الإثنين 2025/1/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 13.95 مئويـة
نيوز بار
تقاسيم على الهامش (( أمام باب المكتبة العامة في المعقل ..!!))
تقاسيم على الهامش (( أمام باب المكتبة العامة في المعقل ..!!))
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد السادة البصري
النـص :

كثيرة هي الأماكن التي نمرّ عليها ، او نستريح فيها ،او نسكنها ، لكن القليل منها الذي يسكن الذاكرة ،واحياناً يسكننا ويظل متغلغلاً في حنايا الروح،نحنّ اليه بين آونةٍ واخرى ،ونعيش لحظاتها كلّما مرّ اسمه امام ناظرينا !!

هذا ما دار بذاكرتي وانا  اتصفّح بعض مواقع التواصل الاجتماعي عندما توقّفت امام منشور للأستاذ حسين العطيّة يتحدّث فيه عن مكتبة الموانئ في المعقل ( المكتبة العامة )، اذ عادت بي الذكريات لأيامٍ خلت كنت أتردد فيها على هذه المكتبة التي  اسّسها اللواء الركن المرحوم مزهر الشاوي المدير العام الأسبق للموانئ العراقية في منطقة  ( كامب الفلح  ) سنة 1962 ، لأتزوّد بالمعرفة وأقرأ ما فيها من المؤلفات أيام الثمانينات حيث قرأت كل مؤلفات سارتر ونجيب محفوظ وديستوفسكي وغيرهم!!

يقول الكاتب العطيّة :ــ أول ما يلفت انتباهك وانت مقبل على بوابة حديقتها الخارجية الواسعة التي تكثر فيها المصاطب هو التنسيق البديع للدرّاجات الهوائية  التي صُفّت إلى جانب ممر الحديقة الغنية بالأشجار والورود المتسلّقة حتى سطح المكتبة !

نعم، علينا أن نوقف درّاجاتنا الهوائية في المكان المخصص لها لنلج المكتبة، وقد أعادتني هذه الكلمات الى أيام كنّا نراجع دروسنا نحن طلبة السادس الاعدادي عام 1981 لنستعدّ للامتحان الوزاري بين أفياء حديقتها ، والقصائد التي كتبتها وأنا جالس على تلك المصاطب!

 كانت تأتيها الصحف والمجلّات والكتب من أوربا وجميع انحاء العالم حيث تجلبها الطائرات القادمة إلى مطار المعقل في رحلاتها اليومية أيام الستينات والسبعينات !

 تضمّ قاعات للمطالعة فيها كل ما يحتاجه الباحث من مراجع وصحف ودراسات ومؤثثة بأفضل الاثاث مع التبريد صيفاً والتدفئة شتاءً ، وما أجمل الهدوء فيها؟!

نظام حفظ الكتب والمطبوعات والفهرسة حسب أنظمة المكتبات المتّبعة عالمياً كما كانت الضوابط والتعليمات للاستعارة تطبّق بدقة ووفق سجّلات وآليات مُعدّة لهذا الغرض !

 تعرّضت المكتبة لأعمال النهب سنة  1991 ثم تحوّلت إلى جمعيّة أسواق وفرقة حزبية في التسعينات، بعدها إلى بيوت تجاوز  في عام  2003  وما تلاها !!

ما أن أكملت منشور الاستاذ العطية الذي اخذت منه بعض ما ذكرت سابقاً حتى سقطت على خدي دمعتان، حيث أعادتني كلماته الى أيام الثمانينات وكيف كنت من المواظبين على ارتياد هذه المكتبة والتزوّد من مخزونها المعرفي لساعات طويلة سواء اجلس في احدى القاعات أو على المصاطب في حديقتها الغنّاء ،واليوم كلّما أعبر على بنايتها في السيارة وأشاهد ما آلت اليه من خراب وضياع معالم تخنقني العبرة والحسرة على آلاف الكتب والمخطوطات والمجلّات والصحف التي صارت وقوداً للتدفئة والطبخ ذات يوم عاصف !!

 لكنّني أتفاءل خيراً حين أقرأ وأسمع عن حركة الاعمار والبناء التي تقوم بها شركة الموانئ في المعقل وميناء الفاو وما الى ذلك، متأمّلاً عسى أن تعود هذه المكتبة الى اشراقتها ويُعاد بناؤها وتأثيثها بما يحتاجه القارئ والباحث من كتب ومصادر وغير ذلك ، ولا ننسى أنها كانت ذات يوم أثراً وحكايات وأحاديث للعديد من المبدعين البصريين والعراقيين وغيرهم ،وانها كانت مَعْلَم من معالم المعقل الحضارية .

المشـاهدات 29   تاريخ الإضافـة 20/01/2025   رقم المحتوى 58245
أضف تقييـم