الجمعة 2024/10/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
نسق عراقي يبث الحياة .... مؤيد عليوي
نسق عراقي يبث الحياة .... مؤيد عليوي
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

القسم الرابع

للشعر مذاق خاص عندما يصدر من شاعر اصيل من مثل الشاعر رعد زامل في صدق تعبير فني بفنية عالية ولغة شعرية خاص به ليبث الحياة والسلام للبشر والارض وكذلك للشعر فلسفة  خاصة به كما في نص رعد زامل .. "انقذوا اسماكنا من الغرق "

(( غرقى على ساحل الحرب

ومثل قنينة

 تطفو على العدم

 تتقاذف مصيرنا الأمواج ))

 أ لستَ معي في هذا.. إننا -أقصد العراقيين -  ومثلنا أبناء البشرية الذين من قبلنا مروا بهذا الموقف عندما كانوا واقفين على ساحل الحرب لكن الساحل الحرب غادرهم منهزماً بفعل حضارة السلام التي صنعوها..  أ لستَ معي أننا كنّا ومازلنا عالقين بأوقات الفجر التي تمرّ علينا ونحن نصحوا صباحات متتالية نذهب الى أعمالنا ولا جديد تحت قبة الشمس الكبيرة مع أبناء البشرية الذين يغييرون بأيديهم حياتهم كل يوم نحو الافضل الانساني..  ومنذ نقطة الشروع الابداعي:( مثل قنينة/ تطفو على العدم) ترى أن لغة الشعر قد إنزاحات الى أبعد نقطة في الإنزياح عند منعطف المدلول الصادم(تطفو على العدم)، بين المادي( التشبيه المادي: مثل قنينة، والفعل تطفو الدال على الحركة المضارعة)، وبين المعنوي الهلامي (العدم) حيث اللاشيء فلسفياً ولغوياً، فالشاعر رعد زامل قد أتى بمدلوله الشعري هذا من أعماق علاقة الدال والمدلول فلو كتب مثلا : ( مثل قنينة/ تطفو على الخيال) أو(مثل قنينة /تطفو على الجنون) أو غيرها .. ( الجنون ، والخيال ) مفردات بعلاقتها في السياق كانت تصير دالا على مدلولها الشعري وهو العدم .. إلا أن زامل أختار مفردة(العدم) الاكثر تعبيرا وقوة فـفجر طاقة هذه المفردة في السياق لتكوّن دالا لها مدلولها الاكثر إنزياحاً شعرياً وليولد شعورا وتساؤلاً هو: وما بعد العدم؟! لاشيء، إذ تتوقف الحياة في الوجود ولا تعني شيئا ما بعد الحياة، فهو (العدم) في دلالته الفلسفية، وهو شعور طبيعي عند الانسان لمَن يعيش حالة الحرب من النص:(غرقى على ساحل الحرب)، وربما العراقيون في الماضي والحاضر أكثر أبناء البشرية (غرقى على ساحل الحرب ومثل قنينة/ تطفو على العدم/ تتقاذف مصيرنا الأمواج) حيث المجهول، بل أكثرهم معرفة بأخبار كيفية الغرق على تلك السواحل التي غادرتها البشرية وهو مايُراد إيصاله شعراً من جهة ثانية من النص، فأظهار الجنبة يراد به أحيانا التذكير بالجنبة المغايرة، وإظهار المعنى يُراد به إستشعار المعنى المضمر والسؤال الفلسفي المعرفي: لماذا تغادر شعوب الارض حروبها ويظلُّ الشعب العراقي بين فكي مطحنة الحرب والجوع ؟؟؟!!!! فقد كان ومازال أغلب الشعب عمال وفلاحين وفقراء وعاطلين عن العمل مَمن أكملوا التعليم ومَمن لم يكملوه، في أغنى بلاد الله على الارض والسماء:((غرقى علِى ساحل الخوف/نتهشم من العطش/ كلما مررنا بكربلاء/ ونتمرغ بالحزن/ كلما تذكرنا الحسين /غرقى على ساحل الجوع )) وفي المعنى ذاته ( ساحل الحرب ) هو ذاته ( ساحل الخوف) وهو ذاته (ساحل الجوع) فالحرب تأكل الشعب فقط ولا تأكل الأنظمة وهذا ماجعل للسببية حيزا كبيرا في وحدة موضوع النص السبب الحرب والنتيجة الخوف والجوع في متلازمة الجوع والعطش والحسين وأصحابه من معركة الطف وتوظيف دلالتها أنسانيا فالرمزية حاضرة واضحة في النص ومأساة الحرب فيها لها بعد أنساني كما عبر عن ذلك عباس محمود العقاد، ثم نلحظ هنا غياب فعل التشبيه في هذا المقطع (نتهشم من العطش) فيأخذ فعل(تهشم) إستعارات مختلفة وكثيرة منها مثلا: يتهشم الطين اذا عطش كثيرا ليصير ترابا هشا من شدة العطش، أو الاشجار تتيبس وتتهشم بسهولة أيضا مع مرور الزمن.. وهكذا، فغياب التشبيه جاء لزيادة المعنى المضمر مما يزيد دلالة كثرة التشهم وأنواعه، وكثرة الجوع وأنواعه أيضا ..   ولكن ألا ترى معي أننا نعيش في عالم واسع أسمه الكون، فالسؤال  الفلسفي كيف يرانا الكونُ أوالعالم الذي بيده قوة التدخل  إلا من مثل الدول والانظمة الدولية من إجل انقاذنا من العدمية؟ في المقطع التالي ترانا تلك الدول  ((غرقى والعالم أشبه بصياد/يجلس على الساحل الآخر/ وقبل أن نبتلع الطعم/ يصطادنا من الأفواه)) هذه الصورة الفنية للدول والانظمة الدولية أنما تعبر عن سبب العدمية والاحباط فلا أحد يساعد الشعب العراقي بل مَن يملك القوة والقدرة على المساعدة صار صياداً ماهراً من إجل مصالحه وحال أغلب الشعب واحدة في:((غرقى ولا أحد/يسمع صراخنا/هذا الصراخ/الذي ينبثق/على الرغم من حناجرنا/ المطلية / بالصمت/ وبالطحالب)) قديماً وحديثاً... والنص الشعري قيد الحياة هنا ببعده الانساني هذا، وبفلسفته هذه يتجاوز المكان والزمان، إذ الإبداع يمكث في رفّ الذاكرة المشعة بالأمل الانساني ضد الحروب مثل نصوص عالمية كثيرة أدانت الحرب وطالبت بالسلام، ونصوص محبة لشعبها بين الشعوب الارض..

المشـاهدات 86   تاريخ الإضافـة 20/07/2024   رقم المحتوى 49733
أضف تقييـم