التقاط الجزئي وخلق العوالم الجمالية الجاذبة في( أراني اعصر حبرا) |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : علوان السلمان القصة القصيرة جدا كيان قائم بذاته (جسده الايجاز والمفارقة روحه) على حد تعبير الشاعر الانكليزي كولردج..
لقد شهدت السردية عبر الامتداد الزمني انعطافات و تغيرات تاريخية وتحولات فنية وفكرية تتوافق والتحول الحضاري للعالم المعاصرلازمتها مبنى ومعنى من خلال حركات التجريب التي رافقتها حتى انتهت بالقص القصير جدا الذي حمل تسميات متعددة رغم اشكاليته العنوانية منها(نص الومضة القصيرجدا / اللحظة المشهدية الغيرقابلة للتاجيل..) حيث انحاز كتابها الى اللجوء لكتابة(هذا النوع من السرد) الذي هو وسيلة من وسائل التجديد السردي او شكل من اشكال الحداثة التي تحاول مجاراة العصر ومتطلباته والذي وسم بعصر السرعة.. ومسايرة التطورات الادبية المعاصرة باعتماد مبدأ الاقتصاد في الالفاظ وتجاوز القوالب الجاهزة..مع ميل الى الادهاش والمفارقة المفاجئة..وتجاوز الخطابية والتعبير عن لحظة انفعالية تتوخى الايجاز وعمق المعنى وكثافة الايحاء لتحقيق خطاب اتصالي يثير الانفعالات ويستفز الذاكرة عبر وحدة عضوية تشكل نسقا جماليا متداخلا والفعل السردي والاستدلالي والانفعالي الشعوري... باعتماد الفاظ تعبر عن المألوف وتهدف الى تحقيق ذات المنتج(السارد) في تكوين موضوعي قائم بذاته.. وباستحضار المجموعة القصصية القصيرة جدا(اراني اعصر حبرا).. التي نسجت عوالمها النصية انامل منتجها القاص عبدالله الميالي واسهمت في نشرها وانتشارها دار امارجي للطباعة والنشر/2023.. كونها تشكيل ابداعي لمنتج يتلبد افقه باشارات مكثفة رامزة ترتكز على انزياحات الصورة المنفتحة على فضاءاتها الابداعية فتؤثث مساحتها ببنية تتكيء على مشاهد حركية متصارعة في وجودها الذاتي والموضوعي.. فضلا عن انها تعني بالنزعة البلاغية وتقنية الانزياح والتكثيف والايجاز والاختزال الجملي والحذف والاضمار واستنطاق رموز الوجود وصوره المعبرة عن قوة العاطفة وتكثيف الرؤيا باستخدام الالفاظ المجازية المستمدة من اليومي والمنبعثة من خلجات النفس واحلامها السابحة في فضاءات متدفقة يتداخل فيها الخيال مع الواقع ليشكلا نسيج النص..مع ضربة اسلوبية ادهاشية..ابتداء من الايقونة العنوانية والعلامة السيميائية الدالة..المتناصة والنص القراني( اني أراني أعصر خمرا)..يوسف/آية36.. (أصطفت مع مجهولي الهوية, انتبه مسؤول ثلاجة الموتى لجمالها, سرق قبلة عميقة أيقظتها من غفوتها,أعلن المشفى حالة طوارىء لمعالجة عامل أصيب بسكتة قلبية..)ص30.. (أصابت الرصاصة رأس المنارة,تسلق(المايك) شجرة الزيتون هاتفا: هنا شيرين بتوقيت القدس..)ص65
فالنص تاسيس قائم على الاضاءة السردية المكتنزة فكريا ووجدانيا والمتكأة على ضوابط فنية وبنيوية معبرة عن لحظة شعورية مكثفة خالقة لحقلها الدلالي والايحائي.. بلغة ملبدة بابعادها الرمزية التي هي (اداة فكرية للتعبير عن قيم غامضة..لغرض تصعيد التكنيك السردي).. مع تركيز على جمالية السياق لتحقيق الوظيفة الانفعالية....
(سألني ضيفي القادم من بلاد الضباب وهو يحتضن باقة ملونة: أين يقع ضريح الشهداء في بلدكم؟ أينما تقف, انحني ,وضع أكليل الورد ) ص55 (الذئب في قفص الاتهام, يبحث في الوجوه عن يوسف, القاضي يهودا يحكم بسلخ جلده, ليلى تنتظر بلهفة الفراء الدافىء )ص53
فالنص دفقات شعورية موجزة العبارة متميزة بانسياب صورها المكثفة وخيالاتها المتوهجة وحساسيتها المرهفة مع ابتعاد عن الاستطرادات والاكتفاء بالجملة المكثفة القصيرة..مع تركيز على الانزياح والدلالة اللذان يعدان من الاشتغالات اللغوية والحسية والبنيوية داخل النص الحداثي الومضي.. فضلا عن توظيف تكنيكات فنية (لغة شعرية/صورة شعرية /موسيقى شعرية(داخلية وخارجية) تنطلق من بين ثنايا الالفاظ الرامزة مع مفارقة تصويرية مفاجئة لتحقيق الايحاء الشعري..
(مديرنا في الدائرة كثير التدخين, يستهلك مطافىء كثيرة..في تلك الظهيرة عندما غادر جميع الموظفين لم يجد واحدة منها, استدعى سكرتيرته وأطفأ سيجارته..) ص94..
(لم أتخلف عن حضوري للوظيفة الا مرة واحدة, عندما دون المسؤول اسمي في سجل الغائبين, كانت اشلائي تتسكع في الشارع..)
فالمنتج(السارد) يستنطق اللحظة الشعورية عبر نسق لغوي قادر على توليد حقول تسهم في اتساع الفضاء الدلالي للجملة السردية باستيعابها لمعطيات النص الومضي وثرائها العميق في الاختزال والتكثيف والقدرة على الادهاش والخلق الفني باختصار المسافة الحالمة عبر زمكانية وتركيز واقتصاد في الالفاظ المكتنزة بالرؤى والمعاني.. من هذا كله نستخلص ان المنتج(الشاعر)يحاول خلق عالم متميز بنسقه الجمالي ضمن وحدة موضوعية معانقة لفعلها الاستدلالي والانفعالي الشعوري الذي ينم عن عمق المعنى والرؤية.. بسردية ترقى من المحسوس الى الذهني باعتماد قدرة واعية تلتقط الجزئي من الوجود والاشياء لخلق عوالمه الجمالية والاسلوبية الجاذبة التي تسهم في بناء نص متجاوز للمألوف..باعتماد الفاظ موحية بعيدة عن الضبابية..
(الكاتب الذي حاول قتلي في روايته, باءت محاولته بالفشل.. في غفلة منه, منحتني البطلة قبلة الحياة) ص104
فائدة
تتجلى أركان القصة القصيرة جداً الأساسية في: الجرأة، والوحدة، والتكثيف، وفعلية الجملة، والسخرية، والإدهاش، واللجوء إلى الأنسنة، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، الحذف, الاضمار ,المفارقة الاسلوبية الادهاشية.. |
المشـاهدات 28 تاريخ الإضافـة 07/01/2025 رقم المحتوى 57895 |
القدرة على التقاط وتسجيل الاحداث الواقعية والغرائبية في(تمثال الملك الباكي) |
الدرامية التعبيرية المكتنزة بفحواها الانساني في(عقود النور في موشحات البدور) |
التصدى للقلق والتمزق في( ومضات...ك) |
مناجاة الغربة والاغتراب في(غربة الروح) |
تشكّلات الأمكنة وأبعادها النفسيّة والجماليّة في(رابط لأغنية ساحرة) |