
![]() |
نور السعيدي..نصّ بهويّات متعددة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
في قصيدة (أسئلة بالتاء المفتوحة) تسند الشاعرة العراقية نور السعيدي ظهر الحداثة على حائط مبكىً شقوقه غائرة في سراديب التراث وأوجاعه معجونة بماء وتجصص البناء الشعري ، وبمِلاط الترميز، وتركيب الصور الشعرية داخل إطارات من الإيحاءات الأسلوبية القابلة للتأويل خارج أنساق الأيديولوجيا، وهذا استدعى من الشاعرة تطعيم أسلوبها وخطابها الشعري، وربطه ضمنيا بقيمة إنسانية قاربت على الانقراض من منظومة القيم المجتمعية المتوارثة. وديدن الشاعرة نور السعيدي طوال رحلتها مع هذا النص في صراع لا يستكين من أجل محاولة الفصل بين الدال والمدلول، والانتقال من الحسيّ إلى المجرد وحفر معانٍ عميقة داخل مجرى عملية التواصل تتسارع فيه موجات تَتْرَى من الصور الشعرية التفاعلية مضفورة باستقاء المشابهة بين وحدة الإيقاع الداخلي، والتنغيم الفكريّ الذي تصنعه المعاني لا الحروف، بينما الموسيقى التصويرية في خلفية القصيدة جاءت كتعبير دراميّ عن تفاعلات بين الصور والأفكار. في هذه القصيدة سيلحظ القاريء لمحات خاطفة من الصور الشعرية المشعّة والتي تشبه بقع الضوء أو أسهم الشهب المتساقطة من سماوات الأفكار وداخلة الغلاف الشعري للقصيدة وسرعان ما تحترق؛ وهذا يدفعنا لمحاولة تفكيك الخطاب الشعريّ ودراسة العلاقات المتحاورةة بين أنظمته وتشكلاته. وسنلحظ سمة أخرى جديرة بالإشارة في خطاب العراقية نور السعيدي الشعري ففي مظهره يحمل بطاقة مرور واحدة لعقل ووجدان القاريء، بينما تعتمل في باطنه تفاعلات هائجة لهويّات متعددة؛ فهو ينطوي على هُوية أيديولوجية لا تتزحزح عن الثوابت الدينية، وهويّة فلسفية تناقش الثابت والمتحوّل بصوت مرتفع لا يهدأ، وهويّة اجتماعية تحاول فرز الأصيل من الدخيل وغربلة الغثّ من الثمين، وهويّة تاريخية تبريريّة تجتهد في استقراء الماضي وتحاول ردُّ اعوجاج الحاضر لعِلَّة كامنة فيه لم يستطع أن يبرأ منها، .. إلخ وإذا كانت الحياة في تفاعلاتها قائمة على على ثنائية الهدم والبناء، فإننا نرى نور السعيديّ تحاول في قصيدتها (أسئلة بالتاء المفتوحة) بناء مثلث إبداعي من الأفعال بزوايا حادة وقاطعة؛ فأمّا الزاوية الأولى فتسعى إلى تثوير الفعل الشعريّ، وأمّا الزاوية الثانية فتعمل على محاورة الفعل الفكري، والزاوية الثالثة والأخيرة فتشتغل على توظيف الفعل اللغوي في إطار عملية نشطة من التواصل وترتكز على منظومة من الإحالات المرجعيّة التي يمكن للقاريء أن يلحظ أشباحها تظهر وتختفي بين بين السطور. وفي الأخير نحيل القاريء هنا إلى التحاور مع نص نور السعيدي؛ لأننا أيقنا بأن محاولة تجزئة وتقطيع فقراته قد يهلهل الفكرة، وينثر شظاياها تحت قُبَّة العمود الصحفي فلا يدري مبتدها من أُخراها. (أسئلة بالتاء المفتوحة) [لم يكن العالم يدري/حين وقفتْ على باب قمارش*/أمام تمثال لحارس ماخورة/لإستلحاق ليلة كرعها التاريخ/ليلة سقوط غرناطة/لتسأله ،،،/-- لماذا من الجٓوسٓسسٓة/ كل الوجوه مُرتوية بالهزائم/تركض في الفراغ/من جوعٍ عَضّاض صائح بصولة/حين إستأسد إناء الله للتسول؟؟-- لماذا يبيع النمل أسنانا لديدان القبور؟؟-- لماذا كل حرائقنا لا تدون مذكراتها /وتتهم (نيرون) بإشعالها؟؟-- لماذا يتلمظ (السامري)/بغرف الإعترافات السرية/ليُفهرس حتى سِباب السكارى؟؟؟-- لماذا (رامبو) التحق بكتيبة القمل/وردّد أناشيد المستودعات ؟؟؟-- لماذا أكياس الجثث المُدخنة تملأ ثلاجات الموتى ؟؟/-- مَن سينشد كورال (الأسمال المُخنثة على الحبال)/أمام البابا وحجيج أور؟؟-- لماذا حبال المشانق مصابة بفتقٍ مُزمن/في السجون المكتظة؟؟-- من يفاوض دودة شريطية ببطن الخراب/للعبة بنرد من ورق والخاسر تركله سدنة الله ؟؟/-- من نتف لحية (لينين) العنزية/تمساح عِنين،،أم ملقط من خوص مكنسة؟؟-- لماذا القطط تُخرمش أحلام الابواب؟؟-- لماذا ننزل من السلالم المدولبة/لنخسر كل المعارك ولم نكسب حربا؟؟-- هل أملى بهلول بفتواهُ على الرشيد/بحفلة شواء؟- مَن أتهم الحمامة بتحريض فزاعة/بحرق حقول الحنطة ؟؟؟-- مَن الصائح ،،،إذا فار التنور وهم من كل حدبٍ ينسلون/الدفان وحده البرجوازي بعربة آلله ؟؟؟-- لماذا كل مسارح الجريمة من إخراج الزومبي/ضد مجهول ؟؟-- لماذا التاريخ منديل محظية/وتل العمارنة * كرمالٍ مسجونةٍ بساعة رملية ؟؟؟-- وانت ،،أيها المتصامم */يا إياك ويا إياني/لماذا منذ ان ضعيتْ قمارش نِعالها بأطلس المسلات/وانا ما زلت مربوطة/بذيل كلب؟؟؟ هوامش القصيدة: - قمارش/ قاعة السفراء بقصر الحمراء التي اتفق فيها أبوعبد الله الصغير على تسليم الأندلس للكاثوليك. - تل العمارنة/ منطقة أثريّة بصعيد مصر اكتشفوا فيها ألواحًا طينية مكتوبة بالخط المسماري،المتصامم/ المتصنع الصمم |
المشـاهدات 81 تاريخ الإضافـة 16/02/2025 رقم المحتوى 59326 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |