الرواية المرشحة للقائمة القصيرة لجائزة البوكر 2024 رواية "الفسيفسائي " للروائي المغربي " عيسى ناصري" |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : حمدي العطار ما قبل النقد هذه الرواية الرابعة من الروايات التي وصلت للقائمة القصيرة للبوكر لعام 2024 ، وكنا قد تناولنا روايات ( قناع بلون السماء) للروائي الاسير الفلسطيني "باسم خندقجي" وهي التي احتلت المركز الاول، ثم رواية (خاتم سليمى) للروائية السورية "ريما بالي" ومن قبل كنا قد تناولنا بالنقد وقبل الترشيح رواية (سمعت كل شيء) للروائية العراقية "سارة الصراف" والان نتناول بالدراسة رواية (الفسيفسائي) للروائي المغربي "عيسى ناصري" ويسألني العديد من الاصدقاء لماذا يتجه اهتمامك بالنقد هذه السنة نحو البوكر ، اهتمام بدا منذ عام 2023 اذ تناولت روايات القائمة القصيرة للبوكر حينها والان اتناول روايات القائمة القصيرة للبوكر 2024 ، هل هي الرغبة في معرفة الدول العربية من خلال هذه الروايات التي تحتل مرتبة متقدمة في مجال السرد؟ واجابتي كانت لا يمكن معرفة ما يجري مثلا في بلدي العراق وانا اعيش فيه واكتب عنه واتجول في محافظاته ومدنه اقول لا يمكنني ان اعرف عن العراق وهو بلدي الا اذا (قرأت وسمعت كل ما كتب وقيل عنه)) ,هكذا وينطبق هذا التصور وبنسبة اكبر عن باقي الدول التي تنتسب اليها هذه الروايات وكتابها! لكنني يمكن ان اقف على ملامح مهمة من خلال الادب وهذا شيئ معرفي ممتع جدا! *الخطاب السردي يعتمد منهج" ميشل فوكو " على وصف مختلف للاشكال التاريخية في السرد ويطلق عليها (الممارسة الخطابية) وهذه الممارسات تشكل ميدان لفهم الواقع المعاش عن طريق كشف ملحوظاته ومعرفة استراتيجيات الخطاب ،وكانت فلسفة فوكو تتميز بالغناء والثراء سواء من حيث طرائقها المختلفة وموضوعاتها المخالفة لنمط الاسئلة التقليدية او الافاق التي تفتحها ، واهم شيئ فيها هي (فلسفة تهتم باليومي- المعرفي في ثنايا الواقع والوصول الى صميمه) ومساءلته لتقديم التاريخ تكون من خلال مساءلة المجتمع الحديث والمعاصر بمعارفه وسلطاته، وهي فلسفة عن الواقع الذي نعيشه!ولعلني اتصوره يتحدث عن روايات نجيب محفوظ ورواياته او روايات الروائي العراقي امجد توفيق وهما لا يزجان بالتاريخ القديم في السرد الروائي ! *ثيمة الرواية رواية الفسيفساء للروائي المغربي "عيسى ناصري" والتي تناولت ثلاث مستويات من السرد فضلا عن تعدد اصوات السرد لدلالة على سعة قاعدة السرد وتنوعه، وقد تحسب له هذه التقنية من اجل زيادة عنصر التشويق وجاذبية القارئ لأكمال الرواية التي تبحث في لغز جريمة قتل السائحة والاثارية الاميركية التي جاءت الى المغرب للبحث عن اللوحة الكاملة عن فسيفساء قديمة ترجع الى العهد الروماني ! وفي هذا الاثناء تتعرض الامرأة الاميركية (أريادا توبل) الى جريمة قتل ، بعد ان تكون هي الساردة الاولى للمخطوطة التي تتحدث فيها (ليالي وليلي ) وعن شخصية (جواد الاطلسي) المعلم والروائي والسارد الذي يكلف بكتابة رواية لقاء مكافاة مجزية من رجل اعمال امريكي غامض فيكون صاحب المخطوطة الثانية ، التي تتحدث عن (الفتى الموري) الامازيغي والتي يكتبها جواد الاطلسي من داخل المدينة الرومانية، اما المخطوطة الثالثة فهي (أيما خوسفي العيادة))،تكتب مخطوطتها عن المرضى، وتتشعب سردية الفسيفساء لتعطي دلالة على قدرة التعايش والتسامح والحب بين جميع الناس . *خرق سردي لجأ الروائي الى خرق او حرق اللغز منذ الاستهلال تحت عنوان (مستهل) فكشف نتيجة من بداية الرواية "دفع ثمن الكتاب، وتوجه الى مقهاه المفضل الواقع في أول جادة متفرعة عن الشارع الرئيس، طلب قهوته الصباحية المركزة، وغرق في قراءة الرواية الجديدة المؤلفة من أربعمائة وثلاث وخمسين صفحة – هي حجم الرواية نفسه- ظل يقرأ طوال أربع ساعات لم ينبهه إلى مرورها السريع سوى شعوره بالجوع عندئذ خرج إلى اقرب سناك، فتناول سندويتشا ، ثم عاد لإكمال الكتاب" ص5 هذا ما فعله المحقق مراد الذي امضى عامين في البحث والتحقيق لمعرفة لغز جريمة قتل المرأة الامريكية ، وعند الانتهاء من قراءة الرواية يكتشف من هو القاتل " كان دوار الاعجاب بما قرأ قد اختلط فيه برهبة جريمة وردت طي الكتاب. هي جريمة قتل تتطابق تفاصيلها الدقيقة مع جريمة واقعية حدثت قبل سنتين ببلدة زرهون المجاورة"ص5 ان جعل رجل بوليس هو من يشتري الرواية ويستغرق في قراءتها بصورة متواصلة (تسع ساعات) – بل هذه أول مرة يقرأ لكاتب مغربي فيفحمه ويمتعه ويربكه في آن واحد- شيئا غير معقول ! *ثلاث روايات وسارد نحن امام ثلاث روايات واحدة الزمن فيها تسعينات القرن الماضي والثالثة فيها عصر احتلال الرومان للمغرب في القرن الاول الميلادي والرواية الثالثة هي مذكرت طبيبة نفسية "أمامه الان كتاب ينقل تفاصيل لن يكتبها سوى مبدع جريمة زرهون والأدهى في الأمر ، كما تقول الصفحات الأخيرة، أن الرجل الذي تتجه إليه أصابع الاتهام هو نفسه جامع المخطوطات الثلاث المشكلة لهذه الرواية"ص16 ةوهذا يفسر لماذا يتم ضمور تعدد اصوات السرد والتي من المفروض ان تكون كل مخطوطة تسرد بتقنية (ضمير المتكلم) لكن المفارقة هو تدخل السارد العليم في مفاصل السرد للمخطوطات الثلاث!وتعد مخطوطة "ليلي ليالي" التي تكتبها المرأة الامريكية هي الاكثر تماسكا من مخطوطة "الفتى المروي" التي يكتبها جواد الاطلسي ويتناول فيها الحاضرة (الرومانية) والسبب هو ما ذكرناه في بداية مقالنا حول الفرق بين الخطاب السردي المعاصر والسرد التاريخي الذي يحتاج الى الكثير من الخيال ،لأن الكاتب يحاكي في الفترة الرومانية اسلوب غير موجود ويحاول ان يضفي عليه القدم ويزج بمصطلحات الفسيسفاء لتغطية الفراغات في روحية السرد وتماسكه! اما المخطوطة التي كانت على شكل مذكرات طبيبة فهي ايضا لم تكن مقنعة فالحديث عن اعراض الامراض النفسية لم تكن مناسبة ما هكذا يتكلم الاطباء النفسيون عن مرضاهم! وهذا لا يمنع اعجابنا بتدفق السرد واستخدام تقنيات (الحوار والمونولوج والاحلام ) والرواية تستحق ان تصل للقائمة القصيرة للبوكر. |
المشـاهدات 159 تاريخ الإضافـة 04/01/2025 رقم المحتوى 57763 |