مؤيد عليوي

ينماز البناء الروائي لهذا الجنس من الادب الروائي بالقصر وتكثيف وضغط المواقف والأحداث كما الاقتصاد في اللون للوحة الرسم التشكيلي، لغاية فنيّة متصلة بالموضوع لمراد منه ايصال رسالة انسانية، بحسب وجهة  ورغبتة المؤلف والمؤسس لهذا الادب الروائي العراقي حميد الحريزي  ورغبته في الكتابة بهذا الجديد من الادب الروائي حيث اشار الى هذا  التأسيس الاصيل الكثير من النقاد العراقي والعرب ..

اما ،،المقايضة ،، رواية قصيرة جدا فهي تحمل في طياتها رسالة الحرية والتحرر من افكار السلطة إذ اتخذ المؤلف من النظام الملكي في العالم صورة للسلطة  وهي رمزية واضحة جليّة ، لكن هذه الرمزية للسلطة قد تكون تجسيدا لدكتاتور يحكم جمهورية ما ، أو لمجموعة أصدقاء يأخذ أحدهم دور الملك والاقرب اليه  يكونوا ممثلين لدور حاشية الملك، وهكذا ..،  وربما ربّ الاسرة يكون سلطويا ويدير البيت بطريقة الملك في ،، المقايضة،، رواية قصيرة جدا، فالموضوع هنا رسالة إنسانية تدعو الى التحرر من التعبية العمياء للآخر الذي يتخذ موقع السلطة في علاقته مع الناس، وقد كثف المواقفَ والأحداثَ المؤلفُ الحريزي بطريقة مناسبة لقصر روايته القصيرة جدا، فجعل البناء الروائي ل،، المقايضة ،، يبدأ بعمل صحفي يريد أن يدخل بوابة الزمان لمملكة مجهولة عنه بشروط وافق عليها وأهمها عدم تدخل الصحفي فيما يرى ويسمع من أمور داخل مملكة ( مملكة الزمان ) وهذه الرمزية في الاسم ايضا تعطي بعدا افقيا على امتداد الزمان أن السلطة هي السلطة تتكرر افعالها مهما تغير اسمها ملكية او جمهورية أو سلطنة أو .. زعامة اصدقاء او رب اسرة أو رب عمل أو .. أو .. فتبقى هي أفعال سلطة ولها أتباع ومطبلين ..

أما ،، المقايضة،، عنوانا للرواية القصيرة جدا فإنه يشير الى صفقة قام الصحفي عابر حدود الوقت بين ممالك الزمان ،بين الملك ومملكة أخرى ، حيث يقوم الملك بإبعاد  مَن يخالفه الرأي  ومَن لا يرغب ببقائهم في مملكته، يقايضهم ببضاعة تنفعه ، وهنا قام الصحفي بدور غير المتفق عليه من شروط دخوله مملكة (ملك الزمان) ولم يحاسبه الملك لأن الاخير افاد من صفقة المقايضة هذه التي تحمل عنوان الرواية القصيرة جدا ، ليشير هذا الموقف المختصر جدا والمكثف الى براغامتيتة السلطة اقصد اية سلطة ولو كانت سلطو رب الاسرة في كل وقت فلا التزام بالقوانين واللوائح عندما تكون مصلحة الملك هناك ..

وقد كثف الروائي حميد الحريزي مواقف مختلفة تتخذها الناس عبر التاريخ جعلها في مجاميع لها صفات متباينة لكل مَن يتملق رب السلطة او يمدح.. برمزية الغابة  بمعنى أعطاها اسماء من اسماء الحيوانات  مثلا الخيول أو الكلاب أو ..، فيما نرى ونحن نكتب عن جنس روائي جديد عند مؤسسه لا غرو أن نذكر رواية أخرى له وظّف في بنائها الروائي القصير جدا ،مقولات ابي العراء المعري، وابيقور، وغيرهما بما يناسب قصر الرواية وموضوعها بما يسهم أن تؤدي الرواية القصيرة جدا رسالة إنسانية كما في رواية ،، هذيان محموم ،، .. فالموضوع في هذه الرواية القصيرة جدا هو من يحدد شكلها بوصف عدد صفحات الرواية وقصرها من الشكل وبصورة اكثر دقة فكرتها الانسانية التي شغلت المؤلف الحريزي لتعبر عن شخصيته وافكاره وعواطفه ونظرته للوجود وما بعده ، ففي هذين الروايتين تجد الموضوع او الفكرة عبارة عن سلسلة متصلة لا يمكن حذف عبارة منها على الرغم من اختلاف الموضوع والخيال الذي كان سمة ملازمة لهما لكنها تناقش بهدوء فكرة الحاضر الواقع لتمد القارئ اليوم برواية معاصرة بنت زمانها في زمن بات موشوم بالسرعة والانترنت والقراءة والكتابة السريعة .