الخداع والمراوغة في القصيدة العربية |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : سامي ندا جاسم الدوري الخداع هو الترويج للاعتقاد بشيءغير حقيقي، أو ليس كل الحقيقة. ويشمل خفة اليد، الإلهاء، التمويه، أو الإخفاء. وهنالك أيضاً خداع النفس، كما في سوء النية . الخداع اعتداء كبير في العلاقات غالباً يؤدي إلى مشاعر الخيانة وعدم الثقة بين الشركاء . الخداع هو جعل الأشخاص يقتنعون بأمور غير صحيحة من طرف اخر كعملية الكذب والمراوغة والتمويه والخداع والتضليل يمكن أيضا أن تشكل أساس التقاضي المدني في المسؤولية التقصيرية، أو قانون العقود أو تؤدي إلى الملاحقة الجنائية لأجل الاحتيال . ونقول من عرف بالخداع ولو مرة لم يصدَّق ولو تكلم الصدق. وان الخداع صفة سيئة للغاية، الكذب يدمر أصحابه .ان صفة الخداع لا تقوم إلا على الكذب، وقد حرم الله الكذب: ( وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار ) . والخداع نوع من الغش، والغش في ديننا حرام ومن الخديعة المحرمة النجش، وهو أن يزيد في سعر السلعة ولا يريد في الحقيقة شراءها بل يرد الإيقاع بالمشتري ليأخذها بسعر مرتفع، وفي النهي عن ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تناجشوا ) . ومن كانت الخديعة صفته فهو يعرض نفسه لعقوبة الله تعالى وعذابه، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أصنافا من أهل النار ومنهم: ( ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك ) . ان المخادع لا خير فيما اكتسبه بطريق الخداع بل هو من الحرام والسحت الذي ينبغي أن يتوب إلى الله منه، قال الشاعر / لا خيرَ في ودِّ امرئ مُتملِّقٍ حُلوِ اللسانِ وقلبهُ يتلهَّبُ يلقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ وإذا توارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ويَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلبُ والمخادع فقط يستطيع أن يكون ذا وجهين، والأغبياء يصدقونه، والمجرمون يصفقون له. قال محمود سامي البارودي / غِبْتُمْ؛ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فرقَتِكُمْ وساءَ صُنعُ اللَّيالي بَعدَ إجمالِ قد كُنْتُ أَحْسِبُني مِنْكُمْ عَلى ثِقَةٍ حتَّى منيتُ بما لمْ يجرِ في بالي لَمْ أَجْنِ في الحُبِّ ذَنباً أَستَحِقُّ بِهِ عتباً، ولكنَّها تَحريفُ أقوالِ ومن أطاعَ رُواةَ السُّوءِ نفَّرهُ عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ القِيلِ والقَالِ أدهى المصائبِ غدرٌ قبلهُ ثقةٌ وأقبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَإِقْبَالِ وقد فضح الله طائفة من أهل الكتاب كان ديدنهم الخداع وعقيدتهم الكذب وهديهم الضلال ودينهم الفجور فقال عنهم: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} فهم يتظاهرون بالإيمان من قبلهم أول النهار ويكفرون به آخره، وذلك لقصد الإيهام وإدخال الريب والشك في نفوس المسلمين حسب زعمهم ولؤم طبائعهم . قال ابن نباتة / يعطو كما يعطو الغزال لعاشق ويروغ عنه كما يروغ الثعلب اما المراوغة هي الأسلوب الغير مباشر للخداع والكذب . وفى عصرنا هذا يزدهر فن المراوغة وهو استخدام الكلمات المنمقة للتغطية على النيات الغير طيبة او الافعال الغير سوية للنفس البشرية أو بمعنى آخر اظهار الوجه الثانى للإنسان وذلك باسلوب ذكي لطمس الحقيقة بغلاف وهمى ومن يتمتع باسلوب المراوغة يعتبر ذكيا لانه يستطيع انقاذ نفسه من اى موقف حرج او مشكلة قد تكون مستعصية عليه مستقبلا . وتعتبر الشخصية المراوغة من اصعب الشخصيات التى نتعامل معها لانها ليس لها مبدأ أو معيار أو رأى ثابت يمكن الاحتكام اليه اذا لزم الامر.. فهى شخصية التوائية مائعة تتشكل وفق المواقف التى تواجهها أو توضع فيها . وتجدها كالحية تتلوى لا تستخدم الطريق المستقيم ابدا . وتتلون كالحرباء حسب الاجواء المحيطة بها. هذه الشخصية يمكنها التكيف ومسايرة الظروف وتستطيع النفاذ من المواقف المحرجة او تهيئة الظروف لما يناسب اغراضها ويصعب جدا ان تحاصرها بالحجة والمنطق لانها شخصية لها منطقها الخاص . قال ابن زيدون في غدر الحبيب / يا ليلُ طلْ، لا أشتَهي إلاّ بِوَصْلٍ، قِصَرَكْ لوْ باتَ عندي قمرِي ما بتُّ أرعَى قمرَكْ يا ليلُ خبّرْ: أنّني ألْتذُّ عنْهُ خبرَكْ بِاللَّهِ قُلْ لي: هَلْ وَفَى ؟ فَقالَ: لا، بَل غَدَرَكْ وللشخصية المراوغة علامات تميزها وتكشف عنها كثرة التبريرات فعندما تحاصره اخطاءه تجده يلجأ الى تبرير الاخطاء بالأسباب التى ادت اليها فتنتفي بذلك تهمة الوقوع فى الخطأ وحينما تتكرر الاخطاء مرة اخرى يلجأ الى تكرار التبريرات ولكن باسباب مختلفة فى كل مرة . قال بشار بن برد / فما أنت إلا كيف أنت ومرحباً وبالبذل رواغ كروغ الثعالب ومن ضمن علامات المراوغ ايضا التهوين والتهويل كالموظف الذى يهول من حجم المهام التى توكل اليه لانجاز عمله ويصفها بانها فوق طاقة اى بشر . ومن العلامات المميزة للمراوغ ايضا هى قدرته على التلاعب بعقل المتلقى او المستقبل بالمغالطات التى تبدوا منطقية فنجده يحاول اثارة المشاعر والتعاطف معه بدلا من تقديم الحجج المناسبة التى تؤيد وجهة نظره ويمكن وصف المراوغ بانه عديم الاحساس بغيره فهو يهتم فقط بتحقيق اهدافه وغاياته لارضاء نفسه فيجبر من حوله على طاعته والتنازل له دون الاكتراث بمشاعرهم ورغباتهم وقد تصل الى حد الاساءه اليهم كونه شخصية انانية لا يؤمن بالاخلاق والمبادىء والقيم فتلك امور لا تعني له شيئا. ولان لسانه احلى من العسل وكلماته منمقة جميلة تلمس القلوب يعطيك وعودا كثيره ولكن لا تتوقع منه تحقيق شىء منها لان اكثر ما يميزهم ان اقولهم غير افعالهم فهم بالرغم من انهم يظهرون لطفهم فى التعامل معك وقدرتهم على القيام باى عمل يوكل اليهم إلا أنك ستجدهم عديمي الفائدة والمنفعة، عاجزين عن تحقيق وعودهم. هذه الشخصية يساعد على نموها فى المجتمع انتشار الأمية . قال الشريف الرضي / نروغ كما راغ الطرائد دونها وتجلبنا عوداً اليها الجوالب والمراوغة والمواربة، أو مجاراة ظاهر القول والمواربة في اللغة: المخادعة والمخاتلة وأن يقول المتكلّم قولاً يتضمَّن ما يُنْكَرُ عليه به، فإذا وُجِّه له الإِنكار استحضر بحذقه وجهاً من الوجوه يتخلّص به، إمّا بحمل الكلمة على معانيها، أو بتحريفها، أو بتصحيفها، أو نحو ذلك. كقول اليهود عند السَّلام: السّام عليكم يُوهِمُون أنّهم يقولون: السّلام عليكم وهم يقصدون الموت، لأن السّام الموت . ويمكن القيام بالمراوغة في الخداع العسكري في الحرب بإستخدام عبارات غامضة أو مضللة للحصول على ميزة على الخصم. وهي استراتيجية تنطوي على التلاعب بالحقيقة أو حجب معلومات مهمة لإرباك العدو وخداعه. وكثيراً ما يستخدم هذا التكتيك في الحرب النفسية لإضعاف الروح المعنوية وتقويض ثقة الخصم . قال ابن الرومي / رواغي رواغُ الخائف القلبِ لا السالي وهجريَ هجر النافر الجأش لا القالي إن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا ينبغي للعبد أن يظن أنه قادر على الخداع والمراوغة فإن الله محيط بما يبدي وما يخفي. وقد ذم الله تعالى المنافقين الذين يبطنون خلاف ما يظهرون فقال: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} والمراد بقوله تعالى: {وما يخدعون إلا أنفسهم} ، قال جبران خليل جبران / غدا يؤدي حساب لا رواغ به من شر ما يقتني للظالمين غدا |
المشـاهدات 59 تاريخ الإضافـة 13/11/2024 رقم المحتوى 55653 |