الأربعاء 2025/2/12 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 4.95 مئويـة
نيوز بار
رحلة الذات بين مرافئ بلا فنارات الشاعرة منور ملا حسون أنموذجاً
رحلة الذات بين مرافئ بلا فنارات الشاعرة منور ملا حسون أنموذجاً
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 د . سنان  عبدالعزيز

 للشاعرة منور ملا حسون إحساس مرهف بما يعتصر النفس الإنسانية من آلام .. فشِعرها ينبض بكلماتٍ تصور معاناة وصخب ودقات قلب .. فهي تترجم ذلك الإحساس في قصيدة

( إلى ... الحمام النازف ) إذ تقول :

وأنت تعانق أشرعة الألم ،

وتمتطي جناح السكون

بأوتار محترقة وأهداب باكية ،

باحثا عن حمامك التائه

في

       فضاءات

                اللانهاية..!

وفي مجموعتها الشعرية ( مرافئ ضبابية ) تحس انك تتجول في عالم مليء بلظى نار الشوق واللهفة ، الى شيء ٍ يصعب الوصول اليه ، وفي الوقت ذاته ، لم تفتعل الشاعرة الغموض وإقامة السدود بينها و بين قرائها ، بل واكبت روح العصر بأدواتها الخاصة في التعبير.. لتبقى مشاعرها مكبوتة بين سطور مليئة بالشجن . وتتجلى ذلك في قصيدتها ( إنشطار) :

عندما تسكن الزوابع

بحارَ الصمت الغائرة،

تئنّ النخيل وتشهق ..

وعيون النوارس

يغزوها السُكْر..!!

عندها... تعصف ريحُ البحث

عن الروح المنشطرة..!!

كما أن لشاعرتنا قدرة فذة في اختيار المفردات المعبئة بلغة كلها وداعة وشجن .. وأيام مليئة بغيوم وحكايات جرحٍ ووجع . إذ تحاول الفكاك من قيدها الأليم ..! لكن هذا الألم باعث على كلمات مليئة بالإنزياحات والصور المتدفقة الآسرة  ، وهي تنسج قصائدها بنبض سيمفونية تنبض بالحزن اللذيذ .وتتجلى تلك الرهافة في الإحساس حين تترجم ذلك الألم حروفاً وكلمات ٍ

ذات وقع في أعماق القارئ والمتلقي . إذ تقول في قصيدة  ( عزف على وتر مجهول  ) :

   ولكي لا تصلي صلاة الوداع

في محرابنا المجهول

حيث لا انعتاق لنا منه ..

أهبُ لك ،

نبض الحنين

من نسغ الحنايا..

ليودع ليلُكَ المزروعُ بالعذابات ،

نزف آهات السطور.

ولأنها متشبثةٌ بالحياة ، تخللت قصائدها مفردات ذات نبرة تفاؤلية ، وهذا هو سر الإبداع ..

 ففي قصيدة ( وأعلنتَ السلام ) ترسم لوحة نابضة ً بحواراتها الداخلية  :

وقبل أن تُدقّ أجراسُ الرحيل،

ويبتلعك بحرُ الضياع !!

رسمتُ فوق موجه الغاضب

زورقا ورديا لتبحر به..

                          الى أول ركن في قلبي

وتمسحَ آخرَ قصيدة للرثاء،

للشوق المحتضر.

وعلى أجنحة الصفحة البيضاء،

ترسم سطور الغد الآتي.

وقبل أن تهوي أوتادُ الفؤاد

ترفع عليها

                     رايةً خضراء

                                        وتعلن السلام ...

إن إحساس الشاعرة بوجعها لا يكفي ، فالمشاعر لا يمكن أن تصل الى كامل طاقتها الايحائية المطلوبة فضلا عن طاقتها التأثيرية من دون أن يكون ذلك الإحساس وتلك المشاعر مدعومة    بالصور المعبرة ، فالصورة الشعرية في الشعر الحديث هي استنطاق لحالة الصمت وانقطاع القدرة وما تفرض العلاقة السرية المتلازمة بين المرئي واللامرئي والروحي واللاروحي ، لذلك لجأت شاعرتنا وبنجاح إلى الاستعارة وترهين لقطة الصورة الشعرية لأفق تأويلية خصبة تناجي أقاصي الوعي عند المتلقي ، ولعل هذا من صميم عمل الشعر الحديث .

المشـاهدات 17   تاريخ الإضافـة 11/02/2025   رقم المحتوى 59180
أضف تقييـم