النـص :
ما أنْ استلم ترامب الرئيس الأمريكي الجديد الرئاسة ،حتى بدأ توقيع سلسلة من القرارات التنفيذية ،كان اغلبها يتعلق بالشأن الداخلي وكان صادقاً بوعوده التي أعلن عنها في أثناء حملته الانتخابية ، وإنْ كان بعضها متطرّفاً للغاية فلم تعهد الولايات المتحدة مثلها سابقاً، إلا أنّ ما يهمنا هو سياسته تجاه منطقة الشرق الاوسط ، فقد اصبح تأثيره واضحاً منذ أنْ أعلن عن ترشيحه وتبنّى مسألة ايقاف الحرب بين المقاومة الفلسطينية حماس و(اسرائيل) على وفق رؤيته المعزّزة بمجموعة استشارات ،التي اعتمد في سبيل تحقيقها التهديد والوعيد المعلن والمبطن لحركة حماس، وأنّ عليها إنهاء الحرب وارجاع (الأسرى الإسرائيليين)، وقد خدمته الظروف ليمارس هذا الضغط ولاسيما عقد اتفاقية الهدنة بين( اسرائيل) وحزب الله وسقوط نظام بشّار الأسد، وانحسار النفوذينِ الإيراني والروسي ودعمهما لخطوط انعاش المقاومة، وتمكّن القوات الإسرائيلية من بعض المناطق الفاعلة في جنوب لبنان ،بعد أنْ قتلتْ أعظم قادة المقاومة السيد حسن نصر الله ، فضلاً عن بطشها الدموي في الشعب الفلسطيني واحتلالها مزيداً من الأراضي ومِنْ ثَمَّ توقيع اتفاقية وقف النار وتبادل الأسرى مع حماس ، وزيادة على ذلك هو (روح ترامب الصّهيونيّة ) ،وميله لدعم مخططات الصهاينة فقد صلّى أمام حائط المبكى الصّهيونيّ بعد أنْ وضع على رأسه غطاء الرأس اليهوديّ (الكيباه أو الكِبة)،وكانت تصريحاته لصالح توسّع (اسرائيل) حينما قال إنّ "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة ولطالما فكّرتُ كيف يمكن توسيعها" وهو بذلك قد أعطى الضوء الى مزيد من بناء المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية بل العربية، وقد رحّب الإسرائيليون بقرار ترامب بعد استلامه الرئاسة، القاضي برفع العقوبات عن المستوطنين ورفع الحضر عن القنابل الأمريكيّة التي يصل وزنها الى(2000) رطل من أنْ تُصدّر الى (اسرائيل) ورفض العقوبات التي فرضتها المحكمة الدولية ضد نتنياهو في أثناء ادارة بايدن، وأعطى الحق القانوني لبناء مستوطنات في الضفة الغربية، وأعلن أنّ الجولان أراضي إسرائيلية، كما أنّه عيّن (مايك هكبي) سفيراً أمريكياً في (اسرائيل) هذا الذي يدعم اقامة المستوطنات وكذلك يدعم ضمّ منطقتي يهوذا والسامرة الى (اسرائيل) ،وعلى الرغم من ذلك اغضبتْ سياسة الامبراطور ترامب اليمين الصّهيونيّ المتطرّف ، حينما تدخل من إجل الاسراع بعقد الاتفاق مع حماس وتسببتْ بامتعاض اللوبي الصّهيونيّ ، الذي اراد أنْ يمضي نتنياهو بتدميره للفلسطينيين والاستحواذ على أراضيهم، ليقدّم ترامب ما يشبه بالاعتذار لهؤلاء المتطرفين ، حينما اقترح حلاً متطرّفاً للغاية وهو السماح برحيل الفلسطينيين من غزّة وتهجيرهم الى دول أخرى ولعل في مقترحه خارطة جديدة لتشتيت الفلسطينيين في الأردن ومصر وربّما دول عربية أخرى، هذا ما أثار امتعاض بعض من مسؤولي هتاتين الدولتين، وقد استلم الصهاينة هذه الرسالة بفرح وابتهاج فهي دعوة لتوسّع الاستيطان والقضاء على الوجود الفلسطيني ،فضلاً عن ارباك المنطقة التي ستبقى عاجزة عن ابتكار الحلول وتعيش الازمات، ليبقى النفوذ الأمريكي مهيمناً وبدعم اسرائيلي وخضوع عربي وعالمي فها هي (اسرائيل) تُماطل في تنفيذ الاتفاق مع حزب الله ولا تريد الإنسحاب من الأراضي اللبنانية ومازالتْ تمارس القتل في الشعبين اللبناني والفلسطيني وتهيّمن على أراضي غزّة وتحتلها، وستتسبب سياسة ترامب وتصريحاته بإيقاع الفتنة بين العرب أنفسهم بعد دفع الفلسطينيين للهجرة الى الأردن بالذات التي تعاني من صراع داخلي فلسطيني أردني ضاغط على مواردها ،ونشاهد اليوم تمادي (اسرائيل) في ضرب الفلسطينيين في الضفة الغربية وتوسيع احتلالها وتدمير منازل المدنيين العُزّل بغية استيطانها، ولا استبعد أنْ تندلع حروب أهلية وإعادة بعث داعش تطبيقاً للخارطة الصهيوأمريكيّة .
|