الأحد 2024/12/22 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
أدب الطفل: مسؤولية بناء الأجيال وصناعة الوعي
أدب الطفل: مسؤولية بناء الأجيال وصناعة الوعي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب رياض الفرطوسي
النـص :

 

 

تعليم الأطفال اللغة العربية ليس مجرد مهمة تعليمية عابرة، بل هو مسؤولية عميقة تتطلب رؤية تربوية واعية وفهماً دقيقاً لاحتياجات الطفل النفسية والثقافية. إن غرس حب اللغة العربية في نفوس الأطفال يبدأ من مراحل التعليم الأولى، وعندما يفقد الأطفال التعليم الصحيح في هذه المرحلة، فهذا يشير إلى وجود خلل عميق في المنظومة التعليمية.

دور المعلم في بناء شخصية الطفل : لا يمكن لأي معلم أن يؤدي دوره بفعالية إذا كان يفتقر إلى المعرفة الكافية بثقافة الطفل واحتياجاته. المعلمون في المراحل الأولى من التعليم يتحملون مسؤولية كبيرة في تشكيل وعي الأطفال اللغوي والثقافي. لذلك، لا يمكن أن يكون معلم اللغة العربية ناجحاً ما لم يكن مطلعاً على مجموعة واسعة من كتب أدب الأطفال والناشئة . المعلم بحاجة إلى فهم أن التعليم ليس مجرد تلقين للمعارف، بل هو تفاعل حي بينه وبين الطفل يعتمد على الإبداع والتواصل الفعّال. فالمعلم الذي يقرأ في أدب الأطفال يكتسب أدوات تساعده على تقديم اللغة العربية بطريقة مشوقة وممتعة للطفل، مما يعزز ارتباط الطفل بلغته الأم ويشجعه على التعبير بها بطلاقة . الكتابة للأطفال عملية حساسة للغاية، لأنها تعكس أفكار الكاتب ومخاوفه وقيمه. الأطفال، بطبيعتهم، أذكياء ويميزون بين ما هو ممتع وما هو تلقيني ممل. لذلك، يجب أن تُقدم المادة الأدبية للأطفال بأسلوب جذاب ومبدع بعيداً عن أسلوب الوعظ المباشر. أدب الأطفال ليس مجرد أداة للتعليم، بل هو وسيلة للتثقيف والمتعة. يجب على الكتاب الذين يوجهون أعمالهم للأطفال أن يكسروا الصور النمطية التقليدية، ويقدموا محتوى يواكب اهتمامات الطفل ويستجيب لتساؤلاته بأسلوب تلقائي بعيد عن التلقين السطحي . يواجه أدب الأطفال في العالم العربي قيودًا ثقافية تحد من تنوع موضوعاته. ومع ذلك، يجب على الكُتاب اقتحام القضايا الحساسة التي تؤثر على حياة الأطفال واليافعين، مثل الأمراض النفسية، التنمر، الانتحار، تعاطي المخدرات، الزواج المبكر، وحتى الميول الجنسية. معالجة هذه القضايا بأسلوب مناسب لعمر الطفل ومستواه الفكري تساعد على خلق وعي مبكر وتمكن الطفل من مواجهة تحديات الحياة بثقة ووعي. كيف يكون تعلم اللغة نافذة على العالم ؟ تعليم الأطفال حب اللغة العربية وإتقانها ليس فقط حفاظاً على الهوية الثقافية، بل هو تمكين لهم من الإبداع والتواصل مع العالم. اللغة ليست وسيلة للتعبير فحسب، بل هي نافذة للتفكير والتعلم والنمو. لذا، فإن تحسين تعليم اللغة العربية للأطفال يبدأ من إعداد معلمين مؤهلين، وكتابة أدب أطفال يتسم بالجاذبية والعمق، ومواجهة القيود الثقافية التي تعيق تطور هذا المجال . أدب الأطفال ليس رفاهية أو مجالًا ثانوياً، بل هو أساس لبناء أجيال قادرة على التفكير النقدي والإبداعي. المعلمون والكتاب يحملون مسؤولية كبيرة في هذا المجال، وعليهم أن يدركوا أن المستقبل يبدأ من الطفل، وأن التعليم الحقيقي هو الذي يفتح أمام الطفل آفاقًا واسعة ويجعله محبًا للمعرفة واللغة .

المشـاهدات 111   تاريخ الإضافـة 17/12/2024   رقم المحتوى 57126
أضف تقييـم