الأربعاء 2025/1/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 6.95 مئويـة
نيوز بار
في الهواء الطلق الادخار الاجباري والدفع الالكتروني
في الهواء الطلق الادخار الاجباري والدفع الالكتروني
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي عزيز السيد جاسم
النـص :

 

 

فرضت بعض مؤسسات الدولة الادخار الاجباري من رواتب و عوائد الموظفين لديها لكن بطريقة فنية ، فمن اجل تعميم اسلوب الدفع الالكتروني وتقليل تداول العملة النقدية الورقية ، اصدرت الدوائر بالتعاون مع الشركات المعنية بطاقات الدفع الالكتروني وحجبت من مخصصات او رواتب الموظفين ما قيمته 20 بالمئة من الراتب وحجز المبلغ في هذا البطاقات التي تفرض على الموظف صرفها بطريقة التسوق من بعض المحال التجارية والمولات وكذلك لتعبئة وقود البنزين او الشراء الالكتروني.

جميع ما تقدم جيد وخطوة نحو الامام من الناحية النظرية ، لكن من الناحية التطبيقية تسببت التجربة بمشكلات لدى النسبة الاكبر من الموظفين لحصول اختلال في ميزان مدفوعاتهم ، فأي موظف كما هو معلوم يقسم ايراداته التي بالكاد تكفي لسد عيشه على احتياجات المنزل واجور الكهرباء والنقل والبقال وسد ديون (صاحب الاسواق المنزلية الذي يبيعه بالديّن) لذلك تكون نسبة الـ 20 بالمئة كبيرة في حسابات الموظف اذا ما استقطعنا مقدماً التزاماته واجبة السداد والثابتة شهرياً مثل تسديد سلفة او الاشتراك بالتزام معين فما يتبقى من النقد بالكاد يسد او لا يسد فكيف الحال اذا تم استقطاع النسبة التي ذكرناها منه؟

المشكلة الثانية ان الذين يتعاملون بالبيع وفق البطاقات الالكترونية قليلين جداً وفي محال بعيدة عن محلات سكن الموظفين على سبيل المثال ، او من المحال التجارية والمولات التي تبيع باسعار مرتفعة كما ان ليس جميع الموظفين من مرتادي هذه المحال فاغلبهم يفضل الاسواق الشعبية والمتوفرة في مناطق سكنهم واغلبهم ان لم نقل جميعهم لا يمتلكون اجهزة الدفع المخصصة للتبضع.

الاعلانات التوعوية عن كيفية تقديم اصحاب المحال التجارية المتوسطة (التي يجب استهدافها اكثر من الدرجة الراقية) من الراغبين بالحصول على اجهزة الدفع المخصصة للتسوق قليلة ان لم نقل معدوم وليس بمستوى التوجه الحكومي والاهداف التي يتوخاها المنهاج الوزاري ، كما ينبغي ان تكون اجراءات الحصول على هذه الاجهزة سهلة وغير معقدة كالمعتاد!

ما الذي حصل؟ الذي حصل ان الفكرة الرئيسة من هذه التجربة تم الالتفاف عليها بسبب طرح التجربة كفرض على الموظفين من دون موافقتهم عليها ، وبالتالي اي فعل اجباري يقابل برد فعل والذي تمثل بإيجاد منافذ صرف تشتغل ببطاقات التسوق حولت عملها الى مكتب صيرفة او فرع مصرفي يتقاضى خمسة آلاف دينار عن كل مليون دينار يتم تسليمه الى الموظف نقداً ، يعني العملية تحولت من تطبيع تجربة الشراء بالبطاقات الالكترونية الى منفعة لبعض اصحاب منافذ التسوق.

الظاهر من تطبيق نظام الشراء الالكتروني هو تعميم التجربة لما فيها من فوائد وتقليل مخاطر النقد الورقي ، الباطن هو حجز كتلة نقدية كبيرة من رواتب الموظفين لاكبر مدة زمنية ممكنة للافادة منها في تعاملات اخرى تستوجب التسديد نقداً وتحويل مبالغ كبيرة الى الجهات الدائنة او التي تطلب الدولة.

ان التطبيق الصحيح للتجربة تتأتى من اللقاء بالمستهدفين (الفئات المستهدفة) ومعرفة وجهات نظرهم بدراسة متأصلة تأخذ بنظر الاعتبار جميع الجوانب ومصلحة جميع الاطراف بعيداً عن اسلوب الاجبار والفرض كونه اسلوب فاشل سرعان ما سيجد المستهدف طريقة للتخلص منه (كحالة نفسية).

اما اذا كان راتب الموظف ينزل في بطاقته كاملاً وسيجد توسعة لمنافذ البيع وتعميم الاسلوب بشكل حضاري ومنطقي مع تقديم الضمانات بعدم وجود اي خروقات سيبرانية وان حقوقه وامواله محفوظة في البطاقة كما هي محفوظة في مصرف الرافدين مثلا ، سيتولد اطمئنان لدى المجتمع وستتسع التجربة بشكل تدريجي وصحيح.

لذلك نأمل من الجهات الحكومية المعنية مراجعة خططها وفق المرونة والتكتيك اللذين يجب ان يرافقا كل خطة او منهاج.

 

المشـاهدات 108   تاريخ الإضافـة 19/11/2024   رقم المحتوى 55943
أضف تقييـم