لا يمكن الإستغناء عنها ،خاصة عندما تتبادلان رسالتيهما،،معناً ومحتوىً يذهب بالمتلقي الى الإنغماس في بؤرة القصد الشعري الذي توحيه الصورة،تلك الحيثية التي تنهال صافية ،ينعشها الأسلوب وتسمو بها اللغة،اللغة الكاشفة بشفافية فائقة عن مراد الشاعر.

ديوان الشاعر  منذر عبد الحر،( مختارات) ،منشورات الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ٢٠٢٤،ضمّ بين دفتيه ( ٢٩) قصيدة نثرية النسيج الأدبي،تتسابق كل قصيدة مع اختها،لتحتضن الذوق السردي المُشبع بالصور الكامنة ،المغطات منها ،بقصد الشاعر،والكاشفة عن وجهها العلني،في إذكاء خارق،لدى قارئها،ولو بصعوبة تتجلى بين ثنايا غامضة في مواقع كثيرة،لا يتمكن الإمعان ،أحيانا،من إدراكها،لكنها تشغله وتشاغله،مما لا تدع له فرصة  النفور عنها،كأنها قطعة ملتهبة في سماء الإبهار،كمزنة ابت إلا ان تسقيه ماءها العذب فيحيا منتعشاً،كغصن شجرة غض احيته قطرات الندى في فجرها المعطاء.

أرتأي لكم بذكر نبضات  جادت بها قصاىد الحُرِّ،تفكيكاللغوص في عمق الفكرة التي يطرحها السرد الشعري ،ضمن ترابط لغوي ذي المحتوى الغائي ،عالي القدرة في البَوح والقصد.

في بصيدته( عبرة يوسف) المهدات الى الراحل ،إبراهيم الخياط،حين تتجلى الروح الرفاقية كأنها عشق مقيم في النفس المتعانقة مع صفاء الروح التي لا يخالطها النسيان :

وأنت تضرب جبينك بكفك

قلت لي يا يوسف بحروف تكسرت

على صخرة الأسى

راح ابو حيدر

إنها ليست مازوخية- تضرب سهامها في الذات الملتهبة ،عقاباً وإيذاءاً،بقدر ماهي اللوعة الملتاعة بالفقد الذي ينتحر عنده الصبر.

حينها توقف العالم

وسكنت الأرض

ووقف غراب ببابي

غطى كل شيئ بجناحه الأسود

تتفاعل هنا الميثولوجيا،باشد مآسيها،ومنها( الغراب) الذي وجوده دليل قاطع على الخراب،حسب الأساطير،وأين؟ في ( بابي) حيث الباب رمز عمق العلاقة بين الخاسر والمخسور،بين الشاتر والفقيد،حيث العلاقة المتجسدة كالبيت والباب حيث لا غنى عن بعضهما البعض في وجودية صادقة.

وفي قصيدة تحت عنوان ( على صدري ينام الوطن) :

أشواكه .. .البهية

ألمه الخجول

جرحه المضمد بالشجن

خوفه

على لهفة عشاقه

حكاياته المنسوجة من فقر الأيام

وأغنيات الليالي

عرباته

وأناسه العالقون في اهداب المدن

بإنتظار ساحاتها

التي تندلق عليها الشمس

فتكشف دموعهم

في كفوفهم الخشنة

...   .     .

...... .

يا ىها من ملحمة غائرة في عمق العلابة الأبدية بين الشجرة وأرضها،بين الإنسان و طنه،الذي من ترابه جاءَ،ومن أجله جاءَ،باقيا مخلصا لأفيائه،رغم أشواكه التي ؤصفها الشاعر الحُرّ ب( البهجة) رغم وخزها وآلامها العاتية،الخجولة       رغم (جرحه المضمد بالشجن) كل هذا و( خوفه على عشاقه) عشاق الوطن،الهوية التي ؤتكلى وطودها رغم( فقر الأيام) وبؤس( أغنيات الليالي) و رغم  آهات( أناسه العالقون في اهداب المدن) بإنتظار ( ساحاتها) تلك الساحات ،صراخ المظلومين،من أجل حياة أفضل، ..( التي تندلق عليها الشمس ) حيث الدموع تتكشف في( كفوفهم الخشنة) المتفاعلة بصلابة مع صلابة الحياة وقساوتها ،حيث الإرادة الشامخة ،في عصر الصراع،حيث الصراع الطبقي هو تأريخ البشرية منذ القِدَم،في يورة مستمرة لا هوادة لآوارها نحو النصر.

 

 

المشـاهدات 99   تاريخ الإضافـة 20/07/2024   رقم المحتوى 49732
أضف تقييـم