النـص :
لا شك أن تحقيق الرصانة العلمية لمؤسساتنا التعليمية هدف يسعى الكل لتحقيقه لإعادة المكانة والسمعة المعروفة للتعليم في العراق والتي عُرف بها خصوصاً في السبعينيات واواسط الثمانينيات من القرن الماضي حينما أحتل التعليم في العراق مستويات عالية حتى تفوق على كل الجامعات في الوطن العربي والشرق الأوسط وهذا ما اعترفت به تقارير اليونسكو التي اعتبرت التعليم العالي والبحث العلمي في العراق يجاريان البلدان الاسكندنافية إلا أنه بعد ذلك تراجع التعليم في العالي بعد منتصف الثمانينيات واوائل التسعينات وما بعدها حيث تركت الحروب والحصار الاقتصادي ومن ثم الارهاب آثارها على مختلف مجالات الحياة ومنها قطاعي التربية والتعليم. ومما لا شك فيه أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعمل لإعادة تلك المكانة والسمعة للتعليم في العراق من خلال اجراءات مختلفة فمما لا ينكر أنه حصلت طفرة كبيرة على مستوى الجامعات العراقية من حيث البنية التحتية وافتتاح الجامعات المتخصصة وتشجيع البحث العلمي وغيرها ، إلا أنه على الرغم من هذه الأعمال قد تصدر في بعض الأحيان بعض الأخطاء غير المقصودة، والقرارات المستعجلة وغير المدروسة بشكل جيد وهذه أمر طبيعي فمن لا يعمل لا يخطئ، ومما صدر مؤخراً عن وزارة التعليم العالي من تعليمات الترقيات العلمية الجديدة والمتداولة حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي نعتقد أنها كانت مستعجلة وغير مدروسة بشكل جيد ولم يراعى فيها واقع البحث العلمي في العراق، فتعليمات الترقيات هذه قد حملت في طياتها شروط صعبة جداً على طالب الترقية العلمية من تدريسيي الجامعات والكليات على الأقل في المدى المنظور سيما وأنها اشترطت حصوله على تقييم معين من خلال مؤشر h-index هذا المؤشر الذي يعتمد على عاملين هما: عدد البحوث المنشورة، وعدد الاقتباسات لكل بحث من قبل الباحثين الآخرين، فهذا المؤشر يفيد في قياس كلاً من إنتاجية الباحث وتأثير البحوث التي نشرها من خلال عدد البحوث التي نشرها، وعدد الاستشهادات Citations التي حصلت عليها بحوثه من قبل الآخرين في بحوثهم، على اعتبار أنه كلما زادت الاستشهادات زاد تأثير الباحث، وهذا يتطلب أن ينشر طالب الترقية العلمية عدد معين وغير قليل من البحوث في المجلات العالمية ويتم الرجوع إلى بحوثه والاستشهاد بها والاقتباس منها من قبل عدد من الباحثين حتى يحصل على التقييم المطلوب، وفي هذا عرقلة لعملية الترقية العلمية وإضافة اعباء جديدة على طالب الترقية العلمية مادياً ومعنوياً، كما تتطلب وقت غير قليل لنشر البحوث من خلال المجلات العالمية، فهذا التعليمات جاءت على حين غرة، فلم يكن في علم التدريسيين في الجامعات والكليات على الرغم من سماع اخبار عن تعديل الترقيات العلمية منذ فترة عن وجود اشتراط تقييم معين من خلال مؤشر h-index كشرط للترقية العلمية، كما أن هناك كثير من التدريسيين في الجامعات والكليات قد أكملوا المدة المطلوبة للترقية أو على وشك إكمالها وفي تطبيق تعليمات الترقيات العلمية الجديدة هذه تأخير لترويجهم معاملة الترقية العلمية وفي هذا غبن لحقهم، وظلم كبير يلحق بهم! كما تضمنت تعليمات الترقيات العلمية الجديد في الجدول رقم (2) الخاص بالنشاطات وخدمات المجتمع إنقاص لعدد النقاط للكتاب المؤلف أو المترجم عما كانت عليه في تعليمات الترقيات العلمية رقم 167 لسنة 2017 فكيف تعطى 10 نقاط فقط للمؤلف المنفرد الذي نشر مؤلفه في إحدى الدول العربية أو الأجنبية، ومعلوم أنه أي مؤلف أو كتاب يستغرق من المؤلف جهد كبير ووقت ليس بالقليل لإنجازه؟ لكل هذا وغيره نرى ضرورة إعادة النظر في تعليمات الترقيات العلمية الجديدة سيما وأنها لم تدخل مرحلة النفاذ، فتعديل الخطأ خير من التمادي فيه.
|