النـص : أثبتت تجارب الشعوب في معظم أنحاء العالم نجاحها وانتصارها برغم تمادي الزمن ، وهي التي مرت بظروف أقسى بكثير من الظروف التي مر بها شعبنا العراقي .. فقد انتصر الشعبان الياباني والصيني بكل ألوانهما وأطيافهما على دعاة الحروب بعد أن تعرّض البلدان إلى الدمار والتخريب خلال الحربين العالميتين واستطاعا أن ينهضا مبكراً وأعادا بناء وتطوير صناعتهما وإنجازاتهما الحضارية الشامخة حتى أذهلا العالم بعد أن فقدا الملايين من أبنائهما .. وكذلك الحال بالنسبة لشعوب الإتحاد السوفييتي السابق التي انقلبت على النظام الشيوعي الشمولي صاحب النظرية الأممية الذي حكم اكثر من ثمانين عاماً ، فقد تغير النظام دون إراقة قطرة دم واحدة وانتهى دور الحزب الشيوعي وقواعده التي كانت جاثمة على صدور شعوب الاتحاد وقيدها من جميع الحريات بما فيها ممارسة الطقوس الدينية ، وها هي اليوم تتمتع بحرية مطلقة دون أن تعاني من أية عملية اقصاء أو انتقام من انتماءها السابق .. ولدينا في العراق مثال قريب مُماثل مارسهُ إقليم كُردستان عقب تغيير النظام والسقوط عام 2003 حيث رفع شعار ( عفى اللهُ عمّا سلف ) وتم بالفعل إعفاء جميع العناصر التي رفعت السلاح ضد أبناء شعبها وتعاونت مع النظام السابق ضدّها ولم ينتقم منها .. وبهذه المُبادرة تم كسب الجميع لإعادة بناء الإقليم والاستفادة من الخبرات ، وأثبتوا أن الأحقاد يمكن نسيانها إذا غمرناها بالتسامُح .. في وقت تعاملت فيه الحكومة المركزية مع جميع المُنتمين السابقين لحزب البعث صغاراً وكباراً بأنّهُم صدّاميون ولا بُد من اجتثثاثهم والانتقام منهُم وإقصاءهُم مع عوائلهم ومُصادرة مُمتلكاتهم ، في حين کان هُناك المئات من العاملين في المؤسسات السابقة بوظائف إدارية أو هندسية أو خدمية وعُمّال صيانة أو ميكانيك وسوّاق وغيرهُم من العناوين الدُنيا ، ولم يقف إلى جانبهم أحد من القادة الجدد ويعفو عنهُم ويُعيد لهُم رواتبهُم أو يُحيلهُم إلى التقاعُد ليسدوا رمق عيالهم ... فهل من الإنصاف أن يُحرم هؤلاء من حُقوقهم لمُجرّد أنّهُم كانوا يعملون في مؤسسات النظام الزائل ؟!
المُهندس علي البيّاتي
|